روزانا بومنصف

على رغم ان تفجيرين مزدوجين طاولا السفارة الايرانية في لبنان والمستشارية الثقافية الايرانية ربطاً بالمسؤولية الايرانية المفترضة، والبعض يقول المحسومة، عن انخراط quot;حزب اللهquot; في الحرب السورية، لا يعتقد ان هذه التفجيرات قد تكون حافزا لاعادة ايران النظر او مراجعة سياستها التي تستهدف من اجلها في لبنان والتي تستند الى الاستعانة بالحزب في سوريا اقله في المدى المنظور، وفي ضوء ما كان اعلنه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله قبل ايام على التفجيرين في بئر حسن عن استمرار مشاركته في الحرب السورية مقدما مزيدا من التبريرات لهذه المشاركة. اذ رد مسؤولون في الحزب فورا من موقع الانفجار على بيان quot;كتائب عبدالله عزامquot; التي تبنت الانفجارين الارهابيين في بئر حسن بالاعلان ان الحزب لن ينسحب من سوريا في حين نأى المسؤولون والوزراء في الحكومة التي كانت شهدت النور قبل ايام قليلة بأنفسهم عن التركيز على استهداف مواقع ايرانية الى التركيز على رفض استهداف المواطنين ووحدة لبنان والحكومة الجديدة. والامر ليس مشابها لسحب الولايات المتحدة قواتها العاملة ضمن القوة المتعددة الجنسيات في بيروت عام 1983 على اثر تفجيرات ارهابية طاولت السفارة وموقع تمركز هذه القوات لاعتبارات مختلفة نظرا الى عدم وجود مصالح حيوية اساسية وكبيرة للولايات المتحدة في لبنان على غرار ما تعتبر ايران مد نفوذها نحو المتوسط. فالولايات المتحدة اجرت مراجعة لسياستها ازاء لبنان وفي المنطقة وقررت على الاثر الانسحاب علما ان السفارة الاميركية عادت لتفتح ابوابها في لبنان ولم تتركه سوى في فترات محددة.

الا ان ما يمكن ان يضغط على ايران من جهة اخرى من اجل مراجعة سياستها يطاول الحزب ان لجهة العدد الكبير من الضحايا الذين يسقطون في سوريا او لجهة وطأة التفجيرات التي تحصل بوتيرة يخشى الا يمكن وقفها وان كان ممكنا الحد منها نسبيا والتي تصيب ضحايا من الابرياء بحيث تخلق حال تململ اكبر من تلك التي تحصل راهنا وحال استياء تنعكس على البيئة الطائفية التي تحتضن الحزب في لبنان ولو انها لا تعبر عنهما علنا وجهارا. وهو الامر الذي قد يدفع الحزب الى اتخاذ خطوات تنسيقية مع ايران تساهم في اعادة النظر في سياسة الانخراط في الحرب السورية. وثمة من يضيف الى ذلك، وان بنسبة اقل بكثير، الضغط الذي يمكن ان يشكله رفض الافرقاء السياسيين الآخرين جميعهم ما يحصل من تفجيرات تصيب الابرياء من جهة من دون تفريق بين الطوائف ورفضهم بقوة ان يستمر لبنان ساحة تدفع الاثمان من شعبه واقتصاده من جهة اخرى بما يمكن ان يثير حالا جماعية تصاعدية رافضة يعتقد انها قد تتبلور في حال ازدياد التفجيرات وتسببها بمزيد من المآسي بين اللبنانيين. ذلك ان الجلوس جميعا الى طاولة مجلس الوزراء لا يعتبر اكثر من وقف مرحلي لانزلاق لبنان نحو تصعيد وربما نحو حرب اهلية، مع احتفاظ كل فريق بموقفه وموقعه وحساباته من دون اي نية للاتفاق راهنا على اي رؤية للوضع اللبناني في اي مدى قريب او متوسط او بعيد ومن دون تخلي اي فريق عن اوراقه.


وبحسب مصادر متعددة، فإن ايران، كسواها من الدول التي تستخدم دولا اخرى ساحات من اجل اعلاء شأن مصالحها السياسية او سواها، قد لا تأبه او تتأثر بما يصيب لبنان او شعبه على ما يشهد يوميا ما يحصل في سوريا والذي لم يعد يتصل بمصلحة السوريين فحسب بل بمصالح دول اقليمية واخرى خارجية تبحث عن حل للوضع في سوريا في ضوء ما يناسب مصالحها والتي في ضوئها تقرر ايران الدفع في اتجاه سحب التنظيمات التي تحارب الى جانب النظام في سوريا وتوقيته ذلك ام لا . لكن جملة اسئلة تثار بالنسبة الى البعض وهي تتصل اولا بما اذا كان يمكن ان تراجع ايران سياستها مراعاة لبيئة الحزب وقواعده ومنعا لتأثرهما من حوله، وهل سيكون لذلك فقط علاقة باحتمالات ان تستمر الحرب السورية لسنوات مما قد يكبد الحزب خسائر جسيمة من غير المحتمل او المؤكد قدرته على تحملها في ظل هذه الحال خصوصا ان النظام السوري ورئيسه ليس مقدرا لهما الاستمرار ايا كان مآل الحرب التي يقودها.

وتتصل ثانيا باعتقاد ان اي تلاق اقليمي بين ايران ودول الخليج قد لا يسحب فتيل التفجيرات باعتبار ان التنظيمات الارهابية تتحرك خارج اطار وصايات الدول التي تضع قيادييها على لائحة الارهاب وتلاحقهم. وتتصل هذه الاسئلة ثالثا بمدى ارتباط مشاركة الحزب في الحرب السورية في موازاة المفاوضات الغربية مع ايران حول ملفها النووي وافقها الذي قد يسبق حل الموضوع السوري. اذ يفترض بالمفاوضات الغربية الايرانية في حال ادت الى تطبيع العلاقات بين الولايات المتحدة وايران وفق ما هو متوقع واستنادا الى متغيرات ايرانية في المدى المتوسط غير واضحة مؤشراتها راهنا، الى ضمان امن اسرائيل في الدرجة الاولى باعتباره اولوية الاولويات لدى واشنطن فيما ان ضمان هذا الامن يعني في الوقت نفسه بت مستقبل الحزب او بالاحرى مصير سلاحه باعتباره جزءا من هذا الضمان للامن الاسرائيلي. وهذا الأمر يطرح في الكواليس السياسية ويلقى اهتماما في ضوء احتمالات او تكهنات مختلفة عدة.