سالم حميد

بعد فشل المحاولات الإيرانية المتعددة لبث روح الفرقة وزرع النزعات الطائفية واللعب على وتر الخلافات بين الأشقاء الخليجيين، لم يجد النظام الإيراني بأجهزته وحرسه الثوري وسيلة أخرى للنيل من هذه المنظومة العربية المتماسكة سوى استهدافها إعلامياً، وتبني الادعاءات والأكاذيب وتحريف الحقائق.. لشن حرب إعلامية للنيل من سمعتها وتشويه صورتها، بعد أن عجز عن اللحاق بركب التطور والتقدم الخليجي.


إيران التي لم تستطع تحقيق طموحاتها التوسعية بتصدير أفكارها الخمينية، رغم هدرها مئات المليارات من أموال الشعب في كل مكان، لم تجد لسمومها الضارة مكاناً إلا في الدول الضعيفة، التي أصبحت مسرحاً للعمل الاستخباراتي الإيراني والإسرائيلي، لزرع الفتن وبث الفوضى في تلك الدول، عبر استخدام العملاء والجماعات الوصولية المتطرفة. أما الدول القوية التي لم تستطع إيران أن تحقق أدنى طموحاتها التوسعية فيها، فتضعها تحت القصف الإعلامي، وتستخدم أي تصريح لأي مسؤول وتفبركه بما يخدم سياستها ضد هذه الدول للنيل من سمعتها.. وهذا ما تعكسه عناوين الصحف ووكالات الأنباء الإيرانية التي لم تأل جهداً في محاولتها تشويه صورة دول الخليج العربي، انتقاماً من فشل سياسات طهران للتدخل فيها، خاصة بعد توحد الصف الخليجي وإعادة اللحمة والتكافل بين الأشقاء، والاتفاق على تشكيل قيادة عسكرية وأمنية مشتركة لهذه المنظومة العربية، وتوحيد الأفكار والآراء والسير قدماً مع باقي الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، وهو ما يقلق النظام الإيراني ويجعله يبحث عن مخارج لعزلته، وتحسين صورته وتشويه صورة الآخرين.

وفي هذا الإطار، صعد النظام الإيراني، عن طريق وسائل إعلامه، الهجوم على دولة الإمارات العربية المتحدة وبعض دول الخليج، مستخدماً كافة أساليب الفبركة والتزوير، لحرف الرأي العام وتغيير قناعاته، واللعب بعقول الناس وتشويه أفكارهم، من أجل التقليل من حب الشعوب العربية والإسلامية للإمارات عبر المس بسمعتها.

هذا التوجه العدائي يناقض في الواقع ما يتشدق به المسؤولون الإيرانيون حول السعي لبناء علاقات جيدة في إطار الأخوة وحسن الجوار مع دول الخليج العربي، فكيف يستقيم ذلك مع قيام أجهزة الإعلام الإيرانية بمهاجمة هذه الدول، خاصة الإمارات والسعودية، ومحاولة النيل من سمعتها عبر حرب إعلامية ممنهجة، مع أن الإعلام الإماراتي يعمل دوماً على إبراز الجوانب الإيجابية التي تشجع إقامة علاقات طيبة بين دول الخليج العربية وجارتها الفارسية، متقيداً بحكمة وعقلانية قادة الدولة وشقيقاتها الخليجيات، وخير مثال على ذلك هو كيفية تعامل الإعلام الإيراني مع قضية تراجع أسعار النفط مؤخراً، فبعد إصرار دول الخليج العربية على إبقاء وضع الإنتاج النفطي على ما هو عليه، ورفضها أي تخفيض في إنتاجها قد يضر بمصالحها أو بدول وشعوب أخرى، جاءت ردة الفعل الإيراني معاكسة لجميع هذه الآراء، واعتبرت ذلك مؤامرة سياسية تقودها دول خليجية!

السياسة الإيرانية اعتادت النظر إلى أي دولة لا تعمل لصالحها كعدو لها! كما اعتاد الإعلام الإيراني اتخاذ موقع الهجوم ضد أنظمة الدول العربية، وفق موقف طهران الرسمي من هذه الدول، لأن إعلام إيران يمثل مرآة لسياستها، خاصة عندما يلتقي إعلام الاتجاهين الإصلاحي والمحافظ، الرسمي وغير الرسمي، على محاولة بائسة لتشويه صورة الإمارات في كل مرة تجدد مطالباتها باسترداد الجزر المحتلة الثلاث.

واتباعاً لمنهج الإسقاط الذي أصبح من ثوابت السياسة الخارجية الإيرانية، تحاول إيران إبعاد شبهات تقاربها مع إسرائيل، فتعمد لخلق الأكاذيب وتلفيق التقارير عن اتصالات خليجية إسرائيلية!

وإذا ما نظرنا لطبيعة الخطاب الإعلامي الإيراني تجاه دول الخليج العربية، سنجده يتناول مواقف لها ارتباط بالمشروع الفارسي وبعده الإستراتيجي، ولا غرابة في ذلك، فالخطاب الإعلامي الإيراني محكوم بالتناغم مع الموقف السياسي لبيت المرشد والحرس الثوري. لذلك تتباين أحواله ومستويات نبرته من فترة لأخرى حسب رؤى وأهواء الحرس الثوري.
&