مرسى عطا الله

&

&لأننى من أبناء جيل نشأ وتربى فى كنف الأزهر الشريف ولم نعرف مرجعية معاصرة لديننا الحنيف سوى هذه القلعة الحصينة والصامدة فى وجه كل الدجالين والمشعوذين والمتطرفين

فإننى توقفت بالتأمل والاحترام أمام بيان مشيخة الأزهر عقب اختتام أعمال «مؤتمر الأزهر لمواجهة العنف والتطرف» والذى تضمن نفيا قاطعا لبعض ما تردد عن أن المؤتمر أفتى بتكفير تنظيم «داعش»... وحسب نص البيان فإنه «لا تكفير لمؤمن مهما بلغت ذنوبه لأننا لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا فى فتنة التكفير وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر الوسطى المعتدل أن يقبل به».
وفى اعتقادى أن أهمية هذا البيان تعود فى المقام الأول إلى حرص الأزهر الشريف على الفصل التام بين ما هو دينى وما هو سياسى حتى لو كان هناك تداخل بين ما هو دينى، وما هو سياسى على أساس أن الإرهاب فعل سياسى يمكن الحكم عليه بآليات الدولة وقوانينها الصارمة بينما الحكم بالكفر حكم دينى لو جرى القبول به والاحتكام إليه فى حالة بعينها ربما يجر الأمة إلى الانزلاق إلى أحكام دينية تقوض فكرة الدولة المدنية من أساسها، وأظن أن ذلك وحده يكفى لمؤازرة قرار الأزهر ودعم توجهاته المعتدلة والوسطية حتى لو كان لبعضنا رأى آخر فى داعش وكافة الإرهابيين.

والحقيقة أن الأزهر الشريف يتبع منذ سنوات بعيدة منهجا واضحا يؤكد من خلاله عدم جواز تكفير أى مسلم نطق بالشهادتين.. بل إن الأزهر الشريف فى مواقف عديدة سابقا خصوصا عندما أصيبت مصر قبل سنوات بما سمى بدعوى الحسبة كان واضحا بأن قضية الكفر قضية شرعية لا يملكها أحد إلا الله عز وجل وحده وليس من حق أى مرجعية دينية بما فيها الأزهر الشريف ذاته أن تحكم بتكفير أحد.

وفرق كبير بين إدانة كافة التنظيمات الإرهابية التى ترفع السلاح باعتبارها تمثل خطرا على الأمن والاستقرار وتهدد مصالح الأمة بأسرها ومن ثم تتطلب كل أشكال المواجهة الفكرية والأمنية والإقصائية وبين الانزلاق إلى فتح بوابة التكفير التى هى من قاموس ومانيفستو الخوارج القدامى والجدد الذين ألحقوا ومازالوا يلحقون بالأمة أضرارا بالغة!

خير الكلام:

<< بمرور الزمن تصبح الأفكار المتطرفة آثاما بالغة!
&