مرسى عطا الله

مع احترامى لكل الآراء التى تبالغ فى تضخيم حجم المشاكل والأزمات الراهنة التى تواجهها مصر إلى حد الزعم بأن المستقبل غامض وأن الوطن تائه لا يعرف لنفسه طريقا محددا فإننى أعتقد بعدم صحة هذه الأحكام المطلقة التى توحى بحاجة مصر إلى معجزة بعد أن ولى زمن المعجزات بينما معجزة مصر الحقيقية فى قوة الإرادة لشعب نجح أكثر من مرة فى تحطيم المستحيل!

نعم مصر فى أزمة ولكنها أزمة قابلة للحل بقدرات شعبها ودعم أصدقائها وأشقائها.. ونعم مصر يراد لها من خلال هذه الآراء المحبطة أن تعيش تحت ضباب من التشاؤم يحجب عنها الرؤية الصحيحة ولكن هؤلاء يغيب عنهم أن ما حدث فى 30 يونيو و3 يوليو و26 يوليو وأمام صناديق الاستفتاء على الدستور الجديد قد بدد جزءا كبيرا من هذا الضباب وسمح لأشعة الشمس أن تشرق على مصر - من جديد - بالنور والدفء معا!
لقد تعرضت مصر لتحديات سياسية ضخمة وهزائم عسكرية مروعة وأزمات اقتصادية خانقة بعد ثورة 23 يوليو عام 1952 ومع ذلك فإن مصر لم تستسلم لروح التشاؤم وإنما كسبت التحدى السياسى فى معركة السويس عام 1956 واستطاعت فى 6 أكتوبر عام 1973 أن تمسح عار الهزيمة فى يونيو 1967 ثم إن مصر أفشلت كل مخططات الحصار والتجويع بعد وقف معونات وصفقات القمح فى حقبة الستينات ليس فقط بربط الأحزمة على البطون وإنما برايات الأمل واستراتيجية التبشير التى كان لها ناسها ورجالها فى مختلف المجالات خصوصا أصحاب الأقلام ونجوم الفن والغناء والفكر والثقافة.

وإذا كان الدور الأمريكى المستفز السافر لم ينجح فى إخضاع مصر بعد ثورة 23 يوليو لكى تصبح منطقة نفوذ لواشنطن فى المنطقة فإن من غير المعقول أن نستسلم لمقولات باهتة تتحدث عن حتمية الإقرار بوجود تأثير أمريكى على الشأن الداخلى المصرى لأن ذلك - فضلا عن أنه - لم يكن موجودا فى ظل نظام 23 يوليو بمراحله المتعاقبة - بدرجة أو بأخرى - فمن المؤكد أنه لا يمكن أن يكون له وجود بعد ثورة 30 يونيو التى من بين أهم إشاراتها ليس فقط تنويع مصادر الحصول على السلاح وإنما تنويع منافذ الحركة والإطلال على الساحة الدولية طبقا لمقتضيات المصلحة المصرية... ورحلة السيسى الأخيرة لموسكو مليئة بإشارات ودلالات مهمة لا تغيب عن فطنة أحد!

خير الكلام:

lt;lt; التشاؤم يقتل الروح مثلما تأكل الأحماض القوية أوعيتها !