الياس الديري

عودة التفجيرات الانتحارية من أمامكم، وانهيار الهدنة الأمنيّة في طرابلس من ورائكم، والوضع الاقتصادي المجمّد في البرّادات بين بين، فأين المفرّ؟

لا مفرّ للحكومة ولمجلس النواب ولسائر المسؤولين والمعنيّين من الإسراع في إنجاز بيان وزاري على قَدْر الحال، لا على قَدْر أهل العزم والحسم، مع إصرار شبه إجماعي على تحاشي المواضيع الشائكة والتركيز على quot;الاستحقاق الأمني الشامل كل لبنانquot;، وفقًا لما أشار إليه الرئيس تمّام سلام، ونزولاً عند رغبة شعبيّة وسياسيّة شبه إجماعية.
العجَلَة هنا ليست من الشيطان. بل هي مطلبٌ يحظى بما يشبه الإجماع، مع التركيز على إنجاز البيان وجلسة الثقة في غضون أيام لا تتجاوز بعددها أصابع اليد الواحدة. وعلى أساس انصراف الوزراء الجُدد إلى العمل، بل إلى الملفّات المتّصلة مباشرة بالوضع المعيشي ودورة الحياة الاقتصادية المحبوسة في قفص انفرادي.
ولا شيء سوى تحريك العجَلَة التي تآكلها الصدأ بعد فترة طويلة من التعطيل والشلل، وخلال مدة قد لا تتجاوز الشهرين ثلاثة، إذا ما فُتحت الأبواب أمام الاستحقاق الرئاسي... والمحلّلون غير المحلّفين يعتقدون أن الاستحقاق الدستوري الكبير سيتمّ في موعده. وبدعم جدّي من مصادر النفوذ الغنية عن التعريف.
لتحقيق الأمنيات التي لا تُحصى، والمطالب المشروعة والممتدة مباشرة إلى لقمة العيش، ستجد لجنة البيان أنها مضطرة إلى توخّي إنجاز المهمة في مهلة قصيرة، والنأي بالبيان المُقتضب جداً عن القضايا والمشكلات الحسّاسة... على أن يتمّ لاحقاً ترحيلها إلى طاولة الحوار، والتي قيل إن الرئيس ميشال سليمان أعطى تعليماته لإزالة الغبار عنها وعن كراسي المتحاورين.
معظم الأجوبة والآراء، التي صدرت عن وزراء ونواب بالجملة والمفرّق، أكّدت أهميّة الإسراع في إنجاز كل ما من شأنه حصول الحكومة على ثقة مجلس النواب، لينصرف بعد ذلك كل وزير إلى ما ينتظره من ملفّات مكدّسة فوق المكاتب وفي الأدراج.
إلا أن ذلك كلّه مرتبطٌ بما سيستقرّ عليه الوضع الأمني، والإجراءات التي ستتّخذ على الحدود وquot;ينابيعquot; التسلّل والتسريب، كما على آلة تجفيف العمليات التفجيرية من انتحارية وغيرها، وشعور الناس في الداخل والخارج أن الاستقرار حزَم حقائبه ويمّم وجهه شَطر مرقد العنزة الذي تحوّل منذ زمن مرقد صواريخ وصواعق وسلاح ومتفجرّات وحوادث أمنية، في كل الأمكنة، ومن كل الأصناف.
يعلم الوزراء الجُدد، مثلما يعلم الرئيس سلام أن أوّل الغيث قطرة. وأول الإقدام خطوة.
وأوّل التغيير برهان على أرض الواقع.
والبداية الجيّدة والمثالية تبدأ من الأمن. والأمن يحتاج إلى إعادة نظر شاملة في كل الأوضاع الداخلية. ومن أول الطريق لا من آخرها. فهل تعود الدولة وتختفي الدويلات؟