زينب غاصب

حلّ معرض الفيصل شاهد وشهيد في جامعة جازان الأسبوع قبل الماضي بعد عرضه في كل من جدة، والرياض، وبعض المدن الأخرى.

&

ربما أن الملك فيصل في حياته كان يريد أن يزور جازان؟ وربما أن ظرفاً ما في ذلك الوقت أخَّر تلك الزيارة؟ لكن موته لم يمنعه من زيارة هذه المنطقة العريقة والجميلة، التي استقبلته بحفاوة الأحياء لا الأموات.

&

دائماً تأتيك جامعة جازان بالمدهش من الفعاليات الوطنية، والثقافية، والعلمية، فهي ما أن تنتهي من فعالية إلا وكانت الفعالية الثانية في الطريق، يتنافس طلابها وطالباتها في الإبداع والنجاح مع صرامة مناهجها، وكثرة برامجها التدريبية، وتخطيطها المستمر في تخريج الكوادر المؤهلة علمياً وفنياً وعملياً.

&

حضر الفيصل بزخمه التاريخي، ودوره القيادي في إدارة المملكة في ذلك المعرض بكل سيرته الحافلة بمواقفه الشجاعة، داخل المملكة وخارجها، وقراراته المساندة لقضايا أمتيه العربية والإسلامية، بالصورة والصوت والشرح، من خلال أبنائه وبناته الذين حضروا إلى جازان؛ لمساندة الجامعة في إحياء ذكرى والدهم، وكذلك من خلال ما عايشوه وعاصروه في حياتهم بقربه.

&

لم يكن ذلك المساء عادياً في جامعة جازان، وفي مدينة جازان، فقد حضر التاريخ عن طريق الندوات والمحاضرات، وحضرت البراهين عن طريق التسجيلات، والفيديوات، وحضرت الكاميرات لتلتقط المعروض من صدى السيرة الحاضرة، في مسيرة صانع دولة حديثة، ابتكر لها المقومات الأساسية في البناء والتعمير والتطوير، فكانت الخطط الخمسية المثمرة، التي جعلت منه صاحب الأولويات في ابتكارها، ونتائجها على أرض الواقع، ثم تبعتها أولوية في تخصيب الأراضي البور ومشاريع الري، والتنقيب عن المعادن، وتوسيع دائرة التعليم التي بدأت منذ عهد أخيه الملك سعود لتعليم البنين والبنات، وتوسعة الحرمين الشريفين والاتصالات والخدمة الاجتماعية، وكل المشاريع التنموية التي توالت منذ عهده وحتى الوقت الحاضر، إلا أن تبنيه مشروع حركة التضامن الإسلامي يعتبر من أولوياته التي سعى لها؛ لوقاية الأمة الإسلامية من المخاطر التي كانت تهددها، وكأنه كان يقرأ ما يعيشه حاضرنا الإسلامي الآن من شتات وتفرقة وانهيار في بنيته التحتية والسياسية.

&

استقبلت جازان معرض الفيصل بحفاوة استقبال الإنسان القادم حياً، فارتفعت الإعلانات التي نشرتها في الشوارع والمطار والشواطئ والمرتفعات، فتدفق المهتمون على المعرض من كل المناطق، طلبةً من الجنسين وباحثين وأكاديميين ومقيمين، عدا الضيوف الذين دعتهم الجامعة من جميع مناطق المملكة وجامعاتها لحضور المعرض، من إعلاميين وكُتاب ومثقفين، إضافة إلى كادر الجامعة حتى من المتعاقدين الأجانب العاملين فيها، فاختلطت اللغات، العربية، والإنكليزية، وغيرها، بلغة واحدة هي لغة الفيصل، وشخصيته، ومواقفه الفاصلة في مساندة القضايا العربية، كأول زعيم وملك عربي يقطع النفط عن الدول المساندة لإسرائيل وأولها أميركا.

&

سررتُ كثيراً وأنا أرى مجموعة من طالبات الجامعة يشرحن للضيفات الإنكليزيات في الفعاليات النسائية، بعض من سيرة الفيصل وهو ما يؤكد أن الجامعة نجحت في تدريس طلبتها من الجنسين، اللغة الإنكليزية لدرجة الإتقان والشرح والوعي بقيمة الشخصية التي يتحدثون عنها.

&

هكذا كتب الفيصل تاريخه، ليظل حياً يزور ويزار، ويستخلص الباحثون دروساً من مواقفه الشجاعة وخدماته لوطنه ومواطنيه وأمتيه العربية والإسلامية، فالتاريخ لا ينسى الرجال الذين صنعوا الفرق، وصنعوا الحاضر، وأشغلوا الناس بإنجازاتهم أحياءً وأمواتاً، تاركين خلفهم إرثاً فكرياً وسياسياً، لمن يريد أن يصنع المجد لأمته.

&

الأسبوع الماضي كتب المغردون السعوديون، في «تويتر» وسماً (هاشتاق) في ذكرى ميلاد الملك فيصل، ضمنوه تقديرهم وشكرهم على ما قدمه لوطنه، فواكب هذا الهاشتاق المعرض في جامعة جازان؛ ليتوالى التاريخ في المناسبتين.. شكراً لجامعة جازان وللمغردين.
&