حسن عبدالله جوهر

بدأت بعض الدعوات من جديد لإطلاق مشروع حوار وطني؛ على ضوء حالة استمرار تردي الأوضاع والمخاطر الإقليمية وهبوط أسعار النفط والجمود السياسي الواضح الذي لا يقدم ولكنه يمكن أن يؤخر، مثلما هو جليّ في التخبط التشريعي الحالي، والكمّ الهائل من القوانين المقترحة، خصوصاً فيما يتعلق بتقليص الحريات العامة.


مبدأ الحوار دائماً محمود ومرحب به، ولكن غالباً يكون المبادر في طلب الحوار هو الطرف الأضعف في حين يرفض الطرف المنتشي بالغلبة السياسية في سيناريو طبيعي وفقاً لمعادلة الربح والخسارة، إلا أن رعاة الحوار عادة ما يكونون أطرافاً محايدة قد تعكس هموم الأغلبية الصامتة في المجتمع، وأكاد أجزم أن السواد الأعظم من الكويتيين من مختلف الشرائح والاتجاهات يعيشون حالة من الغضب والقلق والحيرة من تطورات المستقبل.


عندما بادرت مجاميع وشخصيات عامة بإطلاق مشروع للحوار الوطني قبل سنتين تقريباً كانت بعض القوى والرموز السياسية والشعبية مغلقة تماماً على نفسها مستقوية بالتعاطف الجماهيري الكبير، في حين كانت قوى أخرى بما فيها السلطة ترحب بذلك، أما اليوم فقد انعكست الآية حيث السلطة مرتاحة جداً سياسياً، ولهذا لا ترغب في فتح هذا الباب، في حين بدأت العديد من التيارات والقوى التي انحسرت سياسياً بطرق الباب، ومن المؤكد أن رد الصاع صاعين والمعاملة بالمثل لن يجديا، والطريق أمام هكذا مشروع يبدو "سكة سد".


أمام هذا المشهد يكون المخرج الوحيد في الوقت الراهن هو الحوار الوطني الشعبي ليس على مستوى القوى السياسية فقط، والتي استهلكت، وقد تحمل معها أجندتها السياسية للمرحلة القادمة، ولكن بين مختلف الشرائح الكويتية لتقريب الفجوات الكبيرة والحبلى بالاحتقان والشك، والقواسم المشتركة بين الكويتيين في أي مبادرة جديدة من هذا النوع بالتأكيد عديدة وواسعة، وتصب في أهداف موحدة: أولها إعادة اللحمة الوطنية وخياطة النسيج الاجتماعي الممزق، وثانيها المحافظة على الاستقرار السياسي والأمني، خصوصاً من أمراض الطائفية والقبلية والمناطقية.


لعل عنصر الشباب الأهم في هذا المشروع، فهناك مجاميع كثيرة جداً قد تحمل ذات الهموم، وتقصد نفس الطموحات، لكنها متباعدة ويغيب عنها التواصل والتنسيق، ومجرد جهد بسيط ولكن مخلص من شأنه أن يعيد الحياة لهذه الفئات الشابة، ويخلق منها رموزاً وقادة جدداً يكونون نواة لجبهة وطنية قوية تفرض رأيها وثقلها وآمالها المستقبلية على الجميع بما في ذلك القوى السياسية التقليدية والسلطة.


هذا المشروع مستحق، وقد تتبلور في الأيام القادمة ملامح تحرك جديد نأمل لكل من يتبناه ببصيرة وإخلاص وبدون مقابل مصلحي أو سياسي النجاح والتوفيق!
&