حسن عبدالله عباس

قرار المملكة العربية السعودية بتصنيف بعض الحركات الاسلامية بالارهابية وتجريم التعامل معها اخذ بلا شك زخما اعلاميا ملفتا. فأظنكم تشاطرونني الرأي ان قرارهم كان مدويا بشكل غريب. وأعتقد غرابته نابعة لعدة امور، أو تحديدا هما أمران، وهما ما اريد التحدث عنها اليوم.

غرابة القرار تكمن في ان التصنيف لم يأتِ بشيء لم نعرفه باستثناء ملاحظتين. فلم يكن مستغرباً ان تصنف المملكة حزب الله السعودي لأنه ببساطة شديدة حزب laquo;شيعيraquo; ويستمد هويته كما هو واضح من اسمه بقرينه اللبناني. ونعلم جميعا ان الحزب اللبناني ليس كأي حزب، بل فعليا هو الاقوى والماسك بتلابيب الامر هناك. فبالنسبة للمملكة يتسبب حزب الله بقشعريرة وحساسية شديدة لشمله للامرين معاً، لكونه شريكا مزعجا في السلطة، ولكونه ايضا حزبا شيعيا، ولا حاجة لأن نتحدث عن حساسية العلاقة بين المذهبين (الشيعي والسلفي).

ولم يكن القرار مستغربا أيضا ان تصنف المملكة باقي المنظمات الارهابية الاخرى كالقاعدة وداعش والنصرة، على اعتبار أنها منظمات تعتقد بالفكر الجهادي ولها تاريخ سيئ مع المملكة. فالمملكة اكتوت بنار الجهاديين ووصفتهم من قبل بالارهابيين أو laquo;المغرر بهمraquo;. ولا نزال نذكر التفجيرات والملاحقات وقائمة المطلوبين لجانب قراراتها بالعفو عمن السلاح ويسلم نفسه. فكما قلت لا يوجد شيء جديد هنا ايضا. فالاحزاب الشيعية ليس مرحبا بها، والاحزاب الجهادية التكفيرية انتهى تاريخ صلاحيتها مع سقوط الاتحاد السوفياتي قبل ثلاثة عقود.

لكن الامر الاول الذي رفع من أهمية قرار المملكة هو تصنيف الاخوان تحديدا. الاخوان تحديدا يمتازون بعدة أشياء تجعلهم مختلفين تماما عن الفرق الاخرى. يمتازون أولا بأنهم يملكون فكرا براغماتيا يؤهلهم ليستلموا السلطة، وهذا واضح في عقيدتهم منذ ظهورهم على الساحة على يد البنا أوائل القرن الماضي. ويمتازون أيضا بالاعتدال (ظاهرا)، الأمر الذي ساعدهم لكسب التأييد الشعبي الكبير في الدول الاسلامية بشكل عام. وثالثا أن امتداداتهم الدولية جعلت المجتمع الدولي يميل إليهم بعنوان الاسلام السياسي، وأنهم بديل مناسب للحكومات المركزية التي عُرف أنها تسيطر على المنطقة العربية. ورابعا أنهم حكموا بالفعل وصار لهم ظهر وسند ديبلوماسي وقانوني وشرعي، ظهر يستطيع أن يوصلهم للسلطة في أماكن أخرى بما فيها منطقة الخليج. من هنا تستطيع أن تُدرك شدة وحساسية الموقف المتخذ من قبل المملكة باتجاه دولة قطر.

أما الامر الثاني الذي جعل من قرار المملكة مميزا ولافتاً فيأتي من جانبه الزمني. عامل الزمن هو من جعل القرار لياخذ كل هذا الزخم المرتفع. فوجود الإسلاميين والاخوان ليس بجديد زمنيا فحسب، بل وجودهم كان أصلا مدعوماً من قوى خليجية وممتدة عضويا للسلطات الحاكمة بما فيها المملكة. لذلك ظهور القرار بعد ثلاث سنوات وبعد سقوط مئات الالاف من الضحايا وتشرد الملايين ومقعد سورية ما زال شاغراً، يجعلنا نتساءل هل بريء أم على قاعدة مجبر أخاك!