رندة تقي الدين

في أوائل الشهر الماضي شهدت المنطقة العراقية عين الجحش جنوب الموصل تخريباً أدى الى وقف خط كركوك النفطي الى جيهان في تركيا مما أوقف تصدير حوالى ٣٠٠ ألف برميل في اليوم من النفط الخام من انتاج شمال العراق أي خسارة حوالى ٣٠ مليون دولار في اليوم بعدما كان انتاج كركوك بأكثر من نصف مليون برميل في اليوم. وهذا التخريب ليس الاول في العراق تقوم به ميليشيات سنّية ولكن الامر الجديد ان الميليشيات بقيت على الموقع ولم تهرب بل منعت فرق النفط من تصليح ما تم تخريبه. حتى ان الاكراد عرضوا على السلطة المركزية بناء خط آخر. هذا الحدث يدق ناقوس خطر تفك العراق إذ يظهر ان عدداً من المناطق أصبحت خارج سيطرة السلطة المركزية. والخطر بتفكيك العراق وارد وموجود اذا حصل رئيس الحكومة نوري المالكي على غالبية مطلقة في الانتخابات وهذا مستبعد. فلو حصل على مثل هذه الغالبية لاستمر في سياسته التي عادت الجميع من اكراد ومناطق سنّية. لو حصل المالكي على غالبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومة سيستمر في سياسته المرتكزة على التوتر والخلاف مع الاكراد ومع السنّة. عندئذ سيكون هناك خطر كبير في تفكك العراق لانه عندها سيتخذ مواقف اكثر تشدداً مع الاكراد حول مسألة تصدير النفط. اما بالنسبة الى المناطق السنّية فالخلاف بين الشيعة والسنّة بكل احوال عميق في العراق وعززه المالكي. لكن في الوضع الحالي لن يحصل المالكي على غالبية تمكنه من السير في اتجاه توتر متجدد مع الاكراد لانه سيحتاج الى حلفاء. فيظهر ان خطورة تفكك العراق ما زالت بعيدة اذا كان فوز المالكي محدوداً .الا ان سياسته غير مشجعة. فهو لعب دائماً على انقسامات العراق بدلاً من ان يوحد البلد. وعمل على تحالف اقليمي مع ايران والنظام السوري زاد التوتر مع سنّة العراق والمنطقة بأسرها ولم ينجح لا بمكافحة الفساد ولا بنهوض بلده الغني، لا اقتصادياً ولا أمنياً. وعودته الى رئاسة الحكومة في العراق أمر سلبي لهذا البلد الغني لان سياسته لم تسع الى المصالحة والعمل على توحيد الصف والابتعاد عن مخاطر التفكك والانقسام.

كان الامل ان تنشأ في العراق بعد صدام حسين ديموقراطية تكون مثالاً للأنظمة العربية. الا ان حكم المالكي وادارته للأمور في بلده والفساد المنتشر فيه بعيد كل البعد عما يتمناه أي مواطن يؤمن بالمسار الديموقراطي. فالعراق بلد غني وكبير ومهم، لكنه يحتاج الى تجدد وتغيير كامل في من يدير اموره. فالامل في الحقيقة ولو انه ضئيل، يكمن في الا يعود المالكي الى الحكم والا استمرت الامور تتدهور في العراق فيما خطر التفكك اصبح يتفاقم.