ايليا ج. مغناير: لا يمر يوم واحد دون ان يسجل تراجعاً عسكرياً لتنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) على ارض المعركة في العراق وسورية خصوصاً ان اعداء الامس - وإن لم يصبحوا حلفاء اليوم – قد اجتمعوا على دحر «داعش» ووضع حد لتمدده مع منتصف هذه السنة عندما دخل مدينة الموصل.
&
وقالت مصادر بارزة في قيادة عمليات بغداد لـ«الراي» ان «القوات العراقية مدعومة بقوات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة استطاعت اخراج تنظيم داعش من اكثر من عشرين قرية في محافظة ديالى الى جانب مدينتي السعدية وجلولاء، حتى خانقين وصولاً الى الحدود العراقية – الايرانية، وقريباً ستتقدم هذه القوات لاستعادة كل محافظة ديالى واعادتها الى كنف الدولة المركزية»، مشيرة الى ان «اللحمة والتنسيقات العسكرية اظهرت ذروتها بين قوات البيشمركة الكردية والقوات الآتية من بغداد ليكون التنسيق المدفعي والصاروخي وتقدم المشاة، بالتزامن مع الغطاء الجوي الذي تقدمه بغداد وقوات التحالف الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية عاملاً حاسماً في الإتجاه نحو القضاء على»داعش».
&
وتؤكد المصادر ان»العمل على تحرير صلاح الدين بدأ منذ مدة بتحرير آمرلي شمالاً والتقدم نحو تكريت حيث توجد قوات تتعامل مع داعش في المدينة وتبقي على خط الاشتباك متواصلاً حتى استقدام قوات اخرى للاطباق على تكريت، خصوصاً بعد فتح طريق مصفاة بيجي والدخول الى مدينة بيجي نفسها مع وجود جيوب ما زالت داخل المدينة يتم التعامل معها عبر محاصرتها وعزل امداداتها العسكرية والامدادات اللوجستية الاخرى«، لافتة الى ان»القوات العراقية اتبعت خطة تقدم لا يحدها عامل الوقت الذي يخدم القوات المهاجمة العراقية، والتي تتمتع بدعم ناري وجوي ولوجيستي، بينما تستطيع القوات المدافعة لداعش الصمود لفترة محدودة من الزمن، مما يحد من خسائرنا ونحافظ على العنصر البشري المهم والاساسي لدى القوات المهاجمة ليتم الانتقال الى مناطق اخرى».
&
واوضحت المصادر ان»محافظة الانبار تشهد هي الاخرى مسرح عمليات مشتركا بين القوات العراقية وقوات التحالف الدولية، اذ أن مناطق محافظة هيت تتعرض للهجوم من قبل قواتنا مما يدفع داعش الى موقع الدفاع عبر التمركز داخل المدن، ونحن نحاصره داخلها ونتعامل مع المدينة كمنطقة عدوة محتلة، مما يجفف تدفق الموارد لديها، الا اننا نعطي اولوية لخروج المدنيين مع حرصنا على الاعلان عن بدء العمليات العسكرية مسبقاً، وقد اعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي نية قواتنا بالتقدم نحو الموصل الشهر المقبل مما سيسمح للمدنيين بالخروج من المدينة قبل ان تطبق على مداخلها ومخارجها القوات العراقية وقوات البيشمركة، كما هو مخطط للسنة المقبلة وقد وردت معلومات عن اخراج داعش للسجناء في الموصل ونقلهم الى الرقة في سورية».
&
ومع خسارة التنظيم في جرف الصخر جنوب بغداد، وديالى شرق العاصمة، وسامراء شمالها، يصبح في الامكان القول ان حلم احتلال بغداد ذهب ادراج الرياح، اذ لم يعد لدى»داعش«اي منفذ الى العاصمة سوى السيارات المفخخة والانتحاريين الذين لم ينقطعوا عن العاصمة العراقية منذ العام 2004. ويحاول هذا التنظيم استعادة بعض ما خسره بالهجوم على مدينة الرمادي في محافظة الانبار وهي معقل داعش ومكان نموه، وقد استطاع دخول المدينة الا ان القوات العراقية المؤلفة من عشائر المنطقة لا تزال تقاوم داخل المجمعات الحكومية ومبنى المحافظة دون ان تتمكن القوة المهاجمة من احتلالها، مما يعطي الوقت الكافي لبغداد لزج قوات اضافية لدعم العشائر السنية في المنطقة، وقد قتلت داعش اكثر من 91 شخصاً من عشائر المنطقة الذين يحاربون ضدها ضمن قوات الصحوات.
&
وتحدثت المصادر لـ»الراي»عن ان»كتيبة من قوات التدخل السريع وصلت الى منطقة الشجرية غرب الانبار واشتبكت مع قوات لداعش كانت تحاول عبور نهر الفرات للتقدم نحو الباب الجنوبي الشرقي للمدينة، الا ان هذا التنظيم يحاول التعويض بقتل عدد كبير من العشائر السنية في المنطقة ليفرض عليها الحياد وعدم قبول الانخراط في الحرب ضدها«، مشيرة الى»ان ردت الفعل كانت عكسية وقد ازداد عدد افراد العشائر السنية الموجودة في الانبار بالانخراط بقوات الحشد الشعبي العشائري السني لمقاتلة داعش».
&
وتعد الأنبار من اهم محافظات العراق لاسباب عدة، فهي تمتلك حدوداً مع الاردن وسورية والسعودية، ولديها قنوات داخل نهر الفرات تسهل انتقال المسلحين من منطقة الى اخرى، وتضم الفلوجة التي تحاذي بغداد وتصل الى مشارف كربلاء. وقد قتل»داعش«اكثر من 322 فرداً من عشيرة البونمر السنية، الا ان هذا لم يمنع العشائر من التضامن ضدها، وعلمت»الراي«ان العبادي اتفق مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني على التعاون وفتح الطريق امام عشائر الانبار التي تملك امتداداً لدى عشائر الاردن لتضافر القوى ضد»داعش«، واهم العشائر العراقية هي: البوريشة، البونمر، الدوري، الجنابي، الجبور، البني بيات، الدليم، البوفهد، البوبالي، الجميلات، الحلبا، البوعيسى وغيرها، وقد قررت الحكومة العراقية بطلب من المستشارين الاميركيين دعم هذه العشائر كما فعلت اميركا اثناء وجودها في العراق لتنضم الى الحرب ضد»داعش«.
&
ولم تقتصر خسائر»داعش«في العراق فقط، بل اصبحت عين العرب (كوباني ) مقبرة لهذا التنظيم الذي يتعرض للابادة ببطء داخل المدينة فهو هدف لغارات جوية يومية تقضي على العشرات من الافراد والقياديين المتحصنين داخل المدينة بعد ان استهدفت القوات الدولية مدعومة من القوات العربية – الخليجية طرق الامداد بين كوباني ومدينة الرقة، التي تعتبر قاعدة لـ»داعش«في حين تتقدم القوات الكردية ببطء دخل المدينة لتفسح المجال امام الطائرات بالقضاء على المقاتلين في الداخل دون التعرض لخسائر بشرية. وقد جمع»داعش«ما فرقته السياسة منذ اكثر من 31 عاماً في الشرق الاوسط، اذ اتفق الاعداء والاصدقاء على القضاء عليه، ويوجد حالياً في العراق قوات اميركية واوروبية وقوات عربية وخليجية تشترك بالحرب على تنظيم»الدولة الاسلامية«مع قوات من الحرس الثوري الايراني وقوات من»حزب الله«وقوات من عصائب اهل الحق، التي اشتركت بقتل اميركيين اثناء وجود هذه القوات في العراق عام 2006 وكذلك قوات مقتدى الصدر التي حاربت اميركا، وقد استطاع»داعش«جمع هؤلاء تحت سقف محاربته ورفع الانذارات في الشرق الاوسط حيث قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ان»داعش» سيصل الى اوروبا خلال شهرين ان لم تجر مواجهته، وفتحت المملكة العربية السعودية الباب للعراق وسترسل سفيرها الى بغداد بعد قطيعة دامت 11 عاماً، وكذلك يحاول العراق والأردن تطوير تعاونهما من خلال وفود امنية متبادلة بين البلدين بعد ان اقترب الخطر من حدود الاردن (تفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري في طريبيل قبل يومين)، غير ان الحرب على داعش لا تكتمل الا باللحاق به الى سورية وهذا ما تعمل عليه الولايات المتحدة الاميركية مع حلفائها في المنطقة، رغم ان معضلة بقاء الرئيس بشار الاسد تبقى العائق الحالي امام اللاعبين الاساسيين.