انشغل عنها العالم في الأزمة الأوكرانية

ديفيد كينر

وسط ادعاءات المعارضة حول حصول هجمات جديدة بالأسلحة الكيماوية، أخذ رئيس النظام السوري يقترب من نهاية مهلة التخلص من مخزونه من الأسلحة الكيماوية. ولكن يبدو أنه لن يحترمها.

وبموجب اتفاق تم التوصل إليه في سبتمبر الماضي وحال دون تنفيذ تهديد بهجوم عسكري أميركي، كان يفترض أن يكون نظام الأسد قد شحن كل مواده السامة إلى مدينة اللاذقية الساحلية بحلول فبراير بهدف أخذها إلى خارج البلاد وإتلافها. ولكن دمشق فوتت الموعد ووعدت بإنهاء هذه المهمة قبل السابع والعشرين من أبريل. وكان نقل الأسلحة الكيماوية إلى اللاذقية تأخر في مارس الماضي ولم يستأنف سوى الأسبوع الماضي مع شحنة تتضمن كمية صغيرة من المواد الكيماوية.

ويزعم المسؤولون الأمنيون أن تدهور الأحوال الأمنية هو الذي حال دون عمليات نقل الأسلحة الكيماوية، ولكن الولايات المتحدة لا تصدق ذلك الادعاء من الأساس. وفي هذا السياق، قال مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية: laquo;إن لديهم القدرة على (شحن المخزونات الكيماوية إلى اللاذقية)raquo;، مضيفاً laquo;والآن عليهم أن يفوا بالتزاماتهم.. إن سوريا ما زالت متأخرة عن الجدول الزمني الذي وضعه المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، حيث قدمت أقل من نصف مواد الأسلحة الكيماوية الواجب إزالتهاraquo;.

وإذا فوت النظام السوري موعد السابع والعشرين من أبريل لشحن مخزوناته الكيماوية خارج البلاد، فإن موعد الثلاثين من يونيو لإتلاف كل مواد الأسد الكيماوية من المحتمل ألا يتم احترامه أيضاً. ويقول خبير الأسلحة الكيماوية جون باسكال زاندرس إن المسؤولين الأميركيين أخبروه بأن الأمر سيستغرق ما قد يصل إلى 60 يوماً من أجل إتلاف المخزونات حال خروجها من البلاد -وهي فترة زمنية تمتد إلى الصيف.

ويقول: laquo;طالما أن المواد الكيماوية ما زالت في البلاد، فإننا حقاً في وضع دقيقraquo;، مضيفاً laquo;إنه فراغ توجد فيه الكثير من الفرص لوقوع أنواع جديدة من الأحداث التي يمكن أن تزيغ العملية عن سكتهاraquo;.

وهذا سيشكل كابوساً بالنسبة للولايات المتحدة، التي هددت باستعمال القوة العسكرية ضد الأسد في حال استعمال أسلحة كيماوية مرة أخرى. ذلك أن التخلص من تلك المخزونات بشكل سلمي يمثل أولوية ملحة جداً بالنسبة لإدارة أوباما إلى درجة أن بعض المسؤولين الأميركيين جادلوا ضد تصعيد الجهد الأميركي لإسقاط الأسد مخافة أن يدفع مثل هذا الجهد النظام في سوريا للتمسك بأسلحته لفترة أطول. ووفق تقرير لصحيفة laquo;وول ستريت جورنالraquo; في وقت سابق من هذا الأسبوع، فإن laquo;البنتاجون يخشى أن يوقف النظام السوري تعاونه بشأن إزالة الأسلحة الكيماويةraquo; في حال شرعت الولايات المتحدة في توفير التدريب العسكري لعدد كبير من الثوار السوريين.

وبصرف النظر عن تهديدات البيت الأبيض، إلا أنه من المرجح أن تكون هجمات كيماوية جديدة قد وقعت. ففي التاسع والعشرين من مارس الماضي، أصدرت المعارضة السورية بياناً يتهم نظام الأسد باستعمال laquo;غاز سام ومبيدات عالية التركيزraquo; لقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة أكثر من 25 في بلدة حرستا. كما قالت الجمعية الطبية الأميركية السورية، وهي شبكة من المهنيين الطبيين تعمل في سوريا وتقول إنها عالجت ضحايا هذا الهجوم، إن مرضاها laquo;كانوا يعانون من الهذيان، وتسارع ضربات القلب، وضيق في التنفس، والاختناق في بعض الحالاتraquo;.

هذا ويزعم شريط فيديو صوِّر في حرستا على ما يفترض يوم الهجوم إظهار ضحايا الهجوم وهم يتلقون الرعاية الأساسية في مركز طبي ميداني. وبعد أقل من أسبوع على الهجوم على حرستا، اتهم نشطاء من المعارضة النظام في الثالث من أبريل بتنفيذ ضربة أخرى بواسطة الأسلحة الكيماوية على ضاحية دمشق في جوبر. ويُظهر شريط فيديو أفرج عنه في موقع laquo;يوتيوبraquo; ويدعى laquo;ثورة جوبرraquo; ضحية مفترضاً للهجوم وهو يتلقى الرعاية الطبية.

وخلال الفترة التي سبقت هجوم جوبر المفترض، اتهم النظام والمعارضة كل منهما الآخر بالتخطيط لهجوم بواسطة الأسلحة الكيماوية على البلدة. ففي الخامس والعشرين من مارس الماضي، بعث مندوب سوريا في الأمم المتحدة برسالة إلى مجلس الأمن الدولي يزعم فيها أن حكومته اعترضت مكالمة هاتفية بين laquo;إرهابيينraquo; كانا يخططان لإطلاق غاز سام في جوبر بهدف تحميل النظام مسؤولية ذلك. ولكن ائتلاف المعارضة السورية رد على ذلك بالقول إن الرسالة السورية تمثل laquo;تهديداً واضحاًraquo; من النظام بشن هجوم كيماوي على البلدة. وبعد تسعة أيام على ذلك، يقول الثوار، وقع هذا الهجوم بالفعل.

وعندما اتفقت الولايات المتحدة وروسيا العام الماضي على رعاية اتفاق للقضاء على أسلحة الأسد الكيماوية، بدا أن القوتين باتتا أخيراً على وشك العمل معاً لحل الأزمة السورية. ولكن نظراً لصراع البلدين الآن حول أوكرانيا، فإنه قد تكون لدى نظام دمشق فرصة أكبر للتمسك بترسانته الكيماوية لمزيد من الوقت.

ويقول laquo;زاندرسraquo;، خبير الأسلحة الكيماوية: laquo;إن الأهمية الكبيرة لذلك المشروع تكمن في أن واشنطن وموسكو اتفقتا على إرغام سوريا على التخلي عن أسلحتها الكيماويةraquo;، مضيفاً laquo;ولكن تلك العلاقة أخذت تنهار بسرعة الآن، ومن الواضح جداً أن الأسد بات في وضع يمكِّنه من استغلال الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا لأية أغراض لديهraquo;.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة laquo;واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفسraquo;