علي دنيف حسن


لا شك ان العزوف عن المشاركة في الانتخابات يهدد العملية الديمقراطية في العراق برمتها ويعصف بوجود الكيانات السياسية مستقبلا وان كان ذلك بنسبة ودرجة ما.
ويمكن القول ان أبرز الأسباب التي تدفع للعزوف عن المشاركة في الانتخابات هي:


* عدم تحسن الوضع المعيشي والأمني والخدمي، بل ان الكثير من المواطنين يرون ان أوضاع البلاد في تراجع مستمر، وقد تكون الأيام المقبلة أسوأ من تلك التي سبقتها، وان مشاركتهم في الانتخابات هي بمثابة تكريس للأوضاع القائمة وليست نافذة لتغيير الأوضاع، ولو على صعيد المستقبل.
* عدم وجود برامج سياسية للكثير من الأحزاب والكيانات السياسية تمكن الناخبين من إلزام تلك الأحزاب والكيانات بما ألزمت به نفسها، إذ ان أكثر ما يطرح قبل الانتخابات وبعدها ما هو إلا شعارات براقة سرعان ما ينطفئ لمعانها، ولا يعود الناخب قادرا على تذكرها لا سيما إذا ما تشابهت تلك الشعارات أو اختلطت ببعضها.


* طبيعة النظام الانتخابي، فعلى سبيل المثال لا يحبذ الناخب على نحو عام أن يذهب صوته إلى مرشح آخر في حال عدم فوز مرشحه الشخصي، بل ويشعر بالإحباط والندم في مثل هذه الحالة، ويدفعه ذلك إلى عدم المشاركة في الانتخابات مستقبلا.


* تخلي المرشحين عن ناخبيهم حال فوزهم في الانتخابات، فالكثير من النواب لا يمكن الاتصال بهم من قبل وسائل الإعلام، فكيف بالمواطن البسيط، فضلا عن أن الكثير من النواب لا يزورن المناطق التي فازوا عنها للاطلاع على مشاكل المواطنين وحاجاتهم ومعاناتهم.


* ليس لدى بعض الناخبين الرغبة في المشاركة في انتخابات ما لم يسبقها احتراب طائفي أو قومي أو مناطقي، وكأن الانتخابات معركة فاصلة بين فئتين أو عدة فئات، ولا يدرك مثل هؤلاء الناخبين ان كل انتخابات انما هي خطوة تعقبها خطوات وخطوات لبناء مجتمع ديمقراطي حر ينهض على مبدأ تكافؤ الفرص في دولة مؤسسات.
* يربط بعض الناخبين بين المشاركة في الانتخابات ومصالحهم الشخصية، إذ ان بعض الناخبين يتصور أن أعقد مشاكله ستحل، وأصعب أمانيه ستتحقق إذا ما شارك في الانتخابات، بينما الحقيقة ان الكثير من المشاكل ترتبط فيما بينها بالكثير من الروابط التشريعية المعقدة والصلاحيات المتداخلة والمزمنة ويتطلب حلها وقتا طويلا، ولذلك لا عجب أن تسمع أحد الناخبين وهو يقول: لم يحصل ابني على تعيين على الرغم من أنني شاركت في ثلاثة انتخابات.
* يرى بعض الناخبين ان مشاركته في الانتخابات منة يتفضل بها على الدولة والحكومة والأحزاب والكيانات المشاركة في العملية السياسية، ويعتقد مثل هؤلاء أن ليس من واجبهم الذهاب إلى المراكز الانتخابية للتأكد من صحة ووجود أسمائهم، وليس عليهم تصحيح أسمائهم إذا ما حدث خطأ فيها، ولا الوقوف في طوابير التفتيش الأمني الموجودة على أبواب المراكز الانتخابية وهذا نابع من قصور وعيهم السياسي والثقافي بكونهم مشاركين في صنع مستقبلهم ومستقبل بلادهم.
* يعتقد بعض الناخبين أن تسلم حزب أو كيان سياسي إدارة وزارة أو مؤسسة أو هيئة حكومية يعني أن تلك الدائرة باتت في قبضة ذلك الحزب أو الكيان بدءا من حراسها الخارجيين وحتى العاملين في مكتب الوزير، بينما الحقيقة عكس ذلك، إذ ان أغلب الوزارات والمؤسسات يعمل فيها موظفون من مختلف التوجهات السياسية ومن مختلف الطوائف والشرائح الاجتماعية. ومثل هؤلاء الناخبين يقولون انهم نادمون لأنهم انتخبوا الحزب (س) وحصل على أكثر من وزارة ولم يوظفهم أو يوظف أبناءهم في تلك الوزارات متناسين ان هناك قوانين وتعليمات وتشريعات إدارية سارية ليس بمقدور ذلك الحزب تجاوزها أو الالتفاف عليها.