يحيى الجمل
&
من هم الذين أقصدهم في هذا العنوان؟ أقصد بوضوح وبغير لبس، الصهاينة الذين يحتلون الأرض الفلسطينية ويمارسون على أهلها أبشع أنواع الإرهاب والإذلال.
&
&ويمارسون - رغم استنكار العالم كله - سياسة الاستيطان وترحيل أهل القدس الأصليين، على اعتبار أن القدس بالنسبة لهم هي العاصمة الأبدية الموحدة لدولة إسرائيل، التي ترفض بكل صلف حلّ الدولتين..
&
وبالتالي ترفض أن تكون هناك قدس عربية وقدس إسرائيلية، هذه عاصمة فلسطين وتلك عاصمة إسرائيل. يقول بعض سكان البلدة القديمة (القدس العربية): أينما ذهبنا يوقفونا ويفتشونا، نحن في نظرهم مشبوهون وأعداء، ينظرون إلينا كأننا تهديد وليس كمواطنين في هذا البلد.
&
وقد حدث في الأيام الماضية أن اعتدى بعض الفلسطينيين على معبد يهودي وقتلوا اثنين من المصلين اليهود، وهذا عمل أرفضه ولا أوافق عليه إطلاقاً، رغم أن دوافعه قد يبررها الكبت والقهر والعدوان المستمر على المسجد الأقصى، ولكني مع ذلك لا أوافق على هذا الحادث من حيث المبدأ وإن كنت أفهم مبرراته. ولكن المستوطنين الصهاينة اتخذوا هذا الحادث ذريعة لمزيد من التنكيل والقهر والإذلال لكل من هو عربي...
&
رغم أنه تبين للسلطات الإسرائيلية أن هذا الحادث هو حادث فردي وليس وراءه تنظيم، كما قالت صحيفة «هآرتس» اليهودية نفسها. ورغم ذلك فإن سلطات الاحتلال تفرض على السكان العرب عقوبات جماعية، مما يزيد التوتر المتصاعد.
&
ويرى بعض الإسرائيليين أن هذا الذي تقوم به السلطات الإسرائيلية، سيجعل الحلم الإسرائيلي بقدس موحدة حلماً بعيد المنال.. إن هذا الذي يحدث يؤدي إلى عكس المراد. وفي مقال في صحيفة «يديعوت أحرونوت» جاء أنه بعد مرور 47 سنة على قرار توحيد القدس فإنها ظلت غير موحدة، وللأسف فإنها لن تكون موحدة بعد 47 سنة أخرى.
&
ورفضت السلطات الإسرائيلية نداءً أوروبياً، من أكبر خمس دول في أوروبا هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا، التي ذهب سفراؤها إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية ليعبروا عن وجهة نظرهم حول هدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية وزيادة المستوطنات، وكان رد وزارة الخارجية الإسرائيلية أن الإجراء الذي تقوم به السلطات هو إجراء يتفق مع القانون الإسرائيلي.
&
ومن قبيل الصلف وعدم الاهتمام بالرأي العام العالمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إن هذه السياسة مستمرة وإن الهدف منها ليس العقاب وإنما ردع الآخرين حتى لا يقوموا بأفعال مماثلة.
&
ومما يزيد الأمور توتراً، تصريحات لوزير الداخلية الإسرائيلي وتصريحات أخرى لوزير الدفاع، يدعوان فيها إلى حرمان الفلسطينيين المقيمين في القدس من مركز «المقيم الدائم». والمقيم الدائم غير المواطن، فالفلسطينيون لا يعدون مواطنين في دولة إسرائيل. إن أقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو مركز «المقيم»، وحتى هذا المركز تريد السلطات الإسرائيلية تجريدهم منه تمهيداً لطردهم.
&
وفي مقابل كل ما تفعله السلطات الإسرائيلية من تعنت وغطرسة، فإن منظمة التحرير الفلسطينية تحاول أن تسلك الطريق القانوني، باللجوء إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار دولي بالاعتراف بدولة فلسطين المستقلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر قرابة نصف قرن. وإسرائيل ترفض كل الإجراءات القانونية، وتستمر في سياسة الاستيطان والعدوان على المسجد الأقصى..
&
وتشريد الفلسطينيين وهدم منازلهم. وهذا كله له نتيجة واحدة هي زيادة التوتر وإبعاد احتمالات السلام، وأن هذه السياسة ستؤدي، على حد تعبير الرئيس عباس (أبو مازن)، إلى تصاعد العنف وإلى تحويل الصراع السياسي إلى صراع ديني، وأنه سيجر المنطقة إلى ويلات لن يعرف أحد عواقبها، على حد تعبيره حرفياً.
&
إن إسرائيل تدفع الأمور بعنف نحو الانفجار الذي أعتقد أن ضرره سيعود على الجميع، وأن إسرائيل ستكون هي الخاسر في نهاية المطاف.