حسن علي كرم

الدعوة لمنح العرب مقعداً ثابتاً دعوة عنصرية تدل على الانعزالية

عندما تأسست هيئة الامم المتحدة كانت معظم البلدان العربية رازحة تحت نير الاستعمار، ولم تكن الا خمس من الـ(22) دولة حاليا التي جاز لها الانضمام الى الهيئة الاممية الوليدة.
وهيئة الامم التي تأسست على انقاض عصبة الامم تأسست بعد انتصار المنتصرين في الحرب العالمية الثانية وانهزام ألمانيا الهتلرية والاعضاء الخمسة الدائمون على رأس مجلس الامن هم الاعضاء المنتصرون في تلك الحرب (بخلاف الصين).


غير انه منذ تأسيس الامم المتحدة والى تاريخنا الراهن لا شك ان هناك الكثير من المتغيرات التي شهدها العالم، فالكثير من البلدان التي كانت خاضعة للاستعمار باتت الآن اقوى من البلدان الاستعمارية من حيث القوة الاقتصادية ومن حيث المكانة الدولية، مثال ذلك اليابان التي خرجت من الحرب منهزمة، والهند التي كانت ترزح تحت نير الاستعمار البريطاني.
الدعوة لاصلاح هيئة الامم المتحدة، وتحديدا مجلس الامن من المطالبات التي لاقت حماسا من غالبية اعضاء الجمعية العامة، باعتبار ان التطورات التي حدثت في خلال الستين عاما منذ تأسيس المؤسسة الدولية الاممية فرضت اعادة النظر بهذه المؤسسة.


دعوة المجموعة العربية في الامم المتحدة لتمثيل دائم في مجلس الامن والتي حملها مندوب الكويت الدائم في الهيئة الدولية منصور عياد العتيبي كان يمكن ان تكون منطقية لو ان العرب يشكلون كيانا سياسيا واحدا، غير ان الواقع هو غير ذلك، فالعرب لئن كانت تجمعهم اللغة والثقافة الواحدة والجوارية الحدودية، الا انهم يختلفون في العقيدة، وهذه الجزئية المهمة لا يمكن نسيانها أو تناسيها عمدا، أو حبيا، والعرب اذا كانوا يتكلمون اللغة الواحدة، لكن تفرقهم الكيانات السياسية والمصالح المتعددة، فما تتطابق معه مصالح هذه الدولة العربية لا تتطابق معه مصالح البلدان العربية الاخرى، ولعل اسوأ من ذلك الخلافات والصراعات الدائمة والشديدة بين البلدان العربية حول الحدود وفرض النفوذ وتقاطع المصالح، فالعرب دخلوا حروبا بينية والغزو العراقي للكويت مازالت آثاره حية وشاهدة، وهناك حروب اخرى كثيرة شهدتها البلدان العربية لم تكن الا خلافات بينية ومطامع وشهوة التوسع والاحتلال.
لذلك، فالدعوة لمنح العرب مقعدا ثابتا في مجلس الامن هي بمثابة دعوة لنقل الخلافات العربية - العربية الى مجلس الامن فمن من البلدان العربية اكثر استحقاقا لحمل شرف تمثيل العرب في مجلس الامن ويجلس مندوبها في المقعد الدائم ممثلا لكل العرب بخلافاتهم واختلافاتهم..؟!!


ثم ان الدعوة لمنح العرب مقعدا ثابتا دعوة عنصرية تدل على الانعزالية وعقلية بدائية، فالامم المتحدة لم تؤسس لتكون مكانا للصراعات الدينية والثقافية، وانما اسست لتكون مكانا لحل النزاعات واحلال السلام في العالم.
ان العرب بمجموع سكانهم بالقياس يشكلون اقل من %25 من سكان الهند فمن احق بالمقعد الاممي..؟!!
ان الدعوة لاصلاح الامم المتحدة لا ينبغي ان تكون محلا للصراع العنصري أو الديني أو الثقافي بقدر ما تكون دعوة للتمثيل القاري، فآسيا مظلومة والتي تنفرد الصين بتمثيلها، وهذه الدولة توظف وجودها في مجلس الامن وفقا لمصالحها، فيما هناك غياب كلي لأمريكا اللاتينية في مجلس الامن، فبلدان هذه القارة المعزولة اكثر استحقاقا لأن يكون لهم مقعد في مجلس الامن.