ظاعن شاهين

طوينا الصفحة، وفتحنا صفحة بيضاء جديدة، بعد أن عشنا في أزمة لا ننكر أنها أحدثت هزة في مسيرة مجلس التعاون، لكن حكمة قادته وحرصهم على محاصرة التداعيات حميا البيت الخليجي وثبّتا أركانه.

الأزمة التي عشناها مؤخراً، أصبحت اليوم من الماضي، لكن المرحلة المقبلة تحتاج إلى التهدئة الإعلامية ووقف التصريحات المتشنجة والابتعاد عن التشويه، حتى تأخذ آليات اجتماع الرياض طريقها للتنفيذ بدقة وهدوء وحكمة كي تبحر السفينة الخليجية مرة أخرى وفق نظام ملاحة ومواصفات خليجية خالصة كرسها اجتماع الرياض.

لا أحد ينكر أنه كانت هناك أزمة، وما زلنا نرى أن خطوة سحب السفراء كانت بداية الحل والرؤية الصائبة لإيصال رسالة صادقة إلى الإخوة في الدوحة أثبتت أن مصلحة دول المجلس التي تتفق مصائرها ومصالحها، تتقدم على غيرها، فهي مصلحة استراتيجية وغيرها مؤقت وزائل، وهي الخطوة التي استهدفت إعادة قطر إلى جوهر مبادئ مجلس التعاون.

وكما يقال، رب ضارة نافعة، فإنه ومنذ سحب السفراء من الدوحة، أدركنا أكثر مدى الحرص الرسمي والشعبي على إعادة اللحمة والانسجام للجسم الخليجي، فقد كانت الخطوة تأكيداً على استراتيجية العلاقة وأن الحاضنة الخليجية أكثر دفئاً، وأنه من غير المقبول ولا المعقول في الأدبيات السياسية الخليجية الرسمية والشعبية ألا تكون سياسة البيت الواحد منسجمة ومتوافقة، لذلك تغلبت الحكمة والعقل والمنطق والتهدئة والمصالح على لغة الفرقة والخصام.

نتمنى اليوم أن يكون الإخوة في قطر قد أدركوا مدى الحرص الخليجي عليها، والفائدة الجمعية والفردية للمظلة الخليجية التي منحت قطر أمس، وعلى سبيل المثال فقط، أكبر صعود لبورصتها منذ العام 2005 لمجرد توالي التقارير عن اجتماع المصالحة.

لقد خلصت النية من كل الأطراف نحو حلحلة الأزمة، وهو ما يثبت مجدداً حيوية المجلس وحرص دوله على تماسك هذا الكيان والحفاظ عليه نحو تحقيق تطلعات شعوبه. وعلى الجميع اليوم أن يفسح لآليات اجتماع الرياض أن تأخذ مسارها نحو التطبيق الدقيق الذي يثبت صدق النوايا والحرص على التاريخ والمستقبل المشتركين.

لقد كان لافتاً في اجتماع الرياض أنه يؤسس لإنجاز آخر غير المصالحة، وهو أن تلك المصالحة تمت من دون تدخل جهات من خارج دول المجلس، وهو جهد يحسب لجميع دوله حتى تحقق الهدف، فخرجت من الرياض طاقة إيجابية خليجية تجدد الأمل والإيمان بهذا الكيان وضرورته في حماية المكتسبات، والذود عنه بالغالي والنفيس خاصة أن التجربة الخليجية هي الأنجح عربياً، وقد أثبت ذلك مجدداً، فـ laquo;يد الله مع الجماعةraquo;.