أحمد الفراج

يلاحظ المتابع أن الشعبية الجارفة في وسائل التواصل الاجتماعي هي للمناضلين المزيفين، وهم مناضلون من على الأرائك، وقد أسميناهم بمناضلي الكراسي الفارهة، والغريب أن هذه الشريحة لا تفكر بما تكتب، فالمهم هو كم التصفيق الحاد، وزيادة المتابعين، ولا يهم، بعد ذلك، إن كان هناك تناقضات في الطرح، فالواحد من هؤلاء المناضلين «المرفهين» يبحث عن شعبية بأي ثمن، ومعظمهم فشل في الكتابة من خلال الصحف، وهي مؤسسات لها اشتراطاتها، وقيمها المهنية، والأخلاقية، وبالتالي وجد هؤلاء ضالتهم في إعلام منفلت، ووجدوا جماهير تصنع أبطالا من ورق، ولعلكم شاهدتم منطق بعض مناضلي المنازل، عندما تورطت بعض الوسائل الإعلامية، واستضافتهم في برامجها، فالشهرة وحدها لا تكفي لصنع مثقف محترم.

يركز هؤلاء المناضلون «المزيفون» على محاربة الوطنية، ونظرا لجهلهم وجهل متابعيهم، فإنهم يخلطون ما بين «الوطن» و»الحكومة»، فتجدهم يجلدون الوطن ليل نهار، ويشيدون بدول أجنبية، من باب النكاية!!، مع أن الوطن قيمة ثابتة، وهو شيء مختلف تماما عن الحكومة، وأجهزتها البيوقراطية، فنقد هذه الأجهزة، مثلا، يعتبر ضربا من ضروب الوطنية، إذا كان صحيحا، ومبنيا على حقائق دامغة، ولهذا لا يمكن لأي سياسي في حزب غربي حاكم أن يتهم أعضاء الأحزاب الأخرى بالعداء للوطن، لمجرد نقدهم لأداء حكومته، لأنه يعرف أنهم ينتقدون الحكومة، ويعلم أنهم أكثر وطنية منه، وهذا الخلط الناجم عن جهل هو ما يجعل الكثير من «المتلونين» هنا يحجمون عن الحديث عن الوطن، وإنجازاته، خوفا من هؤلاء المناضلين المزيفين، ومن جماهيرهم المنفلتة من أي قيد.

في هذا السياق، يكتفي مغرد شهير بإطلاق الدهماء من أتباعه على كل من يخالفه، وعلى كل من يشيد بالوطن، وعلى كل من ينتقد بلدانا أجنبية بعينها، وتأتي «إشارة» الهجوم من المغرد لقطيعه التابع عن طريق إعادة تغريدات خصومه فقط!!، ثم يتولى القطيع مهمة الشتم، والقذف، والتحقير لذلك الخصم، ويا لها من مهمة عظيمة!!، ويقال إن هذا المغرد «المرجوج» يحصل على مبالغ مالية من تلك البلدان، نظير خدماته لها، والغريب - يا أحبتي - ليس فخرا ذلك المغرد «المضطرب» بمثل هذا الفعل الجبان، بل الغريب حقا هو فخر «القطيع» بقيامهم بمهمة الشتم بالنيابة!!، فهم أدوات طيعة، يسخرها « المرجوج» لضرب خصومه من المثقفين الوطنيين، ويستعصي على فهم كل أحد كيف يضع إنسان نفسه جزءا من قطيع منفلت، تحركه إعادة تغريدة، لينفلت من كل القيم الأخلاقية، وينفذ ما يطلب منه المغرد، وهاتف العملة، المدفوع الثمن، والخلاصة هي أن «الوطنية» ليست عارا يا قوم، فمن لا يحب وطنه، فلن يحب أي شيء آخر، فهل تعقلون؟!.
&