راجح الخوري
&
ليس غريباً ان يطغى الهاجس الأمني على الإجتماع التحضيري لوزراء خارجية دول "مجلس التعاون الخليجي"، ثم على قمة الزعماء الخليجيين التي ستعقد في الدوحة في ٩ و١٠ كانون الأول المقبل، إذ يكفي ان نتذكر الانهيارات الأمنية المتصاعدة في عدد من الدول العربية مثل العراق واليمن تحديداً، والمؤشرات لتصاعد التهديدات الارهابية التي تواجه دول المنطقة، حيث كانت السعودية، مثلاً، قد نجحت قبل ايام في توجيه ضربة قوية الى خلية "داعشية"، في سياق حربها المنهجية التي تشنها على الارهاب.
&
الاعلان عن مشروع لتشكيل شرطة خليجية موحدة مقرها ابو ظبي أمر ضروري وملحّ، لكنه مجرد خطوة صغيرة في مسيرة طويلة يفترض ان تكون جادة وحازمة كي تبلور اطاراً صلباً للتعاون الأمني والعسكري الدفاعي بين دول الاسرة الخليجية، التي تهبّ عليها رياح طموحات وتدخلات وإستهدافات اقليمية ليست خافية على أحد.
&
من هذا المنطلق وبعد المصالحة الخليجية التي هندسها أمير الكويت الشيخ صباح بتشجيع من خادم الحرمين الشريفين وبترحيب حار من أمير قطر الشيخ تميم، ستكون القمة المقبلة في الدوحة إحدى اهم القمم الخليجية على الاطلاق، لأنها ستعالج مجموعة واسعة من الملفات الساخنة والداهمة، لتعميق التفاهم بين دول المجلس بما يساعد على مواجهة التحديات على المستويين الداخلي والاقليمي وحتى الدولي.
&
وهكذا عندما يعلن وزير الخارجية القطري خالد العطية ان الخلاف أصبح من الماضي وان التركيز الآن على"روح التعاون الصادق بين دول المجلس من اجل خليج قوي ومتماسك... وان وحدة ولحمة الخليج شيء مصيري"، وعندما يتصل الشيخ محمد بن زايد ولي العهد مهنئاً بفوز قطر ببطولة كأس الخليج لكرة القدم، فان ذلك يفترض في القمة ان تكون مصيرية فتخطط لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وتضع الملفات الساخنة دفعة واحدة على الطاولة وتطلق العمل الجاد لمواجهتها.
&
مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف وخلاياها التي تستهدف دول الخليج، أولوية تفرض تعاوناً امنياً واستخبارياً وعسكرياً بين دول المجلس، وكذلك مواجهة التدخلات الاقليمية والتداعيات والحرائق المتصاعدة عند الحدود تمثّل أولوية أخرى داهمة تفرض مد جسور التعاون الخليجي الى الضفة العربية وتحديداً المصرية.
&
بمعنى ان يتم توسيع التنسيق الأمني والتعاون العسكري ليشكّلا قوة بمثابة كماشة قادرة على موازنة التحديات الاقليمية المتزايدة، ومن المؤمل في هذا السياق ان تتعمق المصالحة التي أقرّتها القمة التحضيرية في الرياض بين قطر ومصر، وخصوصاً انه سبق للدوحة ان أثنت على الدستور المصري الجديد وفتحت الابواب لاستعادة العلاقة الدافئة مع القاهرة من خلال إبعاد بعض قيادات "الاخوان المسلمين"، وكان الشيخ تميم في طليعة الذين قدموا التهنئة الى السيسي!