أحمد عبد الملك
&
تداعى أهل الحكمة من قادة دول مجلس التعاون في الرياض من أجل تحصين مجلسهم من أية شوائب، ولطرد الغيوم التي تلبّدت بداية هذا العام؛ إثر تباين في وجهات النظر، قلنا عنه آنذاك إنه عابر ولن يؤثر على مسيرة المجلس.
&
وكان اتفاق الرياض التكميلي يوم 16/11/2014 إيذاناً بإغلاق الملف ومرتكزاً قوياً لدفع مسيرة العمل المشترك، بما يضمن قوة المجلس ومَنَعته، خصوصاً أن المنطقة محاطة بـ«شرور» كثيرة في الشمال والجنوب والشرق. وكان من نتائج ذالك الاجتماع قرار كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين إعادة سفرائها إلى الدوحة. وهو ما يمهد لعقد القمة الخليجية في دولة قطر في ديسمبر المقبل، وفقاً لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في افتتاحه دور الانعقاد الثالث والأربعين لمجلس الشورى هذا الشهر، حيث حدَّد موقف دولة قطر تجاه مجلس التعاون بقوله: «على صعيد علاقاتنا الخارجية، يظل مجلس التعاون لدول الخليج العربية البيت الإقليمي الأول، ويأتي دعمه وتعزيز علاقاتنا بدوله الشقيقة كافة، وتعميق أواصر الأخوة بيننا، في مقدمة أولويات سياستنا الخارجية. وفي هذا الإطار فإننا نرحب بأشقائنا قادة دول المجلس في قمتهم التي تستضيفها دولة قطر خلال الشهر القادم، آملين أن نخرج من هذه القمة بالقرارات التي تلبي وتحقق تطلعات وطموحات شعوبنا الخليجية، وتساهم في تحقيق ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة».
&
ونحن على يقين بأن جميع قادة دول المجلس يحملون الهموم والتطلعات نفسها، وهم حريصون على تلاحم شعوب المجلس والاتفاق على وحدة المصير المشترك.
&
لقد تنفست شعوب الخليج الصعداء بنتائج الاجتماع الأخير، وجهود تقريب وجهات النظر التي قام بها سمو الشيخ جابر الصباح أمير دولة الكويت، خصوصاً أن أبناء الخليج يجتمعون في لقاء رياضي شعبي (دورة كأس الخليج الثانية والعشرون) في الرياض؛ يتحاورون ويتنافسون بروح من الودِّ والمسؤولية، ولكأن هذه الدورة فأل طيب للخليج.
&
كان البيان الخليجي متفائلاً جداً، كما علمتُ من مصادر مسؤولة أن مناخ المداولات كان ودياً، وأن الإصرار على دعم مسيرة التعاون وإزالة أية شوائب كان بادياً في مداولات اجتماع الرياض. وهذا ما يدعونا لمزيد من التفاؤل بنجاح قمة الدوحة المقبلة، وإن كانت ملفاتها في غاية الأهمية، فمساحة العنف تُحاذي دول المجلس من كل صوب. والأمن السائد الذين ينعم به أهل الخليج يُشكل مبعث حقد لكل الذين لا يريدون خيراً بغيرهم. ودول المجلس بحاجة لمحاصرة ومتابعة كل الذين «يحرّضون» على العنف، ويستغلون الدين لزعزعة البلدان الآمنة، وقتل النفس التي حرّم الله، و«تثوير» الشباب لأهداف لا يقرها العقل ولا المنطق. كما أن المتسللين من دول الاضطراب، والذين «حلا» لهم الجو في المنطقة، وهم يحملون «أجندات» خارجية، تجب متابعتهم. الأمر يحتاج لمراجعة دقيقة، لأن المنطقة لا تتحمل أية اهتزازات أمنية، ويجب أن تؤمن كل دول المجلس بسيادة الدول الأعضاء، حتى وإنْ اختلفت سياسات بعضها، فوجود «نسخ كربونية» لسياسة واحدة قد لا يكون ممكناً الآن.
&
وعلى الجانب الإعلامي، ظهرت بعض الأقلام المتشنجة خلال الفترة الماضية، وتبادل أبناء العمومة والخؤولة كلمات لم تكن في قاموس خليجنا الواحد، وساد حذر لدى البعض من التنقل الحر بين دول المجلس، ودخل على الخط من لا يدرك أبعاد السياسة، وتم تسميم الأجواء. لكن الحكمة تغلبت، وانقشعت الغيوم الطارئة عن السماء الخليجية، لذلك أن نؤكد أن الاختلافات السياسية يحلها أهلها من ذوي الاختصاص وليس المتشنجون.
&
نحن نتطلع إلى لقاء قادة دول مجلس التعاون في قمة الدوحة، وإلى قرارات تصب في مصلحة شعوب دول المجلس، وبما يضمن أمن الدول واستقرارها، واستكمال مشاريع التنمية فيها، من أجل رخاء هذه الشعوب وتقدمها، وانصرافها لخدمة بلدانها بعيداً عن الأفكار الهدامة والمطالبات غير الواقعية التي ترتكز على أجندات خارجية لا تريد خيراً للمنطقة.