عبدالله جمعة الحاج

في إحدى خطب الجمعة، وقف يوسف القرضاوي في العاصمة القطرية الدوحة لكي يشن حملة شعواء على دولة الإمارات العربية واصفاً إياها بشتى النعوت التي لاتمت إلى الواقع بصلة مركزاً على أن دولة الإمارات تقف موقفاً عدائياً من كل حكم إسلامي ومن أولئك الذين يؤيدون أو يناصرون مثل هذا الحكم. بالتأكيد هذه أقوال هوجاء لاتمت للواقع بصلة، فالإمارات حكومة وشعباً ليس لها أية مواقف عدائية مسبقة من أحد، وهي على وئام مع الجميع إلا من استعداها ويحاول المساس بأمنها وسلامتها واستقرارها. وفي مثل هذه الحالة لامناص لها من التصدي لكل من تسول له نفسه العبث بأمنها وأمن مواطنيها.

ما طرحه يوسف القرضاوي من تشدقات لاينطلق من فراغ، بل من فكر عقيم وهدام، هو فكر laquo;الإخوان المسلمينraquo;، الذين يحاولون قلب كافة الموازين في المنطقة العربية لصالحهم بغرض السيطرة على السلطة والحكم، ومن ثم إقامة الدولة الإسلامية المزعومة التي تعشش في مخيلتهم وحدهم ليس إلا. فوفقا لفكرهم المختل يريدون إقامة دولة بنظام الخلافة، وأن التنازع على الخلافة جائز للجميع من منطلق أنه ليس في الإسلام حكم وراثي بمعنى أن يتم اختيار الخليفة بالتبعية، أي بالرضى والاختيار، وبأن الحكم الإسلامي حكم شورى وبأن الشورى واجبة، ومثل هذه الأفكار مبطنة من قبلهم بفكر فوضوي وربما تكون قائمة على مبادئ وشعارات الفوضى الخلاقة التي يعتقدون بأن نتائجها النهائية ستصب في صالحهم.

وهنا نود القول للدكتور القرضاوي ولغيره من laquo;الإخوان المسلمينraquo; بأن العديد من الجوانب التي يرونها في الدولة هي جزء أصيل من الفكر السياسي لأهل الإمارات منذ زمن سحيق، ولا نعتقد بأنهم يقدمون لنا شيئاً جديداً أو يضيفون إلى مالدينا شيئاً لانعرفه، فنحن نسير على منهج وفطرة فُطِرنا عليها منذ زمن سحيق وتوارثناها أباً عن جد منذ أسلافنا الأول، وهم مسلمون أقحاح كان لهم دورهم وتأثيرهم في نشر الإسلام وترسيخه في هذا العالم وحمايته ضد الغزاة الأجانب والمحافظة عليه إلى يومنا هذا، فماذا يمكن أن يقدمه لنا :الإخوان laquo; أو غيرهم من أصحاب الأفكار الهدامة؟

وأيضا نريد أن نقول لـlaquo;الإخوانraquo; بأن صورة الدولة الإسلامية التي يتحدثون عنها هي صورة مثالية لم تطبق في الدول العربية ولا في غيرها من الأقطار التي تدين شعوبها بالإسلام إلا في الأيام الأولى لقيام الدولة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين الأربعة أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم. أما خلاف ذلك، فإنه دعاية سياسية جوفاء من laquo;الإخوانraquo; كجماعة سياسية في سعيهم للوصول إلى السلطة استناداً إلى تلك الحقائق، وفي هذا الخضم نشأت بينهم وبين السلطة القائمة في جميع الدول العربية حالة وصل فيها الأمر إلى ما صنع الحداد، ولما وصلوا إلى السلطة في بعض منها أثبتوا فشلهم الذريع في ممارسة السياسة على أرض الواقع، وتخبطوا تخبطا أودى بالدول التي سيطروا على السلطة فيها إلى أسفل سافلين وحالات مصر والسودان خير دليل على ذلك.

لقد تطاول يوسف القرضاوي على دولة الإمارات وشعبها، من منطلقات الفكر الذي يحمله، ونسي واقعه الذي أتى منه عندما أكرمته الدولة التي استضافته ومنحته هويتها وحمايتها وخيرها، فبدأ في قذف إخوتها بما ليس فيهم، ونتساءل هنا متى سينقلب على تلك الدولة لو أنها سحبت حمايتها وخيراتها عنه، ربما قريبا، وإن غداً لناظره قريب.