فاتح عبدالسلام

انتهى السباق الإنتخابي تحت شعار التغيير ،تلك المفردة التي اتخذها جميع الخائضين تميمة وحرزاً ومفتاحاً سحرياً لقلب أوضاع العراق من تقسيم طائفي مقيت وفساد مالي الى جنة عدن. جميعهم كانوا يقولون جئنا للتغيير، الذين جربناهم سنة في الحكم أو جربناهم ثلاث سنوات أو ثماني سنوات ، كانوا كلهم يعزفون نفس المعزوفة.. التغيير.. التغيير.


العراقيون لم يظهروا في تاريخهم في منظر الكمش كما يقول المثل العامي مثلما ظهروا في هذه الانتخابات التي هرولوا اليها بنيات صادقة غالباً سعياً لحياة جديدة لكن ليس ثمة قوة سياسية جديدة تتسيد الموقف ،فعلى ماذا كانوا يعولون؟.
أسماء مستهلكة قديمة قرفوا حد الغثيان منها لكنهم ذهبوا وانتخبوها بعد أن أبدل بعضهم الجلود والألسن والشعارات، وفوق ذلك لم يحسنوا تبديلاً.


ماهذا هو العراقي الذي يعرفه القاصي والداني. إنه عراقي مغمض العينين منساق وراء الطبل السياسي نفسه والزرنة الطائفية ذاتها.


أحدهم يقول للآخر لننتظر الانتخابات وكيف ستكون الأمور، من دون أن يسأل نفسه عن هذه الأسماء التي تحتكر المشهد الانتخابي المتراقصة في لافتاتها الحديدية باهضة الثمن كم مرة مارست الحكم علانية أو سراً، بالأصالة أو بالنيابة ،عبر وزارة ومؤسسة حكومية أو عبر مليشيا للقتل والتصفيات وعصابة تهريب للأموال والنفط.


نعرف أن الحياء لدى جوقة السياسيين المستهلكة في بغداد نقطة وانسفحت منذ سنوات ،أليس لنا عينان نبصر بهما وأذنان نسمع عبرهما ولسان ننطق به. لماذا هذا الركوب السهل الرخيص لموجة الأحزاب والشخوص الحاكمة ،علناً أو سراً، الحالية او التي قبلها من دون أن نعي الى أين يقودنا هذا المركب.أهو اليأس؟


من كان له فضل مقدار شعرة على ما جاء به بريمر من خريطة وخميرة انتخابية للعراق فليرفع صوته وسنكون من ورائه مؤيدين مرحبين موالين .


لا يشبه حال العراقيين في هذه الأيام التعيسة شيء من قديم الزمان أو جديده ،سوى ما نقلته وكالة أنباء رويترز عن موظف في دائرة السجون في يوم التصويت الخاص وقد أصابته الدهشة الصاعقة وهو يرى ألفين وخمسمائة معتقل معظمهم حسب كل المنظمات الدولية والمحلية بتهم كيدية لكنهم كانوا يصوتون لسجانهم.


ياعراقيين ، الله أعطاكم عقولاً لكنكم استخدمتموها كدرنفيسات وبلايسات وصوبات نفطية، فما عسى الله الواحد الأحد يفعل بكم، إنّه غفور رحيم .