مطلق بن سعود المطيري

مشروع القرار الذي تقدم به الفلسطينيون لمجلس الامن الاربعاء الفائت يعد المشروع الاول الذي يعبر عن ارادة سياسية فلسطينية بصورة منفردة ، فقد اعتاد الفلسطينيون على استقبال المبادرات الدولية التي تقدم الحلول نيابة عنهم، حتى اصبحت القضية الفلسطينية ميدان تدريب سياسيا للدول والمنظمات الدولية تختبر فيه خيالاتها السياسية وقدرتها على انتاج الافكار التي تسمى حلا لتعقيدات القضية .

انفراد التفكير الفلسطيني في وضع تصورات عملية لانهاء قضية عمرها يقترب من 70 عاما يعني ان الساسة الفلسطينيين نجحوا في خلق فرصة للنجاح وليس النجاح ذاته، لان هذا الاخير يقع تحت رحمة الفيتو الامريكي الذي سوف يعطل أي صيغة حل لا توافق عليها اسرائيل، بينما الفرصة قد تحقق نجاحها فالتوجه لمجلس الامن بمشروع قرار يؤكد على وجود ارادة سياسية فلسطينية ملتزمة بالخيار السلمي وتسعى اليه ، كما ان الفلسطينيون اعادوا صياغة قرارات مجلس الامن السابقة من حدود 67 وعودة اللاجئين والقدس في مشروع جديد يستند على قرارات مجلس الامن السابقة ، ويطلب ما تعهدت به واشنطن اثناء رئاسة بوش الابن بان عام 2005 هو موعد قيام الدولة الفلسطينية ، التي تخلت عنها واشنطن وسحبت جميع تعهداتها للعرب والفلسطينيين .. فثقة الفلسطينيين بالشرعية الدولية لا يعبر عن ضعف بل عن التزام واستسلام للارادة الدولية التي وضعها القرار الفلسطيني اليوم في مواجهة مع قراراتها السابقة .

قد تنجح واشنطن وتل ابيب في افشال القرار الفلسطيني بقوة العضلات وليس بالشرعية والمفاوضات الشريفة ، فحسر خيارات الدولة العظمى بخيار القوة يعد نجاحا كبيرا في هذا التوقيت للفلسطينيين، لان ذلك سوف يستفز الشركاء الدوليين سواء الاوربيين او الروس والصين ويجعلهم يبحثون القضية في مسارات اخرى بعيدا عن مجلس الامن ، ومن ضمنها الاعتراف المفرد بالدولة الفلسطينية، وهذا المسار الذي يجب ان تعمل عليه السلطة الفلسطينية بكل شجاعة لان فرص نجاحه أكبر من أي مسار آخر.

هناك نجاح آخر ومهم للتوجه الفلسطيني لمجلس الامن وهو جعل حظ نتنياهو في النجاح بالانتخابات في مارس المقبل ضعيفا جدا، فخسارة الرئيس الاسرائيلي في الانتخابات لم تكن خسارة بسبب حسابات حزبية بل بسبب فشله في المفاوضات مع الفلسطينيين وعجزه عن كسب ثقة حليفه الامريكي .. وتردده امام جدية المفاوض الفلسطيني خاصة في قضية المستوطنات التي تعهدت واشنطن بايقافها وفشلت.

اذا عرف الرئيس محمود عباس ان يجعل عام 2017 ليس زمنا للتفاوض بل زمن لاعلان دولته، وان يوقف حياته على هذا التاريخ فليس بعد 80 عاما " عمر الرئيس " اعوام كثيرة تنتظر ، فالمعركة السلمية التي حددها بعام واحد هي الفترة التي سوف تخلده او تمسحه.
&