&محمد الرميحي

&

&

&

حقيقة استراتيجية ثابتة أن مصر مؤثرة فى شجون وشئون العرب باختلاف الدرجات ، فاهمية ان يكون لمصر (سياسة عربية واضحة ومؤطرة ) هى بأهمية استقرار مصر ونموها. بعد اسابيع قليلة سيكون لمصر رئيس جديد، وسوف يكون لها برلمان جديد بعد اشهر .

&

ومع علمى اليقينى ان مصر تواجه تحديات كبرى، بعد سنوات القلق التى مرت بها، الا انها بحاجة الى و ضع سياسة عربية اقليمية تضع المخاطر والتحوطات على قواعد ثابتة ، لا تخضع للأهواء كما لا تخضع للانطباعات. هناك امثلة كثيرة على التأثير المصرى فى المحيط العربي، سوف استخدم بعض المؤشرات لتقريب الصورة. فمن حيث الشكل، ما إن قامت ثورة عام 1952 فى مصر، حتى اعقبتها سلسلة من الثورات العربية على نمطها ، فى كل من العراق واليمن والسودان،وليبيا، ومحاولات مشابهة فى عدد من البلدان العربية الاخرى.، ظهر فى مصر (الاتحاد الاشتراكي) فظهر ايضا فى المغرب وفى السودان، كما سُمى المجلس النيابى المنتخب بـ (مجلس الامة) فتمت تسمية عدد من المجالس المنتخبة العربية بنفس الاسم، ومازال مجلس الكويت المنتخب يُسمى (مجلس الامة)، . أما من حيث الموضوع فإن ( القوة الناعمة المصرية) اثرت مازالت تؤثر فى محيطها العربي، لو تحدثنا عن الكتب والافلام والمسلسلات والاغاني، كان العرب يسهرون بجانب اجهزة الراديو مساء الخميس من اجل الاستمتاع بسماع (الست)،كانت ايضا الاقلام المصرية تؤثر فى تشكيل الراى العام العربي،و اعتقد ان ذلك مازال الى حد ما، خاصة للكتاب اصحاب المصداقية الكبيرة لدى الرأى العام العربي، اما الروايات فمازالت مؤثرة هى والاغنية العربية والفيلم العربي، زاد التأثير واتسعت دائرته مع التوسع الهائل فى وسائل الاتصال الحديثة. فى الجانب السياسى تستطيع مصر أن تجمع ان لم يكن كل العرب، فعلى الاقل إقامة محور عربى مؤثر وفاعل للتأثير فى السياسات الاقليمية والدولية. من أجل كل ذلك تحتاج مصر الى تشكيل سياسة عربية واضحة ومحددة الاهداف وتضامنية مع محور عربى هو الاقرب الى اهداف السياسة المصرية.


وإن كان لى أن أضع بعض المواصفات التى يمكن أن تؤخذ كمؤشر للقواعد الحاكمة لمثل تلك السياسية العربية فهي. أولا: أن تكون مبنية على دراسات وابحاث علمية ودقيقة ، ولا تكون آنية و انطباعية وشخصية، وثانيا: ان تكون مبنية على مصالح قومية لا تختلف باختلاف الاشخاص أو تغير الحكومات، ويدافع عن تلك المصالح فى السر والعلن امام منظمات اقليمية ودولية بلغة منسجمة وواضحة. وثالثا: ان تبنى تلك السياسة على احترام عميق للمصالح المشتركة الاقتصادية والاجتماعية وتخلق جوا من الاطمئنان فى تمرير المعلومات وتبادل الادوار وتعزيز النتائج المرجوة. ورابعا: آخر ما يجب ان تبنى عليه تلك السياسات هو ( العاطفة) او (المجاملة ) التى اتسمت بها العلاقات العربية ـ العربية فى زمن سابق، وأوصلتنا الى تنافر مرذول، وعلاقات غير صحية. وخامسا: كلما اعترفنا بأننا امام زمن غير الزمن الذى مضى، كنا اقرب الى بناء تعاون عربى صلب، لقد تغير الزمن فليس هو الزمن الناصرى او الساداتى ولا حتى المباركي، انه زمن أصبح يحتم بناء علاقات عربية تقوم على الاحترام والندية والاشتراك فى الايجابيات، فلم يعد ( التفوق) حكرا على مكان او تجربة عربية، هناك من التجارب العربية ما يمكن الاستفادة منها، وهى تجارب متنوعة فى الاعمار و بناء البنية التحتية وفى التعليم و بناء المدن وفى البحث العلمي.

&

التحديات العربية المشتركة ليست بسيطة ولا هينة، وأرى فى رادار الافق العربى ثلاثة تحديات كبرى، ليس انتقاصا من التحديات الاخرى، ولكنها تظهر كأعمدة اشارة لما يمكن التوافق عليه.

&

أولا: هناك استحقاق للاصلاح، فى كل دولة عربية، وأولويات الاصلاح تختلف من دولة الى اخرى، الا ان فكرة الاصلاح وولوج العصر الذى يتحول بسرعة الى ( حقوق الانسان) و(الدولة المدنية) و(رفع من قدرة القانون على السمو وتساوى الجميع امامه) و(خفض ومحاصرة نسب الفساد) واخيرا (الاهتمام بجودة التعليم والبحث العلمي) تلك عناوين عامة ومستحقة فى الدول العربية، بدرجات مختلفة وبطرق معالجة مختلفة.

&

ثانيا: التحدى الاسرائيلي، لا أحد يطمح بخوض حروب عبثية او (عنتريات) مع الدولة الاسرائيلية، ولكن علينا ان نبذل جهدا مشتركا حتى تفهم الدولة الاسرائيلية اين يكمن هامش التسامح ، واين يكمن هامش الخطر فى الاستمرار بتحقير المطالب المشروعة للفلسطينيين. اسرائيل من خلال المعلومات المنشورة،ونتيجة تداعيات (ربيع العرب) قامت بما تصفه بعض التقارير الدولية بـ (ثورة) فى نظرتها الاستراتيجية، وفى العقيدة القتالية لجيش الدفاع الاسرائيلي، كما تقول باختصار بعض التقارير ان اسرائيل كان لها جيش دفاع له ذراع استخباراتية، بعد ربيع العرب، اصبح للاستخبارات الاسرائيلية، ذراعا هى الجيش، اى ان الفكر الاستراتيجى قد انقلب رأسا على عقب، جراء احداث الربيع، وهو امر لا بد من النظر اليه بعمق عربي، وفهم ما يعنيه على الجانب العربي،.

&

ثالثا: التحدى الايراني، ونحن لا نتحدث عن خلاف ( مذهبي) بل صراع مصالح مستحكم، فليس خافيا اليد الطولى للنظام القائم فى ايران فى الخاصرة العربية، امتداد فى العراق، وتمركز فى سوريا وتحالفا مع حزب قوى ومسلح فى لبنان (حزب الله) وامتدادا فى اليمن ( الحوثيين) وجيوبا مختلفة فى الخليج. إن العقيدة السياسية الإبرانية تبنى من خلال المناهج الدراسية الايرانية الحالية (كما قررت احدى الدراسات المعمقة) على خطاب كاره للعرب «مع الاسف» فالغزو العربى هو الصيغة التى تتناولها مقررات المدارس للاشارة إلى الفتح العربى لايران، مبدأ التفوق العرقى الايرانى وريادته على ( دونية) العربي، كما ان الثقافة الفارسية هى العنصر الايجابى الكبير الذى حقق التقدم الحضارى الاسلامى ، الاسلاميون من اهل السنة (أعراب) متعصبون وعنصريون لم يتأثروا بمبادئ الاسلام!! ذلك بعض ما يضخ فى عقول الناشئة الايرانيين فى المدارس،مع الاسف، وهو دليل على الحشد الكاره وتضخيم العدوانية، تحت شعارات الاستضعاف والاستكبار!

&