محمد الساعد

مع نهاية هذا العام يكون مر 83 عاماً على بدء العلاقات السعودية - الأميركية، عندما أعطى الملك عبدالعزيز حق اكتشاف البترول إلى شركة أميركية العام 1931، واليوم أيضاً يكون مر حوالى ثلاثة أشهر على بدء التحالف الدولي غاراته الجوية على تنظيم داعش الإرهابي، وأثبتت التجربة أن أي تحالف دولي يعمل في الإقليم «العربي» من دون الشريكين الكبيرين (السعودية وأميركا) فمآله الفشل الذريع، والشواهد على ذلك كثيرة. واليوم أيضاً يقوم الأمير متعب بن عبدالله بزيارة في غاية الأهمية إلى الولايات المتحدة الأميركية، سيكون لها ما بعدها في العلاقات التي حققت انفراجاً معقولاً خلال الأشهر الماضية، إثر أزمات متتالية، مرت بها في الأعوام الخمسة الماضية، خصوصاً مع المفارقة في الرؤيتين المختلفتين لما يطلق عليه «الربيع العربي». وكانت تلك المفارقة بدأت عندما روجت الإدارة الأميركية لما يسمى بـ«الفوضى الخلاقة»، والتي طبقت فعلياً خلال الاحتجاجات غير الرشيدة التي اجتاحت بعض الدول العربية، من دون النظر إلى مصالح المنطقة والسلم الأهلي فيها، والحفاظ على الدول المتضررة من التفكك أو الحروب الطائفية. وعلى رغم الاختلافات الجوهرية في النظرة الحالية والمستقبلية لقضايا الإقليم بين (السعودية وأميركا)، إلا أن الشريكين يبدو أنهما في طور التوصل لصيغة جديدة من العلاقات. هذه الصيغة تقوم على مجموعة من الأسس التي تؤخذ في الاعتبار.

&

أولاً: أن الإقليم العربي يبقى مسؤولية دوله وشعوبه، وأن أية محاولة لاختراقه أو اختطافه ستدفع الدول «الكبرى» في الإقليم العربي لمقاومته والوقوف في وجهه.

&

ثانياً: أن التعامل مع دول التخوم غير العربية (تركيا وإيران) على حساب الشركاء هو بمثابة بيع مباشر للعلاقات (السعودية - الأميركية)، وهو ما يؤدي لتبعات لا تريدها السعودية ولا الولايات المتحدة الأميركية.

&

ثالثاً: أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها أسواق النفط في العالم «حالياً»، ومن بعدها الاقتصاد العالمي، تؤكد مرة أخرى أن تحول الولايات المتحدة الأميركية إلى واحد من أكبر منتجي النفط في العالم لا يعني بالضرورة السيادة على سوق بنيت بأيدٍ سعودية خلال 80 عاماً، بل يؤكد أن حمى الانهيار لن يوقفها إلا أخذ المصالح الاستراتيجية السعودية في الاعتبار.

&

رابعاً: مرت العلاقات (السعودية - الأميركية) بمحطات عدة خلال العقود الماضية، كان من أهمها اللقاء التاريخي بين القائدين الكبيرين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت، ثم إيقاف تصدير النفط العام 1973، ثم الحرب (العراقية - الإيرانية)، ثم تحرير الكويت، ومروراً بأقسى مراحلها خلال الـ11 من أيلول (سبتمبر)، إضافة إلى تداعيات «الربيع العربي»، لتصل اليوم إلى الزيارة التاريخية لحفيد الملك المؤسس وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله والتي ستدشن مستقبلاً جديداً من العلاقات الاستراتيجية.

&

خامساً: أن الطرفين يجب أن يقتنعا بأن هناك أطرافاً عدة (بدءاً بالمتطرفين، وانتهاء بعواصم غير ودودة في المنطقة)، سعت وتسعى للوقيعة بين واشنطن والرياض، والإضرار بالتحالف العميق بينهما، وتعتقد أن مصالحها لن تتحقق بوجود تفاهم (سعودي - أميركي).

&

ولا أدل من ذلك تعمد استهداف المصالح الأميركية خلال الحرب الإرهابية التي واجهتها السعودية بين 2003 و2005، إضافة إلى استخدام 15 شاباً سعودياً ووضعهم ضمن منفذي عمليات الـ11 من سبتمبر.

&

سادساً: أن التفاهمات الجديدة تؤكد أن الاقتصاد لن يكون «كل العلاقات»، كما كان سابقاً، بل إن المصالح الأمنية والسياسية في المنطقة للشريكين يمكن أن تبني علاقةً أكثر متانة، فلا السعودية ستتخلى عن دورها «الجيوسياسي» في الفضاء العربي والإسلامي، ولا عن تحالفها مع «مصالحها الخاصة»، كما لا يمكن لأي مشروع أن يمر في هذا الفضاء من دون مباركة ورضا سعودي.

&


&