عبدالله العوضي

الحوار في أي قضية مطلب سامٍ للوصول إلى منطقة مقبولة للتحرك إلى الأمام، وغالباً ما يكون مع الآخر لتقريب وجهات نظر في الأمور المختلف عليها ومجال الاجتهاد والأخذ والرد متاح.

على مستوى الأفراد، فإن الموضوع يدخل في إطار الرأي والرأي الآخر والذي لا يصل مستوى الاختلاف أو عدم الاتفاق إلى مرحلة الخصومة أو العداوة التي قد يصل أي طرف فيها إلى العنف سواء في اللفظ أو الفعل.

لذا كان الحوار حول أي قضية من الأمور الطبيعية وقد يقع دائماً ولا يمكن تجاهله. ولكن، هل يحق للإرهابي أن يطالب بالحوار مع الطرف المتضرر من أعماله الإجرامية للوصول إلى حل لقضية هو اختلقها وتبناها من وحي خياله وإن لم يكن في الواقع ما يؤيد مطالبه؟

إن التنظيمات والحركات التي تتبنى نهج الإرهاب ضد الدول والحكومات والشعوب في بعض أجزاء من العالم العربي والإسلامي لتنفيذ أجندتها في زعزعة الاستقرار والأمن، وفرض واقع جديد يتناسب مع ما يدور في فكر هؤلاء الناقمين على كل شيء، وهل يعطى من هذا فعله الحق في الجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل تحقيق ما يحتوي عليه برنامجه على حساب مصالح الأوطان العليا.

إن الذي يستخدم كل أسلحة الإرهاب مقابل الدخول مع بعض الحكومات المتضررة أصلاً في حوار لا علاقة له بالمطالب الديمقراطية والعدالة والحرية، وخاصة إذا كان البعض يصنف نفسه بالمعارضة أو يلجأ إلى منظمات خارج الوطن لممارسة الضغوط المباشرة وغير المباشرة على الدول والحكومات التي ينتمون إليها وفي الوقت نفسه يعرضونها لكل أنواع الخطر التي من الواجب اجتنابها بدل الدخول إليها من الأبواب المشبوهة.

ومن الغرائب أن مفهوم المعارضة لدى البعض في العالم العربي ليست له علاقة بالنهج الديمقراطي الذي يجب اتباعه دون أن تكون للإرهاب أي كلمة في نيل المطالب، ولم نسمع في أرقى الديمقراطيات أن الحزب المعارض يلجأ إلى العنف والإرهاب من أجل فرض برنامجه في المجتمع عنوة، والأمر ليس مقتصراً على الأحزاب المعترف بها وفق قانون كل دولة على حدة، وإنما أصبح الفرد المعارض أو حتى المختلف في الرأي يتخذ من الإرهاب في شتى صوره وسيلة لإجبار الآخرين على تقبل ما يؤمن به وإن خالف بذلك إجماع الأمة.

إن ما يحدث في هذا الجانب لا علاقة له بديمقراطية الحوار، بل بتمرير الإرهاب تحت مسمى الديمقراطية التي لم تترسخ في المجتمعات المتقدمة إلا لإيقاف هؤلاء المتهورين عند حدهم.

إن إجبار بعض الحكومات للجلوس مع من تلطخت أيديهم بالجرائم المشينة والتي ارتكبت ضد الداخل الآمن لا يمكن بذلك التوصل إلى نقاط للوفاق أو الوحدة الوطنية التي تظلل أفراد الشعب بكل مكوناته.

إن الحوار الذي يعطي لمن يحمل فكر الإرهاب موطئاً في أي وطن مستباح من قبل فئة لا تؤمن إلا بالعنف، يخشى خلاله تقديم تنازلات سيادية دون أي ضمانات من فئة هدفها من الحوار هو تحقيق أهدافها التي لا تتناسب ومآربها التي تتخفى وسط أجندة للخارج الدور الأكبر في دعمها، فإذا رأت بعض الحكومات المضي في الحوار مع من ترى بأنه السبب الرئيسي لزعزعة الأمن والأمان في المجتمع وأنه الطريق الأسلم بدل استخدام العنف المضاد، فلابد أن تكون اليد العليا للدولة، وليس لأي فئة الحق في فرض أجندة خاصة خارج الإطار الوطني.