راجح الخوري
&
سواء كان تشاك هيغل قد استقال من وزارة الدفاع الاميركية ام أُقيل منها، فقد كان واضحاً منذ اربعة اشهر على الأقل، أنه لم يعد يطيق البقاء في قفص باراك (اوماما)، الذي تديره سوزان رايس، حيث يتم تقرير كل شؤون السياسة الخارجية والدفاعية وراء ابواب مغلقة، طالما نظر هيغل اليها على انها عقول مغلقة!
&
قبل اسابيع كشف مسؤولون في "البنتاغون" لصحيفة "النيويورك تايمس" ان هيغل وجّه مذكرة الى رايس انتقد فيها الاستراتيجية الاميركية في سوريا، وقال ان على واشنطن ان توضّح موقفها من نظام الاسد، وعندما سئل عن الأمر رد بطريقة تنطوي على انتقاد ضمني لأوباما: "علينا ان نقدم الى الرئيس ومجلس الأمن القومي افضل ما نفكر فيه في هذا الشأن... يجب ان يتسم الأمر بالنزاهة والصدق"!
&
الفرق بين هيغل وغيره من المستائين الكثر في ادارة اوباما من سياسته حيال سوريا ان هيغل المقاتل والجريح في فيتنام، يوجّه المذكرات بينما يقف غيره عند حدود التلميحات، لكننا في نهاية الأمر نجد مجموعة واسعة من المسؤولين الحاليين والسابقين يقولون ان سياسة التردد التي اتبعها اوباما في سوريا ساهمت في صنع الارهاب و"داعش"!
&
أوَلم تتهم هيلاري كلينتون اوباما بأنه ترك فراغاً في سوريا ملأه المتطرفون، وانه لم يستمع قط الى وجهات نظر، وكان يظهر تبرّماً من الدعوة الى اتّباع سياسة اكثر حزماً حيال مذابح النظام؟ أوَلم يستقل روبرت فورد سفيره في سوريا احتجاجاً على هذه السياسة وقد اعلن ذلك مراراً؟ أوَلم يقل وزيرا الدفاع السابقان روبرت غيتس وليون بانيتا هذا الكلام ايّاه؟
&
ثم هل يمكن ان نتجاهل شريط التلميحات الضمنية المتصاعدة التي يطلقها جون كيري ضد مسار السياسة الأوبامية، منذ تراجع عن توجيه الضربة الى الاسد بعد استخدام السلاح الكيميائي في الغوطتين، اذ قال: "لا يجوز ان ننتقل من سياسة الافراط في التدخل الى سياسة الافراط في الانكفاء"، وهل من الحكمة استبعاد خروج او إخراج كيري من وزارة الخارجية كما حصل مع هيغل، بعدما تسرّبت انباء عن ان اوباما يفكر في استبداله ايضاً؟
&
ذات يوم كتب المفكر الاميركي جون تشاينبك: "عندما أنظر الى مداخن البيت الأبيض أحسب انه فبركة كبيرة للأوهام"، وقبل فترة وصف انطوني كوردسمان الذي عمل مستشاراً لوزارة الدفاع السياسة الاميركية في سوريا بأنها "فوضى استراتيجية"، رداً على كلام اوباما عن تحديد هذه الاستراتيجية، ومن الواضح ان تشاك هيغل وهو الجمهوري الوحيد في ادارة اوباما الديموقراطية، قرر الهروب من فبركة الأوهام، التي تعرض دائماً رشاقة اوباما الراكض والقافز على السلالم، اكثر مما تعرض من الاستراتيجية والسياسة!