بيروت - ثائر عباس: يعقد مساء اليوم laquo;الاجتماع المنتظرraquo; بين الرئيس التركي عبد الله غل ورئيس الوزراء رجب طيب إردوغان، ويفترض أن يبحثا خلاله من منهما سيترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية المقررة في أغسطس (آب) المقبل، ويضعا حدا للتساؤلات المطروحة بقوة في الشارع التركي بعد فوز الحزب الحاكم في الانتخابات المحلية التي عدها كثيرون laquo;بروفةraquo; لقياس شعبية إردوغان قبل اتخاذه القرار بالترشح، وهو قرار منتظر أواسط الشهر المقبل.
وسيكون اللقاء الاعتيادي بين الرجلين، اللذين أسسا معا حزب العدالة والتنمية الحاكم، كما هي حالهما مساء كل خميس تقريبا، غير اعتيادي هذه المرة. وقال إردوغان أمس: laquo;سألتقي بالرئيس عبد الله غل مساء غد (اليوم) بخصوص الانتخابات الرئاسية، ولن يكون ذلك هو اللقاء الأخير. لقائي الأخير مع الرئيس سيكون عقب إجرائي مشاوراتraquo;. وأوضح إردوغان في معرض إجابته عن سؤال حول ترشحه للرئاسة، أن قراره النهائي بخصوص الترشح سيعلنه في شهر مايو (أيار) المقبل، مضيفا: laquo;لن تحدث بيني وبين رئيس الجمهورية أي خلافات، ولن نتخذ أي خطوات من شأنها أن تكون وسيلة لخلق أزمات أو فوضى في البلادraquo;. وقال إردوغان: laquo;تلك المناصب التي نتقلدها عابرة، فالمسألة ليست ماذا استفدنا من تلك المناصب، وإنما ماذا سنضيف لهاraquo;. وأضاف إردوغان: laquo;منذ زمن بعيد وأنا أؤمن بأنه يجب أن يكون هناك نظام رئاسي في تركيا، وإذا نظرتم إلى الدول المتقدمة، فإنها إما انتقلت إلى النظام الرئاسي أو النصف رئاسيraquo;، لافتا إلى أن laquo;النظام الرئاسي أكثر فعالية ورقابة من النظام البرلمانيraquo;.
ويقول بولانت كيليج، الكاتب في صحيفة laquo;توداي زمانraquo;، إن غل laquo;كان من أهم القادة السياسيين الذين أداروا دفة السياسة التركية في فترة الـ15 عاما الماضية، واستطاع أن يأخذ مكانا قويا على الساحة السياسية، ولهذا لا أعتقد بأنه سيقبل بأن يخرج من اللعبة السياسية بهذه البساطةraquo;. وأضاف: laquo;ومع أنني أثق في أنه لن يكون رئيسا للجمهورية، إلا أنه سيأخذ مكانا ما في السياسة بشكل أو بآخرraquo;، مشيرا إلى laquo;احتمال ترؤس غل حزب العدالة والتنمية بعد أن ينتخب رجب إردوغان رئيسا للجمهورية، لكن من الممكن ألا يسمح أنصار إردوغان له بذلك، وسيضطر حينها إلى البحث عن وسائل أخرى للاستمرار في العمل السياسيraquo;. وأضاف لـlaquo;الشرق الأوسطraquo;:raquo; laquo;الجميع يعرف أن إردوغان وغل لهما ماض سياسي مشترك وحققا معا نجاحات كثيرة، ولكن في السياسة لا يوجد صديق إلى الأبد، وأعتقد أن إردوغان لن يسمح لغل بالتحكم في الحزب كما يشاء، وعبد الله غل يعي ذلك، ولهذا أعتقد أنه سيكون هناك تفسخ وانشقاق في صفوف الحزب وسينحاز جزء منه إلى عبد الله غل في مؤسسة حزبية جديدةraquo;.
وشدد كيليج على أن غل laquo;لن يقبل بأي منصب سواء كان رئاسة الحزب أم رئاسة الوزراء إذا لم يكن هو صاحب القرار الأول والأخير، ولهذا يرفض أن يكون رئيسا بالإنابةraquo;. وقال: laquo;قبل ستة أشهر، كان الساسة والمحللون يقولون إنه إذا لم يأخذ غل ما يريده من إردوغان، فإنه سيعلن ترشحه لرئاسة الجمهورية، ولكن الوضع اختلف اليوم، فالمؤشرات تفيد بأن غل لا حظ لديه أمام إردوغانraquo;.
ورأى أنه في حال اقتناع إردوغان بأن الفوز سيكون حليفه، فلن يتردد في إعلان ترشحه لرئاسة الجمهورية، laquo;لكن رغم الفوز الذي يحاول البعض إظهاره على أنه فوز ساحق في الانتخابات (المحلية)، فإن المؤشرات تقول إن رئاسة الجمهورية لإردوغان ليست باللقمة السائغة ولن يكون سهلا وصوله إليها، ولهذا يحاول الآن كسب أصوات الأكراد، كما سيحاول كسب أصوات 2.5 مليون مغترب في العالم، ولهذا لا نستغرب الاتفاقات العلنية والسرية بين السياسيين الأكراد الذين يطمحون لحكم ذاتي، وإردوغان الذي يطمح للتربع على عرش رئاسة الجمهورية، والآن يتردد في الكواليس أن إردوغان يعد الأكراد بحكم ذاتي في حال دعمهم له لرئاسة الجمهورية، لأن إردوغان الآن يحتاج إلى 8 في المائة للفوز، وهذه النسبة موجودة لدى الأكراد والمغتربينraquo;.
أما ينار دونماز، مدير مكتب أنقرة لجريدة laquo;وقتraquo;، فيرى أن laquo;القاصي والداني يعرف بأن تركيا في الفترة الأخيرة مدينة للسيد غل في العديد من الموضوعات والمواقف المشرفة، واستطاع أن يكون وبكل جدارة رئيسا لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهمraquo;. وأضاف: laquo;الحزب ومؤيدوه يعطون كلا من إردوغان وغل أهمية كبيرة، كما أنه يوجد في الحزب نظام الاستشارة، خاصة في القراارت المهمة، والآن توجد استشارة بهذا الصدد، وأعتقد أن غل سيأخذ نتائج الاستشارات بعين الاعتبارraquo;. وقال: laquo;الآن توجد قناعة في الحزب وكوادره، وهي أن غل أصبح لدورة رئيسا للجمهورية، فإذا أردا إردوغان أن يصبح رئيسا للجمهورية، وأعتقد أنه يرغب بذلك، فهذا من حقه، والحزب وكوادره الآن يرغبون في رؤية إردوغان رئيسا للجمهورية، وأعتقد أن غل سيفسح له في المجال لذلكraquo;، مشيرا إلى أنه laquo;بعد أن يسلم غل مقاليد الحكم لإردوغان، وبما أنه ليس عضوا في البرلمان، فإنه لن يستطيع أن يترأس الحكومة ولكن يمكن له أن يترأس الحزب، وعلى هذا الصعيد توجد أكثر من طريقة لكي ينتخب غل لعضوية البرلمان أو يمكن أن ينتظر إلى الانتخابات البرلمانية ووقتها سينتخب عضوا، ويمكنه عند ذاك ترؤس الحكومةraquo;. ويتابع: laquo;ولكن جميع هذه الاحتمالات ترجع إلى ما يفكر فيه غل، فهل سيرغب في اعتلاء منصب رئاسة الوزراء مباشرة أم سيذهب إلى الاستراحة من عبء السياسة لمدة ما، أم سيترك العراك السياسي، رغم أن الحزب قيادة وكوادر، خاصة إردوغان، يحبذ أن يستمر غل في ممارسة السياسة الفعليةraquo;.
وشدد على أنه لا يوجد أي خلاف بين laquo;الأخوينraquo; غل وإردوغان، وأنه على هذا الأساس تستمر الاستشارة فيما بينهما، والآن ننتظر نتائج هذه الاستشارات، مشيرا إلى أنه لا يتوقع أن يمارس غل السياسة خارج إطار حزب العدالة والتنمية في حال وصول المباحثات إلى طريق مسدود بين الطرفين، laquo;لأنهما يمتلكان الأرضية الانتخابية نفسها، ولا يريدان أن تنقسم الأصوات إلى قسمين، فإذا حصل ذلك، فإن الطرفين سيفقدان فرصة الفوز بأغلبية تمنحهما تشكيل حكومة. أعتقد أنهما سيأخذان هذا في الاعتبارraquo;.
إلى ذلك، نفى نائب رئيس حزب العدالة والتنمية والناطق باسم الحزب، حسين جليك، كل الادعاءات والتخمينات الواردة حول توجه الحزب إلى نظام الرئيس المشترك في حال فوز الرئيس الحالي للحزب رجب طيب إردوغان بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وأوضح جليك في تغريدة له على حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي laquo;تويترraquo; أن بعض الرؤساء يحتاجون إلى العمل بنظام الرئيس المشترك، غير أن هذا الأمر يستحيل مع حزب العدالة والتنمية، laquo;لأن قائد الأوركسترا يكون واحدا، ولا يمكن أن يكون إلى جانبه قائد آخرraquo;. ولفت جليك إلى أن هناك مثلا تركيا قديما يقول: laquo;إن المجراف لا يغرف في الأرض المحفورةraquo;، موضحًا أن laquo;المدينة لا يمكن أن تدار بواليين، والبلدة لا تدار بمختارين، وإذا حصل العكس، فإن الأمور ستختلط معاraquo;.
من جهة أخرى، وفي بادرة غير مسبوقة، أصدر إردوغان أمس، بيانا يعزي فيه أحفاد الأرمن عشية الذكرى السنوية التاسعة والتسعين، التي تصادف اليوم، للمجازر التي تعرض لها الأرمن عام 1915 في عهد السلطنة العثمانية.
وبينما تحدث رئيس الوزراء التركي لأول مرة بصراحة عن هذه المأساة التي وقعت بين 1915 و1917 في السنوات الأخيرة للإمبراطورية العثمانية، إلا أن بيانه لم يرتق إلى مستوى الاعتذار. واعترفت دول عدة بأنها إبادة، ولكن لم تعترف تركيا بذلك. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال إردوغان في البيان: laquo;إنه واجب إنساني أن نفهم ونشاطر إرادة الأرمن في إحياء ذكرى معاناتهم في تلك الفترةraquo;. وأضاف: laquo;نتمنى أن يرقد الأرمن الذين قتلوا وسط ظروف مطلع القرن العشرين في سلام، ونعرب عن تعازينا لأحفادهمraquo;.
وفي 24 أبريل (نيسان) 1915 وقعت أول إبادة في القرن العشرين؛ إذ جرى ترحيل مئات آلاف الأرمن في ظل السلطنة العثمانية، وقتل عدد كبير منهم (1.5 مليون شخص بحسب الأرمن)، فيما صودرت أغلبية ممتلكاتهم.
وأقر إردوغان في بيانه بالتبعات الكارثية لعمليات ترحيل الأرمن، لكنه تجنب استخدام مصطلح laquo;الإبادةraquo;، حسب وكالة laquo;أسوشييتد برسraquo;. وقال إن ملايين الناس laquo;من كل الأديان والأعراقraquo; فقدوا أرواحهم خلال الحرب. وأضاف أن تلك الأحداث يجب ألا تمنع laquo;الأتراك والأرمن من اتخاذ مواقف تعاطف إنساني متبادلraquo;، داعيا إلى عدم توظيف تلك الأحداث ضد تركيا. كما طرح إردوغان مجددا مقترحا تركيا بإجراء دراسة مشتركة حول تلك الأحداث بمشاركة علماء من الجانبين.