محمد جابر الأنصاري
لن يخل بالصورة المترشحون الجدد للرئاسة بمصر . ذلك أن هؤلاء المترشحين ترشحوا رغبة في الشهرة لا أكثر ولا أقل . ويظل المترشحان الاثنان - السيسي وصباحي - هما quot;فرسي الرهانquot; في عملية الترشح للرئاسة .
وطالما أن الاثنين يعلنان أنهما ناصريان، فما الفرق بين quot;ناصريةquot; السيسي وquot;ناصريةquot; صباحي؟
هنا مربط الفرس، ومن إلقاء الضوء على هذا الفرق يتبين، ليس الوضع السياسي بمصر فحسب، بل الوضع العام في الوطن العربي . وإذا قارن المصريون بين حكام مصر، فالنتيجة أن جمال عبدالناصر هو أفضلهم على الإطلاق . فصباحي نزل الانتخابات الرئاسية السابقة كمرشح ناصري . ولقد كتُبت مئات المقالات عن السيسي بأنه سيحكم مصر من دون أخطاء عبدالناصر .
وأحرص على قراءة quot;الأهرامquot; القاهرية كل صباح . وتوقعت أنه - بمناسبة حرب أكتوبر- ستجد quot;الأهرامquot; مناسبة للحديث عن عبدالناصر، وفجأة اختفت صور ناصر وأي ذكر له من quot;الأهرامquot; والحاصل أنه صدرت quot;تعليماتquot; للجريدة بألا تذكر عبدالناصر .
وفي الأعداد السابقة كانت أخبار الإضرابات العمالية تملأ الجريدة . والنتيجة أن عمال quot;القطاع العامquot; هم الذين يملؤونها إضراباً، وquot;القطاع العامquot; خاصية quot;ناصريةquot; .
وعندما فقد quot;القطاع العامquot; هيبته - أيام السادات - لم نسمع دفاعاً عن quot;القطاع العامquot;، بل رد مؤيديه على ما أثير حوله . وطالما أن الجيش قام بحركة - رغم حساسية - من قاموا بها، فإنه لا بد من الدفاع عن quot;القطاع العامquot;، وعماله هم أجدر الناس بذلك الدفاع .
وحيث إن الوضع ناصري أو quot;شبه ناصريquot; فقد طغت الخصائص الناصرية عليه - عدا معاداة quot;إسرائيلquot; ومزج الرأسمالية بالاشتراكية - فقد وجدها العمال مناسبة سانحة ليثبتوا وجودهم وفي كل يوم يعلنون إضراباً .
وهنا لا يختلف صباحي عن السيسي في شيء فكلاهما يؤيد ناصرية الداخل، وإنما هي ناصرية الخارج التي أوجدت هذا الفرق .
ويختلف المرشحان الناصريان بشأن إيران وخطرها على الخليج العربي ودوله .
فعبد الناصر عادى إيران بسبب سياسة الشاه، هكذا يقول أنصار حمدين صباحي . وحيث إن الشاه قد رحل، والنظام الذي حل مكانه صديق لعبدالناصر ويشيد به، خاصة الإمام الخميني، لذلك فمعاداة إيران بملايينها وموقعها ليست سياسة حكيمة، ولا بد من انتهاز الفرصة وإعلان مصادقتها، حتى يستقيم الأمر، ويبدو أن صباحي غير مدرك أو غير مستوعب لسياسة quot;الوجهينquot; التي تتبعها إيران . وفي إحدى ندواته تحدث عن quot;أمن الخليجquot; حتى لا يقال إنه أهمل جانباً في برنامجه الانتخابي .
أما السيسي فقد تحمل جانبا من مسؤولية الحكم، وأدرك هذه الأساليب الإيرانية .
لقد تولى الرجل مسؤولية وزارة الدفاع المصرية، وكان عليه أن يرى مصادر quot;الخطرquot; كلها، ورأى quot;الخطرquot; كاملاً بمختلف أوجهه .
فإيران تحتل جزر الإمارات الثلاث، وهي وراء الاضطرابات في البحرين، ناهيك عن أدوار أخرى في المنطقة .
ونعتقد أن السعودية والإمارات - ومعهما البحرين - تدرك أهمية أن يأتي لقيادة مصر رجل كالمشير عبدالفتاح السيسي، ليواجه quot;الإخوان المسلمينquot; .
وهكذا عرف السيسي إيران على حقيقتها وحقيقة سياستها في الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية، معرفةً لم تتيسر لصباحي، فصباحي درس الأمر نظرياً، أما السيسي فقد استفاد من التجربة العملية .
وبناءً على ذلك فإن دول الخليج العربية لا تُلام إذا أيدت السيسي، وهو إذا جاء رئيساً لمصر، فينبغي على دول الخليج العربية أن تمده بالعون والدعم والمساعدة، وهي بذلك تمد مصر بكل ذلك . فالرجل ذو اتجاه quot;عربيquot;، وquot;العروبةquot; لم تتأثر بمحو آثار عبدالناصر، وإن كان عبدالناصر، أول الساسة المصريين الذين نادوا بها .