عبدالله عبيد حسن

في السادس من أبريل، والذي يوافق الذكرى السنوية للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام المشير جعفر النميري، افتتح الرئيس عمر البشير الجلسة الأولى لمؤتمر الحوار القومي الذي دعا إليه حزبه الحاكم، ووصفه مؤيدوه بأنه مؤتمر جامع ويشكل طريقاً للمتحاورين الذين استجابوا لدعوة البشير.

تحديد يوم السادس من أبريل لافتتاح المؤتمر، لم يفت على بعض المؤتمرين من أطياف المعارضة الذين التحقوا بالمؤتمر كل حسب أجندته الخاصة. ولم يأت الرئيس بجديد في خطابه إلا إعلانه الذي هلل له الترابي، إذ وجه حكام الولايات لعدم اعتراض طريق الأحزاب والمنظمات المدنية خلال ممارسة نشاطها السياسي في حدود القانون! لكن في ظل هذا القانون ظلَّت أجهزة الأمن تقوم بحملات منظمة لمصادرة الصحف بعد طباعتها. وهي laquo;خطَّة ماكرةraquo; من أفكار الرئيس السابق لجهاز الأمن الفريق المهندس قوش، وقد كشفها لزميل صحفي ظلّ الجهاز يصادر صحيفته بشكل متتالٍ. قال قوش للزميل المحترم إن جهاز الأمن بقيادته ظل يصادر الصحيفة بغية إيصالها إلى مرحلة الإفلاس والعجز المالي.

المتحاورون من رؤساء الأحزاب المشاركة في الحوار القومي، أسهبوا في الحديث عن خططهم وأجندتهم التي حملوها للمؤتمر، ومنهم الدكتور غازي صلاح الدين العتباني (كان وزيراً ومستشاراً لرئيس الجمهورية)، والذي تحدّث في المؤتمر باسم laquo;حزب التغييرraquo; الذي أسسه مع بعض قادة laquo;الإخوان المسلمينraquo; وكوادرهم الوسيطة الذين خرجوا على قيادة علي عثمان وعمر البشير ومجموعتهما، حديثاً عقلانياً بأسلوب واضح. وكان مما قاله إن الطريق المستقيم الذي يقود إلى نجاح هذا المؤتمر يبدأ بإصدار رئيس الجمهورية مرسوماً يرفع فيه يد جهاز الأمن والمخابرات عن ممارسة النشاط السري وعدم الضغط على الأحزاب والمنظمات السياسية، والعودة إلى مسؤولياته التي حددها الدستور والقانون، وهي جمع المعلومات المتصلة بالأمن القومي ورفعها للسلطة السياسية (رئاسة الجمهورية)، ورفع الرقابة الأمنية القبلية عن الصحافة وأجهزة الإعلام، وأن يتوافق حزب laquo;المؤتمر الوطنيraquo; الحاكم مع المشاركين على تكوين laquo;آلية قوميةraquo; للإشراف على مؤتمر الحوار، وتنفيذ المطالب الوطنية المتفق عليها بين كل قوى المعارضة الغائبة عن هذا المؤتمر والحاضرة فيه بإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين والعفو العام عن حاملي السلاح وإشراكهم في المؤتمر.

وعلى ذلك النحو أيضاً جاء خطاب الصادق المهدي رئيس حزب laquo;الأمةraquo; متوافقاً مع ما أعلنته قوى laquo;الإجماع الوطنيraquo; المعارض، مع إسقاط البند الذي يتحدث عن إسقاط النظام!

وفيما تحيط بالسودان الأزمات السياسية والاقتصادية والحصار الدولي، لا يزال نظام laquo;الإخوان المسلمينraquo; يواصل السير على نفس الطريق الذي أوصل الوطن إلى حافة الانهيار الاقتصادي والسياسي والعسكري.

وقد ظل المعارضون الذين قبلوا دعوة الرئيس للحوار يبررون ذلك بأنهم يريدون إقناع laquo;الإخوانraquo; بالرأي الصواب لإنقاذ السودان. لكن المرء يعجب كيف غابت عن فطنة قادة سياسيين بحجم الصادق المهدي وغيره من المشاركين، حقيقة أن صانع الأزمات هو نفسه نظام laquo;الإخوانraquo; الذين يسعون لإقناعه بالرأي الصواب؟ إن المجموعة الحاكمة من laquo;إخوانraquo; السودان لا تسعى لحل أزمات البلاد، وهي ليست قادرة على ذلك، وسيظل هدفها كسب بعض الوقت لدعم نظامها المنهار. والرأي الصواب هو ما أجمعت عليه قوى المعارضة الوطنية ومنها أحزابهم.