نورة السويدي
&
عودة العلاقات الخليجية مع الشقيقة قطر، إلى حضن التعاون الواحد وإزاحة غبار الخلاف بين دولنا، كان محطة حتمية ومتوقعة ولازمة، في ضوء التاريخ الجامع والمصير المشترك والرؤية الواحدة، التي تربطنا وتجمعنا.
&
فبيتنا الخليجي لا يحتمل خلافات التوجهات، لأنه بيت واحد بطبيعته لا يمكن تقسيمه، ولا يحتمل أصلاً أن يكون منقسماً، بل الأمر الأكثر أهمية أنه لا مصلحة لأحد في دول التعاون، أن يكون بين الأشقاء شيء من التوتر.
&
وقد أثبتت الإمارات من خلال تعاملها مع الأزمة منذ البداية، ثم عملها مع الأشقاء في رأب الصدع الخليجي، تمسكها بنهجها المتسامح الأخوي، وقيادتها الرشيدة ودبلوماسيتها الحكيمة التي تنظر إلى الأمور بمآلاتها.
&
وتنطلق وفق مبادئ الحرص على وحدة الصف ونبذ الخلاف وتقريب وجهات النظر، وهو نهج آمنت به الدولة منذ نشأتها، وحملت لواءه خليجياً وعربياً وإقليمياً، لأن الإمارات تؤمن بأن لا سبيل إلى التعايش بين البشر، فضلاً عن التقارب بين الدول، إلا عبر بوابة الحوار.
&
المصالحة الخليجية التي أسفر عنها اجتماع الرياض المبارك، أكدت صدق النوايا الخليجية المتبادلة بين دول التعاون، والعمل المشترك لدعم الاستقرار وجهود التنمية، والحرص على مستقبل دول المنطقة، وهو بلا شك دافع قوي يعيد رسم الموقف الخليجي في مختلف الملفات العربية والإقليمية.
&
وتوحيد وجهات النظر أمام التحديات التي تمر بها المنطقة العربية، والنظر بعيون الحكمة والمصلحة العربية الكبرى، وتحديد الموقف من الأخطار التي تتهدد استقرارنا، وإغلاق الباب أمام من كانوا يحلمون باختراق الصف الخليجي عبر بث التفرقة بين دوله.
&
ولا شك أن قمة الرياض، مع ما أفضت إليه من إعادة برمجة للعلاقات، سيكون لها بالغ الأثر في إظهار حجم التماسك القوي في النسيج الخليجي، والعلاقات الأخوية التي لا تقبل النزاعات، وتبرهن على الجذور القوية والأصول الراسخة والتاريخ المضيء بين دول التعاون، ما يجعلها تتسامى فوق الخلافات العابرة، وتعمل بصدق على تغليب المصلحة الجماعية على النزعات الخاصة.
&
ومنذ بداية الأزمة كان اليقين لدى أبناء الإمارات، وأبناء الخليج عموماً، بلا شك، بأن الإخوة لا بد أن يعودوا إلى البيت الذي يجمعهم، واثقين من حكمة قيادتنا وصدق النوايا بين دول الخليج، ومستندين إلى أن الشعوب لا تقبل أن تفرقها المواقف السياسية، وهي التي تربطها ثوابت التاريخ وتحديات الواقع وأهداف المستقبل، والتي لا يمكن تحقيقها إلا بالوقوف صفاً واحداً.
&
ولذلك كان الانطباع راسخاً بين الجميع على المستوى الشعبي ومثله على المستوى الرسمي، بأن المسألة لا تعدو أن تكون أزمة عابرة كما يحدث بين جميع الأشقاء أحياناً، نتيجة اختلاف وجهات النظر وعدم الدقة في تحديد الأولويات.
&
وما إن تتضح الرؤية وتزول سحابة الصيف العابرة حتى تعود سماء العلاقات إلى صفائها الأول، وهو ما كان، ولله الحمد، وهو ثمرة حكمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي ورؤيتهم الاستراتيجية، وحرصهم الكبير على مصالح الشعوب وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعم حالة الرخاء والازدهار بين الشعوب.
&
مرحباً بعودة الصف الخليجي إلى سابق عهده، وهنيئاً لنا جميعاً في دول الخليج، بإزالة غبار الأزمة في علاقات دولنا، وعودتها إلى رحاب الثقة والتآزر والتعاون، لأنه لا يمكن أن ننعم بالخير المشترك والاستقرار وتعزيز التنمية، إلا في ظل هذا التصالح الخليجي، بعيداً عن أي شكل من أشكال التوترات.
&
ثم على الجهة المقابلة، فالخذلان وكل الخذلان لمن راهنوا على تشتيت البيت الخليجي وتقسيم الرأي الواحد، وتمزيق اللحمة الأخوية الكبيرة بين دوله، لأنهم راهنوا على سراب، ولن يجنوا إلا الخسران.