موناليزا فريحة

السنة التي أمضاها quot;حزب اللهquot; في سوريا بدلت المشهد لسنوات. خلالها، تغير مسار الأحداث من سوريا إلى لبنان. هناك، تمدد عمر النظام ربما سنوات. وهنا عاد quot;النظامquot; ومعه البلاد سنوات إلى الوراء. بميزان الربح والخسارة، نجح الحزب في ضمان صمود نظام الأسد، وجعل نفسه في المقابل هدفاً سهلاً للهجمات والانتقادات في لبنان. أما التزامه البقاء في الميدان، فليس إلا دليلاً على تقديره أن الأرباح تفوق الخسائر أقله حتى الآن.

لعل الانخراط العلني للحزب في سوريا كان أحد أهم العوامل التي طبعت الحرب عام 2013. بعد مشاركة محدودة عام 2012 للدفاع عن مرقد السيدة زينب، شكل قراره قيادة الهجوم على القصير مطلع نيسان 2013 نقطة تحول في مشاركته في النزاع، وانعطافاً في مسار الحرب كلاً. طور مساهمته مما كان مهمة استشارية الى دور قتالي مباشر، ودفع مقاتليه بأعداد أكبر إلى الميدان، جنباً إلى جنب مع قوات الجيش السوري والميليشيات المسلحة. لم يعد مجرد قوة مساندة، صار يخطط للعمليات ويقودها بنفسه.
ومع سقوط القصير، تبدلت دينامية النزاع. صار الحزب جزءاً لا يتجزأ من هذه الدينامية الجديدة. فبعدما استعاد النظام هذه النقطة الاستراتيجية، تجددت محاولاته لاسترداد مناطق في حمص وحلب ودمشق. وهناك أيضاً، كان الحزب جنباً إلى جنب مع قواته، وثمة من يقول إن عديد مقاتليه تجاوز عديد الجنود السوريين على جبهات عدة، آخرها جبهة القلمون.
في تقرير صدر في نيسان الجاري، أبرزت quot;مؤسسة دراسات الحربquot;، وهي مؤسسة أبحاث أميركية غير حزبية، العمليات التي يديرها الحزب على المستوى التكتيكي، بما فيها تدريبه قوات الدفاع الوطني التي تتيح للنظام السوري الاحتفاظ بالمناطق التي يطرد منها خصومه، وقيادته وحدات تضم مقاتلين من العراقيين، وخصوصاً في دمشق. ولفت التقرير الى أن مقاتلي الحزب غالباً ما يتجاوزون بكثير رفاقهم السوريين والعراقيين من حيث التدريب والانضباط والخبرة. وبدوره، يقول الخبير جيفري وايت في تقرير صدر أخيراً عن quot;مركز مكافحة الارهابquot; في واشنطن أن quot;حزب اللهquot; تجاوز المهمات الدفاعية والتدريبية، وصار يقود العمليات الهجومية بدل قوات النظام.
لم يكن هذا الدور المتقدم لـquot;حزب اللهquot; في سوريا بلا ثمن. تورطه في المعارك كلفه أكثر من 360 عنصراً استناداً الى quot;المرصد السوريquot;، وحوّله هدفاً لهجمات التكفيريين. وللعالم العربي، صار طرفاً رئيسياً في النزاع السني ndash; الشيعي. ومع ذلك، يبدو أن ثمة ثمناً اضافياً يفرضه النظام نفسه الذي منع أخيراً قناتي quot;المنارquot; وquot;الميادينquot; من التغطية المباشرة للتطورات الميدانية، بعدما عكست تقاريرهما غياباً فاضحاً للقوات النظامية عن جبهات عدة. فهل بات هذا الدور القيادي للحزب في سوريا مصدر ازعاج للنظام؟