الياس الديري
والآن، إلى أين تتّجه رياح المنطقة والأحداث التي لم يتمكَّن لبنان من النأي بنفسه عنها؟
الجواب البديهي والمباشر: إلى المجهول، لا إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخلُف الرئيس ميشال سليمان الذي تنتهي ولايته في الخامس والعشرين من الشهر المقبل؟
وإلى الفراغ الرئاسي كما يتوقَّع كبار القادة والمُتعاطين الشأن السياسي؟ ما من مفاجأة لا في الجواب ولا التوقّع.
إلا أن ما شهدته أمس قاعة الجلسات في مجلس النواب يستحقّ التوقّف والتأمّل والتحليل، وإن يكن مُنتظراً ومُتوقعاً تقريباً بكل تفاصيله وما حفلَت به الجلسة السريعة. حتى بالنسبة إلى عدد الأصوات لهذا المرشح أو ذاك، وعدد الأوراق البيض مع الأوراق المُلغاة...
ذلك أن الرئيس نبيه بري كان يعدُّ مطرقته لإعلان الانتقال الفوري إلى الجلسة الثانية، وحيث تكون مادة الامتحان مرفقة بشرط الحصول على 65 صوتاً لإعلان فوز مَنْ سيكون خليفة الرئيس الحالي.
فوجئ. أو هكذا بدَت ملامح وجهه. ولم يتمكّن من حَجْب ابتسامة عريضة حين جالَ بنظره في القاعة الكبرى ووجدها شبه فارغة...
قبل فترة لا تتجاوز الشهرين جمَعَتني المصادفة مع سياسي من كبار زمان الوصْل بالسبعينات لا بالأندلس، وممن كانت لهم أدوار وكلمة مسموعة في الأزمات والاستحقاقات والانعطافات.
خلاصة الدردشة انتهت إلى نتيجة شبه أكيدة، ومعلّلة بالأسباب والعوامل التي طالما ردّدناها مراراً وتكراراً ودائماً وأبداً. ومفادها أن الانتخابات الرئاسيّة قد تصطدم بعقبات تفرض تأجيلها شهرين ثلاثة، أو أكثر بقليل. وقد حرصت في حينه على quot;إعلانquot; هذا الاحتمال والتنبيه إلى الأسباب الموجبة...
صحيح أن وجود حكومة وفاقيَّة تتمتَّع بكامل صلاحيّات مجلس الوزراء في حال خلوّ سدّة الرئاسة الأولى من شأنه تخفيف الكثير من المخاوف، إلا أن حجم المعضلة المتمثلة بوجود هذا الكمّ الهائل من اللاجئين السوريين وانتشارهم العشوائي لا بدَّ أن يُدخِل الهمَّ والقلق إلى كل بيت وناحية.
وهذا الأمر ليس خفيّا على الرئيس تمّام سلام، ولا على وزير الشؤون الاجتماعيّة النقيب رشيد درباس.
هذا في الشكل، وفي الملابسات المتصلة بالاستحقاق الرئاسي. أما لجهة الجوهر والإيجابيات فثمّة مَنْ ينظر باستحسان وتقدير إلى خطوة وليد جنبلاط الذي أدخل نكهة quot;الوسطيّةquot; إلى ساحة quot;المواجهةquot; الهادئة بين الورقة البيضاء والورقة التي تحمل اسم سمير جعجع.
فكان اسم هنري حلو بمثابة إشارة في وقتها، للَفْت جميع الأفرقاء في ضفّتي آذار إلى أن الاتجاه السياسي الوسطي التوافقي هو ما يحتاج إليه لبنان في هذه المرحلة الحرِجة.