زيدان الربيعي

تمثل الانتخابات النيابية العراقية التي ستجري اليوم في عموم محافظات العراق وبمشاركة أكثر من تسعة آلاف مرشح منعطفاً مفصلياً في تاريخ العراق، كونها ستجعل العراق يمر بمسارين لا ثالث لهما، المسار الأول يتمثل ببقاء العراق موحداً، وهذا المسار يحتاج إلى تنازلات وتفاهمات وتحالفات كبيرة جداً بين بعض الكتل التي تستطيع أن تحقق الأغلبية بنوعيها السياسي أو التوافقي، أما المسار الثاني فيتمثل بتمزيق البلد، إذا بقيت الأطراف المتصارعة الآن مصّرة على النهج الذي سارت عليه في السنوات الأربع الماضية، وهذا المسار وإن كان أغلبية العراقيين يرفضونه، إلا أن البعض، لا سيما دعاة الأقاليم أو من الذين يحاولون تطبيق وصفة تقسيم العراق التي أطلقها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن في السنوات السابقة . حيث طرح بايدن فكرة لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات quot;كردية سنية شيعيةquot; بزعم تخلص العراق من الصراعات المذهبية والإثنية .
تعد انتخابات اليوم مختلفة كلياً عن انتخابات عام2010 وذلك لأسباب عدة لعل في مقدمتها أنها أول انتخابات تجري من دون وجود قوات الاحتلال الأمريكي . أيضاً أن هذه الانتخابات شهدت تفككاً كبيراً للكتل والائتلافات والتحالفات التي خاضت الانتخابات السابقة، حيث لم يشارك quot;الشيعةquot; بثلاث كتل مثلما حصل في الانتخابات السابقة، إنما نزلوا في انتخابات اليوم بأكثر من خمسين كتلة، والحال ذاته مع quot;السنةquot; الذين شاركوا بأكثر من أربعين كتلة ولم يختلف وضع الأكراد والتركمان والمسيحيين والأيزيديين والشبك والمستقلين، لكن بنسبة أقل من حيث الكتل والقوائم .
لذلك، فإن خريطة الانتخابات لهذا العام ستكون معقدة، بسبب النظام الانتخابي الجديد الذي اعتمد والذي يختلف كلياً عن النظام السابق . أيضاً إن هذه الانتخابات شهدت إقصاء الكثير من الشخصيات التي كانت فاعلة في الدورة الحالية لعل من أبرزها نائب الرئيس العراقي المحكوم بالإعدام لمرات عدة طارق الهاشمي بتهم إرهابية، وكذلك غياب وزير المالية رافع العيساوي والنائب المعتقل احمد العلواني، والنائب المستقل صباح الساعدي وأيضاً النائبة مها الدوري .

المناطق الساخنة

انتخابات اليوم ستجري في ظل ظروف أمنية ولوجستية صعبة جداً، خاصة في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين وديالى وكركوك وأطراف بغداد بسبب حالات نزوح المواطنين من بعض مناطق محافظتي الأنبار وديالى وأيضاً بعض أطراف بغداد التي تعرضت إلى الغرق بسبب قيام المسلحين بغلق نوافذ سدة الفلوجة .إلا أن الكثير من مواطني تلك المناطق يصرون على المشاركة في الانتخابات من أجل حصول التغيير الذي يرغبون فيه، وكذلك من أجل تحدي الظروف التي وضعوا فيها، سواء من قبل الحكومة أو من قبل التنظيمات المسلحة .

شعارات وأهداف

منذ انطلاق الدعاية الانتخابية للكتل والائتلافات والأحزاب والكيانات والشخصيات المشاركة في الانتخابات النيابية العراقية في اليوم الأول من هذا الشهر رفع الجميع شعار التغيير، وكل طرف من هذه الأطراف له رؤية خاصة في التغيير قد لا تختلف كثيراً عن الأطراف الأخرى، إلا نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات ورئيس ائتلاف العربية صالح المطلك رفع شعار التغيير بشكل منفرد عن الآخرين، إذ دعا إلى تغيير الدستور العراقي الحالي، لأنه يرى أن كل المشاكل التي تعرض لها البلد منذ عام2005 ولغاية الآن سببها هذا الدستور، لأنه دستور مملوء بالنقاط الخلافية والتفسيرات المتضاربة والألغام القابلة للانفجار بأية لحظة . مؤكداً أن السعي لتغيير الدستور هو سعي للحفاظ على وحدة العراق من مخاطر التقسيم التي تسعى لها بعض الجهات تحت شعارات مختلفة لعل من أبرزها إقامة الأقاليم أو إعلان تقرير المصير .
وقد سعى المرشحون للانتخابات سواء كأفراد أو ككيانات إلى مغازلة العراقيين بوعود كثيرة جداً لا تعد ولا تحصى ولكن العراقيين الذين كانت لهم تجارب مريرة جداً مع هذه الوعود لم يعودوا يصدقون بها، ولم يصدقوا أيضاً البرامج الانتخابية لأغلب الكتل السياسية، لأنهم جربوها والمجرب لا يجرب حسب رأي الكثير من العراقيين . لكن المرشحين لم ييأسوا، حيث جعلوا من تردي الوضع وكثرة الأزمات السياسية وانعدام الخدمات ومخاطر الإرهاب والمليشيات والإغراء بتعيين المواطنين في دوائر الدولة أو إنجاز بعض المطالب كمدخل لهم لكسب أصوات الناخبين . بينما لجأ آخرون إلى أساليب رخيصة وملتوية تتمثل بتوزيع بعض الأموال البسيطة على الناخبين أو إقامة وجبات غذائية لهم أو تنظيم ندوات عشائرية لدعم هذا المرشح أو ذاك، لأن أغلبية المرشحين استعانوا بألقابهم العشائرية في دعاياتهم الانتخابية، بما فيهم مرشحو التحالف المدني الديمقراطي الذي يدعو إلى بناء دولة مدنية حقيقية، إلا أن أغلبية مرشحيه وضعوا ألقاب عشائرهم بعد أسمائهم! . لكن أيضاً أن كل هذه المحاولات لم تثنِ الكثير من الناخبين عن خياراتهم في التصويت يوم الاقتراع، لأن العراقيين دائماً يتبعون الرمز ولا يبحثون عمن يخلفه، لذلك في كل التجارب الانتخابية السابقة نجد أن الرموز هم من يحصلون على أكبر عدد من الأصوات، أما بقية المرشحين في كتلهم فلا يجلبون إلا أصواتاً قليلة جداً بعضها يثير السخرية، لأنها قد لا تصل إلى مئة صوت .

كيفية التغيير؟

إن جميع المرشحين كما ذكرنا رفعوا شعار التغيير معتمدين على دعوات المرجعيات الدينية والسياسية التي دعت منذ أشهر عدة إلى ضرورة التغيير في البلد بسبب فشل النخبة السياسية الحالية في توفير أدنى مقومات العيش الكريم لأبناء الشعب العراقي .
فلو قمنا باستثناء كتلة المطلك في موضوعة التغيير، لوجدنا أن هناك الكثير من الكتل وضعت قاسماً مشتركاً للتغيير وهذا القاسم المشترك يتمثل بعدم السماح لرئيس الوزراء العراقي الحالي نوري المالكي برئاسة الحكومة المقبلة تحت أي ظرف، وهذه الكتل هي quot;متحدون للإصلاحquot; برئاسة رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي وقسم من الأحزاب الكردية ولاسيما حزب رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وكتلة المواطن بزعامة عمار الحكيم، فضلاً عن كتل أخرى حديثة على المشهد السياسي العراقي .إذ ترى هذه الكتل أن بقاء المالكي على رأس الحكومة المقبلة سيقود البلد إلى حافة الانهيار التي تصل إلى حد التقسيم، على اعتبار أن الأكراد يتهمون المالكي باستمرار أنه دكتاتور يريد أن يجعل الأكراد تابعين له وليسوا كشركاء في صناعة القرار وفي حكم البلد أيضاً . إذ بين الحين والآخر يهدد القادة الأكراد وخاصةً البارزاني بحق الأكراد بتقرير المصير والانفصال عن العراق . بينما يرى ائتلاف quot;متحدون للإصلاحquot; أن بقاء المالكي يعني وجود خطر كبير على وحدة العراق، حتى أن رجال الدين الذين قادوا الحراك الشعبي ضد حكومة المالكي فيما سميّ بquot;المحافظات المنتفضةquot; دعوا قبل أيام ناخبي تلك المحافظات إلى عدم انتخاب الكتل التي تساند المالكي . أما ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي فهو من أشد الرافضين إلى استمرار المالكي بمنصبه في الدورة الحكومية المقبلة . وقد تنضم إلى تلك الكتل كتلة صالح المطلك لمنع المالكي من جمع المقاعد التي تساعده على الظفر بولاية ثالثة .
أما حلفاء المالكي بالأمس وخصومه اليوم في كتلتي الأحرار والمواطن، فقد وضعوا ما يشبه القطيعة بينهم وبينه طوال الأشهر الماضية، حيث نعت زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، المالكي بالكثير من النعوت أقلها أنه دكتاتور، أما قادة quot;كتلة المواطنquot; فقد كانوا يهاجمون المالكي، لكن بلهجة مخففة، إلا أنهم كانوا يؤكدون ضرورة عدم السماح له بالحصول على الولاية الثالثة مهما كانت الأسباب، لأنهم يرون أنها تكريس للطائفية واستمرار للأزمات .

ما هي أسلحة المالكي؟

عرضنا في أعلاه الخطط والتحالفات التي أعدها خصوم المالكي لمنعه من الحصول على ولاية ثالثة وليس هذا فقط، إنما منعه هو وائتلافه من المشاركة في أي منصب حكومي، وهذه المحاولة هي لتفتيت ائتلاف المالكي الذي بقي متماسكاً في الدورة الانتخابية الحالية، ولم تحصل فيه إلا انسحابات قليلة استطاع تعويضها بضم نواب آخرين من كتل أخرى .
لكن ما هي أسلحة المالكي في مواجهة خصومه الذين عملوا على إطاحته بشكل علني؟ لكن البعض من هؤلاء الخصوم وبعد أن وجدوا رفضاً من قبل قواعدهم الشعبية وخاصة كتلتي الأحرار والمواطن لتلك التحالفات عادوا لينفوا وجود مثل هذه التحالفات قبيل إعلان نتائج الانتخابات . حيث يمتلك المالكي الكثير من الأسلحة التي ربما تجعله قادراً على هدم تلك التحالفات المضادة له . إذ في مقدمة هذه الأسلحة مراهنة المالكي على الحصول على عدد كبير من المقاعد يجعله قادراً على الحصول على الثلث المعطل لتشكيل الرئاسات الثلاث، وهذا الأمر متوقع جداً وقد ذكره المالكي، وأيضاً البعض من المتابعين للشأن العراقي في أكثر من مناسبة . لأن هذه الانتخابات سيكون التزوير فيها قليلاً بسبب اعتماد البطاقة الانتخابية الإلكترونية، حيث اتهم المالكي بعض خصومه بالقيام بتزوير الانتخابات السابقة لمصلحة كياناتهم، مؤكداً أن كل حراك خصومه الآن ضده، هو جراء الخوف من صدمة النتائج التي سيحصلون عليها . وإذا حصل المالكي على ما يتوقعه من مقاعد في البرلمان المقبل سيتوجه بعد ذلك إلى حلفائه الآخرين من ائتلاف quot;دولة القانونquot; الذين نزلوا بقوائم منفردة وهم تيار الإصلاح بزعامة إبراهيم الجعفري ومنظمة بدر بزعامة وزير النقل هادي العامري وتجمع الكفاءات العراقية وغيرها من الكتل التي شكلها المالكي في أغلب المحافظات العراقية، حيث ستجعله هذه التحالفات المبكرة وشبه المضمونة قادراً على إدارة ملف تشكيل الحكومة بنفسه حتى إن لم يكن هو رئيساً لها .
وإذا لم ينجح المالكي في تشكيل تحالف قوي يستطيع أن يشكل الحكومة المقبلة، فإنه سيعود ثانيةً إلى كتلتي الأحرار والمواطن لإعادة إحياء تشكيل التحالف الوطني من جديد، لأن جميع كتل التحالف الوطني تؤكد الآن ضرورة الحفاظ على هذا التحالف في المرحلة المقبلة .

رؤية سياسية قانونية

نائب الرئيس العراقي السابق والقيادي في المجلس الإسلامي الأعلى العراقي عادل عبد المهدي أوضح رؤية سياسية قانونية حول الصراع الانتخابي وكيفية تشكيل الحكومة المقبلة والرئاسات إذ يقول:quot; نقول هذا الكلام لنعيد النقاشات إلى واقعيتها والى ما ستسفر عنه انتخابات اليوم من تغييرات أساسية في موازين القوى . فالكلام عن ترشيح اسم رئيس الوزراء كضمان لفوز القائمة، وعن أرقام عالية أو تحالفات هدفها كلها إحداث تأثيرات نفسية على الناخبين لكسب بعض المقاعد الإضافية، ولخلق مناخ أن الانتخابات مآلاتها محسومة، بينما تشير كافة المؤشرات إلى تغييرات جدية وحقيقية مقبلة لا محالة . فهذه الانتخابات ستكون أصعب بكثير من الانتخابات الثلاثة الماضية لتشكيل حكومة أغلبية سياسية بالمعنى الذي يقصده البعض، أي إن تحالفات ما قبل الانتخابات كافية لإتمام المهمة . فهذه الحكومة كانت ممكنة، عددياً على الأقل، في انتخابات 15-12-،2005 وفي انتخابات 2006 عندما حصل quot;الائتلاف العراقي الموحدquot; على 138 مقعداً، و130 مقعداً على التوالي، من مجموع 275 مقعداً . . وكان يمكن تحقيقها في 2010 لو نجحت مفاوضات quot;العراقيةquot; وquot;القانونquot; . . ولم تتشكل الحكومة إلا بعد قيام quot;التحالف الوطنيquot; من quot;الوطنيquot; وquot;القانونquot; . لهذا سيتطلب تشكيل الحكومة المقبلة الشراكة الجدية للمكونات الأساسية، وتحالفات مريحة في كل ساحة .
لكن يبدو من توضيح عبد المهدي السياسي والقانوني أنه يريد أن يؤكد للكتل المناوئة للمالكي أنه تحت كل الظروف يمكن إقصاء المالكي من رئاسة الحكومة، إلا أن حصول المالكي على كتلة يكون عددها أكثر من quot;110quot;، مقاعد فهذا يعني أن حضورها إلى جلسة البرلمان لن يجعل أية صفقة تمر من دون موافقة أعضاء كتلة المالكي .
أمنيات العراقيين بصورة عامة أن تنتهي الانتخابات بسلام وأن يشهد بلدهم ولادة حكومة منسجمة تحافظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً وتحقق الأمن والسلام وتخلص البلد من الأزمات المتتالية التي شهدها طيلة السنوات العشر الماضية . كما يتمنى العراقيون أن يشهد بلدهم نمواً اقتصادياً وعمرانياً كبيراً .

أكاديميون يتوقعون مخاضاً عسيراً للحكومة الجديدة ويتخوفون أمنيا

أبدى أكاديميون عراقيون مخاوفهم الكبيرة من احتمال استهداف مراكز الاقتراع في الانتخابات العراقية التي ستجرى اليوم، مؤكدين لquot;الخليجquot; أن هذه المخاوف نتجت من حصول عمليات خرق في بعض المراكز الانتخابية في التصويت الخاص أول أمس .


وكشفوا أن البطاقة الإلكترونية التي يستخدمها الناخب والأجهزة التي تستقبلها ظهرت فيها بعض العيوب في يوم التصويت الخاص، ما يسمح بحصول بعض عمليات التزوير . وتوقع هؤلاء أن تشكيل الحكومة المقبلة يحتاج إلى وقت طويل قد يمتد إلى أشهر عدة بسبب تفكك الكتل الكبيرة . وأوضحوا أن رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي له حظوظ في الحصول على ولاية ثالثة لكنها تصطدم برغبة الكتل الأخرى بتغييره . وتالياً التفاصيل . . قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية والمحلل السياسي واثق الهاشمي: إن هناك خشية لدى المواطنين العراقيين من الوضع الأمني في يوم الاقتراع العام، خصوصاً أن أكثر من 19 مليون عراقي سيشاركون في الاقتراع بسبب الاستهدافات التي حصلت في يوم الاقتراع الخاص .
وتوقع الهاشمي أن يتم استهداف الناخبين من أجل منعهم من المشاركة في الانتخابات . لافتاً إلى أن هذه المخاوف ستكون عاملاً مؤثراً، لكن ليس بالشكل الكبير . مستدركاً أنه سيكون هناك خوف وريبة لدى المواطن من احتمالات استهدافه من قبل المجاميع الإرهابية في مراكز الاقتراع أو في الطرق المؤدية لها .
ورأى الهاشمي أن هناك ثقافة في دول العالم الثالث، تتمثل بالتشكيك باحتمالات حصول عمليات تزوير قبل الانتخابات، وحتى بعد أن تظهر النتائج تؤكد الأطراف الخاسرة وجود التزوير . حيث لا توجد ثقافة الاعتراف بالخسارة .
واتهم الهاشمي جميع لكتل السياسية بخداع جمهورها، بعد أن توقعت أنها ستحقق أرقاماً خيالية، مشيراً إلى أن واقع الحال ليس القياس الحقيقي لهذه الأرقام، وقد تكون هناك خطوط عودة إلى جمهورها بأنهم خدعوا وحصل تزوير وكان استحقاقها أكثر .


وشدد على أن عميلة التزوير في الانتخابات الحالية ستكون قليلة جداً بسبب وجود مراقبين في جميع الكيانات، فضلاً عن وجود صراع في الكتل الشيعية والسنية والكردية، مبيناً أن حالة الانقسام بين الكتل المذكورة لم يحدث لها مثيل والتزوير سيكون صعباً للغاية . لأن البطاقة الإلكترونية جاءت بناء لطلب كبير من الخبراء، حيث كان يفترض تجريبها في انتخابات مجالس المحافظات الماضية، لكن هذا لم يتم .
وكشف الهاشمي أن الانتخابات الخاصة بينت وجود خلل في الجهاز بعدم قبوله للبطاقة الانتخابية في بعض الأحيان وكذلك بالنسبة لبصمة الناخبين المصابين بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم، لكن هذه الإشكالات تم تجاوزها، لكن قد تشهد انتخابات اليوم حصول مثل هذه المشاكل وبالتالي تضطر المفوضية إلى تمديد وقت الانتخابات بسبب هذه المشكلات .
ورأى الهاشمي أن هناك أطرافاً عدة ستحرم من الانتخابات، حيث إن نسبة30% من محافظة الأنبار حسب إحصائية المفوضية والمناطق التي أغرقت بالماء والمراكز الانتخابية التي أغرقت من الصعوبة أن تجرى فيها الانتخابات . مؤكداً أن هذه النسبة كانت فرصة لتأجيل الانتخابات لحين استقرار الأوضاع، ولكن الأمور سارت ونتمنى أن تمر على خير .
ولفت الهاشمي إلى حالات الانشقاق التي حصلت بين الكتل السياسية والتباعد الذي حصل، وأكد أنه ليس بمقدور أية كتلة سياسية أن تحصل على الأغلبية السياسية، الأمر الذي سيجعل هناك عاملاً خارجياً للضغط من أجل إعادة تشكيل ثلاث كتل سنية وشيعية وكردية . لذلك، فإننا لن نجد في هذه الانتخابات أغلبية سياسية لصعوبات بالغة وصراعات ستكون الأصعب في تاريخ العراق الحديث . إذ إن تشكيل الحكومة سيحتاج إلى مخاض طويل والتحالفات أيضاً ستشهد الكثير من التقلبات خلال المفاوضات .
من جانبه، قال الكاتب والباحث الدكتور أمير جبار الساعدي، إنه مع حجم الأجهزة الأمنية حدثت أكثر من عملية انتحارية في يوم الاقتراع الخاص، وهذا يعود إلى نقص المعلومة الاستخبارية الاستباقية، لأنه لم نستطع بناء منظومة تتعامل مع بعضها بعضاً تتكون من المخابرات التي تطوق الإرهاب الذي بدأ يطوّر استراتيجيته للنيل من حياة الأبرياء العراقيين .
ورأى الساعدي أن الاستهداف الذي حصل في الاقتراع الخاص وبمحافظات عديدة قد يمثل رسالة من الجهات المعادية إلى الناخبين تثير المخاوف في نفوسهم . لأن ما حصل يوم أول أمس قد يشير إلى أنه قد تحصل في هذا اليوم اعتداءات أكبر في محاولة لمنع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم . لافتاً إلى أن موضوعة النازحين بسبب العمليات العسكرية، وأيضاً نتيجة غرق بعض المدن سيقلل من نسبة المشاركة في الانتخابات .
وأوضح الساعدي أن هناك مرحلتين للتزوير، الأولى بإمكانية تكرار عملية التصويت في التصويت الذي يجري من دون استخدام البطاقة الإلكترونية، وهذا يتم في خارج العراق، وأيضاً عند النازحين في الداخل العراقي، والثانية في عملية إدخال البطاقة الإلكترونية إلى الجهاز فهي تحتاج من خمس إلى عشر ثوان لحفظ المعلومات وفي حال سحب البطاقة الإلكترونية قبل تجاوز هذه الفترة فبإمكان الشخص التصويت مرة أخرى، لأنها لم تحفظ المعلومات وتتم عملية التزوير .
وتوقع الساعدي أن هذا الجهاز سيقلل نسبة كبيرة من التزوير، إضافة إلى أن هناك أعطالاً كثيرة ستحصل في هذه الأجهزة، ما سيضطر المفوضية إلى إلغاء استخدام هذه الأجهزة في الساعات الأخيرة والاعتماد على التصويت اليدوي في الاقتراع العام .
أما أستاذ الإعلام الدولي في جامعة بغداد الدكتور كاظم المقدادي، فقد ذكر أن الوضع الأمني قبل الانتخابات لا يحسد عليه، خصوصاً أن التصويت الخاص وصل إلى نسبة 75% والإجراءات الأمنية مهما كانت مدروسة، فستكون هناك خروقات أمنية . حيث حصلت خروقات في بغداد والموصل وكركوك، ومن الصعب جداً أن يكون هناك وضع أمني جيد، والإرهاب يعرف أن هذه فرصة قوية لاستغلالها والتسويق لوجوده في الساحة العراقية .
ورأى المقدادي أنه لا يمكن للأجهزة الأمنية أن تسيطر على الوضع الأمني بالكامل مهما أوتيت من قوة .
وتوقع المقدادي حصول معركة صعبة سيواجهها الشارع العراقي تطول لأشهر عديدة في عملية اختيار رئيس الوزراء العراقي الجديد، مبيناً أن التيار الصدري رشح محافظ ميسان علي داوي لكي يكون رئيساً للحكومة المقبلة، وهذا جزء من اللعبة السياسية وخطأ استراتيجي كبير وقع فيه التيار المذكور، لأن داوي قدم للمجال الخدمي في محافظة ميسان الشيء الكثير، لكننا نحن نتكلم اليوم عن إدارة دولة بالمفهوم السياسي، وليس بالمفهوم الخدمي، لأن السياسة مرتبطة بالاقتصاد، وعندما يأتي رئيس وزراء يجب أن يكون ضليعاً بالسياسة والاقتصاد في آن واحد، ويمتلك شخصية مؤثرة في الجميع وأن البحث عن شخصية تمتلك هذه المواصفات صعب جداً الآن .