محمد آل الشيخ


نوري المالكي يطمح لولاية ثالثة بأي ثمن. الإيرانيون يريدونه أيضاً لأنهم لم يجدوا عميلا يُنفذ ما يرغبون في تنفيذه مثل نوري المالكي. وخوف المالكي من مغادرة رئاسة مجلس الوزراء، وإتاحة المجال لغيره، أنه إذا غادر المنصب، فهناك احتمال أن تُفتح ملفات فساد لن تنتهي حتى يُودع هو وأحد أبنائه السجن. لذلك سيتفانى لكي يبقى، وسيقدم للإيرانيين ما يريدون خوفاً من أن يخرج من سلطة رئيس مجلس الوزراء، ثم يحاكم وتنشر ملفات الفساد التي يقولون إنها مهولة وضخمة وربما تبقيه ومعه آخرون في السجن ما تبقى من حياته . وبالنسبة لإيران أن يأتي رجل ضعيف تاريخه المالي يئن من القذارة لينفذ لهم ما يريدون خير من أن يأتي رجلٌ نظيف نقي اليد والتاريخ وليس عليه ما يخافه.

غير أن نوري المالكي يراهن (فقط) على الإيرانيين، ويُعادي كل القوى الأخرى.. فهو على عداوة مع الأكراد ورئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني يكن له عداوة عميقة ويتربص به، ويبحث كيف يصفي الحسابات معه. الصدريون - أيضاً - يكنون له عداوة لا تقل عن الأكراد إن لم تكن أعمق بعد أن وصف الزعيم الشيعي laquo;مقتدى الصدرraquo; بأنه (حديث على السياسة)، و(لا يفهم أصول العملية السياسية). كما أن زعيم كتلة (متحدون) ورئيس البرلمان laquo;أسامة النجيفيraquo; عاد من الولايات المتحدة ومعه إدانة من الكونجرس لسياسات رئيس الوزراء العراقي، وأنه يلعب بالورقة الطائفية وأنه (يُهمش) السنة ويحرمهم لأسباب وبواعث طائفية من المشاركة في العملية السياسية. كما أن laquo;عمار الحكيمraquo; الوجه الشيعي البارز كان قد انتقد المالكي - دون أن يسميه - انتقادات لاذعة، وقال في خطبة له: (البعض يركز على الوسيلة ويتناسى النتيجة ويغرق باستنزاف رصيده عن طريق الوسائل التي يتبعها لعبور الانتخابات ولا يفكر في تأثير هذه الوسائل التي يتبعها لعبور الانتخابات ولا يفكر في تأثير هذه الوسائل على نتائج الانتخابات). وأضاف: (وهنا أعني التسقيط السياسي الرخيص الذي يقوم به البعض والذي يستخدم من أجل عبور مرحلة قصيرة جدا في الحياة السياسية). ولأن نوري المالكي طائفي حتى العظم، ويُثير القضايا الطائفية تجاه مناوئيه، يقف تقريباً كل العراقيين من الطائفة السنية معارضين لتعيينه ثالثة. هذا إضافة إلى فشله المعروف في القضايا الأمنية والقضاء على العمليات الإرهابية، وكذلك فشله في المسائل التنموية وبالذات ما يتعلق بتخلف البنية الخدماتية كالكهرباء والماء داخل العراق.

فهل تستطيع (مؤسسة القضاء) التي يسيطر عليها، ويوجه قراراتها كيفما شاء لتصب في مصلحته، أن تتجاوز كل هذه الكتل الشعبية الكبيرة، وهذه العوامل، وتظل تتجه بالقارب القضائي نحو مصلحة المالكي؟

وهل إيران - أيضاً - ستضرب بكل هذه الكتل عرض الحائط، ومنها كتل شيعية مؤثرة، وستقف مع المالكي وتناوئ الآخرين؟ أعرف أن المالكي عندما أثار الجانب الطائفي بتصريحاته العدائية للمملكة كان يحاول مغازلة إيران، حيث إن إثارة النعرة الطائفية، وتحييد الوطنية، هي لعبة إيران للتحكم ليس في العراق فحسب، وإنما لتتسلل إلى المنطقة العربية وتتدخل في شؤونها. غير أن إيران لا يمكن أن تذهب بعيداً في تحدي كل هذه الكتل المؤثرة وتناصر المالكي، وكذلك الأمر أيضاً بالنسبة للمؤسسة القضائية العراقية، التي يبدو أنه يوجهها ويتحكم فيها كما يريد. كما أن الأمريكيين الذين يُعتبرون في العراق ذوي ثقل سياسي لا يمكن تجاهله، لا بد من أخذ انتقاداتهم، وبالذات أعضاء مؤثرين في الكونجرس للمالكي في الحسبان.

والسؤال: هل يستطيع المالكي، أو بلغة أدق: هل تستطيع إيران تحدي كل هذه العوامل وفرضه للمرة الثالثة؟

هذا ما أستبعده كثيراً، لذلك لا أجد أن أمام المالكي فرصا مواتية لأن يكون رئيساً للوزراء لمرة ثالثة وكل هذه العوامل التي ذكرت تقف في طريق تعيينه.

إلى اللقاء