فاروق جويدة

ما قام على باطل فهو باطل .. ماذا يعنى ان تنفق وزارة الاتصالات 500 مليون جنيه من مال الشعب على جامعة النيل الخاصة التى يملكها عدد من رجال الأعمال ونقول ان ذلك عمل مشروع؟!


ماذا يعنى ان يتم التحقيق فى نيابة الأموال العامة مع المسئولين عن المؤسسة العامة المالكة للجامعة وتوشك على تحويلهم لمحكمة الجنايات ثم يحفظ التحقيق امام تنازل رسمى منهم قدموه الى مجلس الوزراء عن كل الأراضى والأصول والمنشآت و التجهيزات الخاصة بالجامعة ثم يتراجعون عن التنازل لتدور القضية فى سراديب قضائية اخرى؟!. لقد حصلت الجامعة على 420 مليون جنيه من وزارة الاتصالات بقرار من مجلس الوزراء، وحصلت على نفقات إدارية سنوية بمبلغ 27 مليون جنيه من نفس الوزارة، وحصلت على 50 مليون جنيه دعما من مؤسسات الدولة الحكومية. هذه الجامعة يجب ان تعود فورا الى ملكية الدولة حتى لا يحال المسئولون فيها الى محكمة الجنايات مرة اخرى .. وهذه هى الحقيقة للقارئ اولا ولكل من يبحث عنها وكل الأوراق لدى النائب العام المستشار هشام بركات.

لا اريد ان يطول النقاش والجدل حول مشروعية جامعة النيل ولا احب ان تلقى الاتهامات جزافا هنا او هناك ولكن حين نقف امام عدالة القانون موثقة بالحقائق والأسانيد، هنا يصبح للحديث وقع آخر .

امامى الآن اكثر من 15 وثيقة ومستندا شاركت فى إعدادها اكبر المؤسسات القضائية فى مصر حول إنشاء وتمويل جامعة النيل وما احاط بها من ملابسات وصلت بها الى محكمة الجنايات .. هذه المستندات شاركت فيها نيابة الأموال العامة والرقابة الإدارية .. والجهاز المركزى للمحاسبات .. والنيابة العامة بجانب جميع القرارات الخاصة بهذه الجامعة والصادرة من مجلس الوزراء ووزارات: المالية.. والتعليم العالى والاتصالات..و الإسكان .

lt; فى ملف القضية رقم 43 لسنة 2011 حصر اموال عامة شمل الملف الحقائق التالية :

lt; تم إنشاء جمعية اهلية خاصة تحمل اسم المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى تحت إشراف ورعاية د. احمد نظيف حين كان وزيرا للاتصالات وجمعت عددا من رجال الأعمال الكبار أسهموا فى رأسمالها وكان نصيب د.نظيف منها 1000 جنيه وبدون مقدمات طويلة قررت المؤسسة الأهلية إنشاء جامعة علمية خاصة تتبعها اطلقت عليها اسم جامعة النيل .. وسرعان ما دخلت وزارة الإتصالات على الخط حين اصبح د. نظيف رئيسا للوزراء وتداخلت انشطة الحكومة مع وزارة الإتصالات مع الجمعية الأهلية مع جامعة النيل الخاصة رغم ان الخلاف بين طبيعة ودور هذه المؤسسات ابعد ما يكون عن الآخر .. وهنا تحولت وزارة الاتصالات الى الممول الرئيسى لنشاط المؤسسة الأهلية وجامعة النيل الخاصة .. وكلاهما مملوك لرجال الأعمال.

وبلا مقدمات صدر قرار جمهورى رقم 255 لسنة 2006 بإنشاء جامعة النيل الخاصة طبقا لأحكام القانون رقم 101 لسنة 1992 بشأن الجامعات الخاصة مخالفا للقانون وجميع القواعد اللازمة فى مثل هذه الحالات من حيث ملكية الأرض ملكية مسجلة والمبانى، وصدرت موافقة وزارة التعليم العالى ببدء الدراسة دون توافر اى اشتراطات قانونية يجب ان تلتزم بها الجامعات الخاصة لبدء نشاطها .

lt; فى 27/9 /2006 وافق مجلس الوزراء على صرف 420 مليون جنيه من ميزانية وزارة الاتصالات لإنشاء جامعة النيل مخالفا فى ذلك قوانين الدولة حيث لا يجوز انفاق اموال الدولة على الجامعات الخاصة التى يقوم نشاطها اساسا على دعم ومعونات المجتمع المدنى ورجال الأعمال .. كما انه ليس من حق وزارة الاتصالات من حيث المبدأ إنشاء او تمويل إنشاء الجامعات سواء كانت خاصة او حكومية .

lt; بناء على قرار مجلس الوزراء قامت وزارة الإتصالات بشراء مساحة 127 فدانا فى مدينة 6 اكتوبر بمبلغ 63 مليون جنيه لحساب جامعة النيل الخاصة والمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى الأهلية وكلاهما مملوك لجماعة رجال الأعمال .. وفى 20 /9 / 2004 تم تحرير العقد الإبتدائى لهذه المساحة من الأراضى بين وزارة الاتصالات وهيئة المجتمعات العمرانية بوزارة الإسكان ثم قررت وزارة الاتصالات تأجير هذه الأراضى بحق الانتفاع للمؤسسة المصرية quot;الأهلية quot; لتطوير التعليم التكنولوجى لمدة 30 عاما بغرض إنشاء جامعة النيل بقيمة إيجارية جنيه واحد للفدان طبقا لقرار رئيس الوزراء رقم 372لسنة 2006.

lt; قامت وزارة الاتصالات بإنشاء جميع المرافق والمبانى والتجهيزات والجامعة ملك وحق للمؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى.

lt; هذا يعنى ان وزارة الاتصالات هى صاحبة 127 فدانا اشترتها بحق الانتفاع من وزارة الإسكان وتحملت من ميزانية الدولة 325 مليون جنيه قيمة المبانى والمنشآت الخاصة بجامعة النيل بالإضافة الى 50 مليون جنيه قدمتها مؤسسات الدولة من اموالها للجامعة الخاصة .. هنا نأتى الى تقارير الجهات الرقابية فى الدولة بما فيها نيابة الأموال العامة وتشخيص هذه العلاقة الغريبة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص وهذا الزواج الباطل الذى كان سببا فى انهيار الاقتصاد المصرى لسنوات طويلة .

lt; فى وثائق ومستندات نيابة الأموال العامة ان القضية تمثل تجاوزا خطيرا واعتداء على المال العام تجسد فى تكاليف المبانى والمرافق والمنشآت التى اقامتها بالكامل وزارة الإتصالات لصالح جامعة النيل وتبلغ قيمتها 325 مليون جنيه بناء على المذكرة المقدمة من وزارة الاتصالات بتاريخ 2/ 8/ 2006 ووافق عليها رئيس الوزراء بقيام الوزارة بتجهيز الأرض الخاصة بالمشروع بالبنية الأساسية وإنشاء مبنيين بناء على طلب المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى ..

lt; فى تقرير فحص الجهاز المركزى للمحاسبات قال نصا: ان وزارة الاتصالات قد تحملت كل تكاليف إنشاء جامعة النيل الخاصة وتجهيزها وإقامة المنشآت التعليمية والإدارية وقدرها الجهاز المركزى للمحاسبات بمبلغ 413 مليون جنيه فيما يخالف ما تقضى به احكام القانون رقم 12 لسنة 2009 بشأن الجامعات الخاصة والأهلية من ان تمويلها يتم من خلال تبرعات رجال الأعمال والمجتمع المدنى .. ويضيف الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره لنيابة الأموال العامة أن الجامعة تلقت مساهمات اخرى من مؤسسات الدولة بلغت 51.148مليون جنيه بالإضافة الى قيام وزارة الاتصالات بتقديم دعم سنوى للجامعة يقدر بمبلغ 27 مليون جنيه .. وارفق الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقريره بيانا بإجمالى المبالغ المالية التى تحملتها وزارة الاتصالات نظير تكاليف المرافق والإنشاءات والتجهيزات وقد بلغت بالأرقام 318 مليونا و 401 ألف جنيه.

lt; امام هذه الحقائق والمستندات الثابتة فى موقف جامعة النيل خاطبت نيابة الأموال العامة رئاسة مجلس الوزراء بشأن الإجراءات التى يمكن اتخاذها للمحافظة على حقوق الدولة فيما تم انفاقه على مشروع جامعة النيل من المال العام، وجاء قرار نيابة الأموال العامة العليا فى القضية رقم 43 لسنة 2011 وانتهت الى ثبوت ارتكاب المسئولين عن المؤسسة المصرية لتطوير التعليم التكنولوجى وجامعة النيل الخاصة جريمة الإضرار العمدى بالمال العام والمؤثمة قانونا بمقتضى نصوص المواد 116 و 119 من قانون العقوبات لأنهم قاموا ببناء المنشآت والمرافق والتجهيزات اللازمة لجامعة النيل الخاصة بمبالغ بلغ ما امكن حصره منها اكثر من 318 مليون جنيه دون مستخلصات نهائية من وزارة الاتصالات وبناء على قيام المسئولين عن المؤسسة المصرية للتعليم التكنولوجى مالكة جامعة النيل برد المبانى والأراضى للدولة تم قبول هذا الرد بموجب قرارات رئيس الوزراء ارقام 305 و 356 و 1000 لسنة 2011.

lt; وجاء فى قرار الحفظ ان الأوراق قد حوت ما يفيد قيام رئاسة مجلس الوزراء باتخاذ الإجراءات التى من شأنها ان آلت بموجبها المقومات المادية لجامعة النيل من الأرض والمبانى والتجهيزات والمنشآت والمبالغ المالية الى الملكية العامة واصبحت تحت تصرف الدولة بما يحقق الصالح العام فإن نيابة الأموال العامة قررت عدم إحالة الدعوى الى محكمة الجنايات بما ان الأراضى والمبانى السابق تخصيصها لجامعة النيل الخاصة قد آلت الى الملكية العامة للدولة ولهذا تقرر الوقوف عند هذا الحد من تحقيقات الدعوى فى شهر يناير 2012.

lt; هذه بعض مستندات ووثائق جامعة النيل ونشأتها وتمويلها من وزارة الاتصالات وتحقيقات اجهزة الدولة التى وصلت الى تحويل المسئولين فيها الى محكمة الجنايات بتهمة الإضرار بالمال العام ثم كان قرار التنازل من إدارة الجامعة والجمعية الأهلية المالكة لها. وكان المكان الطبيعى لقضية جامعة النيل هو محكمة الجنايات، والغريب ان المسئولين فيها قاموا برفع دعوى امام القضاء الإدارى طالبوا فيها ببطلان التنازل عن اراضى الجامعة ومنشآتها لأنهم اكرهوا على ذلك .. وان طلابها يدرسون فى الشارع رغم ان لهم مبانى فى القرية الذكية، ولهذه الأسباب استجابت المحكمة فى الشق المستعجل حيث ان الشق الموضوعى لم يصدر فيه حكم بعد بجانب ان هناك اكثر من 7 دعاوى اخرى متداولة فى المحاكم بخصوص بطلان نشأة جامعة النيل وعدم مشروعية تخصيص الأراضى والمبانى لها من مال الشعب ممثلا فى وزارة الاتصالات .

lt; وهنا يثور هذا التساؤل إذا كان المسئولون فى المؤسسة المصرية للتكنولوجيا وجامعة النيل يقرون بصحة التنازل عن ارض ومبانى جامعة النيل التى انشئت جميعها من اموال وزارة الاتصالات والصادر فى 17 فبراير 2011 فهى ملك للدولة وليس لهم اى حقوق فى استخدامها وإذا كانوا ينكرون هذا التنازل الذى وقعوه فى مجلس الوزراء لحفظ القضية فإن من حق نيابة الأموال العامة ان تسترد ولايتها فى التحقيق وتحيل القضية الى محكمة الجنايات مرة اخرى لرجوعهم عن التنازل عن الأرض والمبانى.

نحن الآن امام مجموعة من الحقائق والوثائق والمستندات واعتقد انها جميعا لدى المستشار النائب العام :

اولا : ان جامعة النيل ومنشآتها ومبانيها وتجهيزاتها ملك للدولة المصرية لأنها اقيمت من اموال الدولة ممثلة فى وزارة الاتصالات بمبالغ اقتربت من 500 مليون جنيه وكل اوراق ومستندات القضية لدى النائب العام تثبت ذلك .

ثانيا : ان القضية بكل ملابسات التحقيق فيها وتقارير ومستندات الأجهزة الرقابية قد اثبتت الاعتداء على المال العام وقررت النيابة تحويلها الى محكمة الجنايات لولا تنازل المسئولين فى الجامعة والمؤسسة الأهلية عن هذا المشروع حيث صدر قرار رئيس الوزراء بضم جامعة النيل ومنشآتها الى صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء والذى اصبح مشرفا على الأرض والمبانى .

ثالثا : ان القرار الجمهورى بتحويل جامعة النيل الى جامعة اهلية لا يحيلها الى شخص اعتبارى عام مملوك للدولة بل مازالت شخصا اعتباريا خاصا مملوكا للمؤسسة الخاصة التى انشأتها طبقا لنصوص قانون الجامعات الخاصة والأهلية .. كما ان تحويلها الى جامعة اهلية لا يكسب المسئولين عنها اية حصانة تجاه إهدار المال العام سواء كانوا من المسئولين عن الجامعة او المسئولين فى الدولة .. يضاف لذلك ان تحويل هذه الجامعة الى اهلية بموجب الحكم الصادر فى الشق المستعجل، رغم عدم صدور الحكم النهائى فى الشق الموضوعى، ما هو إلا نتاج لما ارتكبه المسئولون عن الجامعة من تجاوزات.

وإذا كان لا يجوز للمخطئ ان يستفيد بخطئه فلا يجوز للمسئولين عن جامعة النيل ان يكتسبوا حقوقا ومزايا بناء على جرائم جنائية ارتكبوها، يضاف لهذا كله ان الحكومة ستجد نفسها فى مأزق خطير حين تطالب 22 جامعة خاصة تعمل فى مصر بأن تعامل بالمثل وتتحول الى جامعات اهلية مثل جامعة النيل وتحصل على اراض ومبان تتجاوز قيمتها 6 مليارات جنيه من مال هذا الشعب لحساب عدد من رجال الأعمال.

lt; إن الثابت امامنا الآن ان جامعة النيل اقيمت بأموال هذا الشعب وكل المستندات والتقارير والتحقيقات تؤكد ذلك، وهنا يجب ان يصدر قرار من الرئيس المستشار عدلى منصور بتنفيذ قرار مجلس الوزراء باستعادة مبانى واراضى ومنشآت جامعة النيل للدولة ضمن مؤسساتها التعليمية لأن ما قام على باطل فهو باطل وهذه الجامعة اقيمت بأموال الدولة ويجب ان تعود لها .. وإذا رفض المسئولون فى الجامعة هذا القرار فإن ملف القضية لدى النائب العام لم يغلق بعد ويجب ان يأخذ طريقه الى محكمة الجنايات طبقا لقرار وتحقيقات نيابة الأموال العامة .