سيناريو «الصدام» مع الإخوان المسلمين «ينمو» في الأردن وورقة «المكونات والتمثيل» تعيد إحياء الجدل حول العلاقة مع حماس وحساسية تمثيل الفلسطينيين


بسام البدارين

&

&

&

&

&لا يمكن عزل الجدل الذي ثار مؤخرا في الأردن بعنوان «التنظيم السري» داخل الإخوان المسلمين وبنيتهم في المملكة عن سياقات إقليمية متعددة توحي ضمنيا ان المعركة الخفية لا زالت دائرة بين المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان بقيادة الشيخ همام سعيد وبين الحكومة.


التركيز الشديد على قصة «التنظيم السري» يوحي مباشرة ان الهدف الأعمق هو إعادة إنتاج عناصر القوة في التنظيم الإخواني وتقليم أظافره وإخضاعه سياسيا بالتالي للمواصفات المطلوبة على مقاسات الموقف الرسمي.
لذلك على الأرجح ولدت قصة التنظيم السري وإستحقت من كثرة تداعياتها السريعة الإنصراف إلى تشكيل لجنة للتحقيق بدعم من المكتب التنفيذي للإخوان لإظهار قدر من «الشفافية» والعمل على ملاحقة «العيار لباب الدار» كما فهمت «القدس العربي» من مسؤول بارز في التنظيم الإخواني.
على هذا الأساس أختبر المهندس وائل السقا لرئاسة لجنة التحقيق مما يؤشر على أن المكتب التنفيذي وتجنبا لبقاء قصة التنظيم السري تلوكها الألسن في الإعلام إندفع بإتجاه لجنة التحقيق حتى لا تمتد الجدالات بالخصوص إلى كادر التنظيمات الإخوانية وخصوصا الشاب بعدما قدم عضوان في مؤسسات قيادية إفادة يقولان فيها أنهما كانا جزءا من التنظيم السري.
رسالة الثقة بالنفس من المكتب التنفيذي واضحة المعالم بدليل تشكيل لجنة تحقيق رغم أن وجود أرضية للعمل السري وللطواريء في تنظيم كبير مثل الحركة الإسلامية من الأمور الطبيعية في الواقع لكن قصة وجود تنظيم سري بدأت تستعمل على النطاق الإعلامي بعدما خرجت على لسان المراقب العام الأسبق الشيخ عبد المجيد الذنيبات.
الهدف واضح من التركيز الشديد على المسألة حسب مراقبين فعنوان المواجهة الآن بين الحكومة الأردنية وبين «دولة الظل» في الإخوان المسلمين هو العمل على إقصاء المكتب التنفيذي الحالي لجماعة الإخوان بقيادة كل من الشيخين همام سعيد وزكي بني إرشيد.


مشكلة سعيد وبني إرشيد أنهما غير ممتثلان ولا زالا يعتبران جسرا قويا برأي التقارير والتقييمات الرسمية تجاه العلاقة مع حركة حماس الفلسطينية، الأمر الذي يجعل النسخة الأردنية من جماعة الإخوان المسلمين عموما في موقع أفضل تكتيكيا وإستراتيجيا.
ما لا يريد الجميع قوله في السياق أن السلطة تخشى أن يستمر الإخوان المسلمين في اللعب بورقة «تمثيل الشارع الفلسطيني في الأردن» عبر التمسك بتلك الروابط المتجذرة مع حركة حماس وهو أمر لو حصل فعلا لتوفرت بين يدي الإخوان محليا ورقة إستراتيجية جدا تعيد إنتاج مجمل التوازنات.
تتضاعف هذه المخاوف مع وجود تمثيل سلبي أو عاجز للأردنيين من أصل فلسطيني في الواقع السياسي والوظيفي والتشريعي في البلاد، الأمر الذي يجعل إختطاف ورقة التمثيل هذه من التحديات الأساسية ليس فقط بسبب تداعيات نقلة تكتيكية من هذا النوع.
ولكن أيضا ـ وهذا الأهم- لإن الحافلة الوحيدة المتاحة امام الوسط الفلسطيني الأردني في الإنتخابات العامة هي فقط حافلة الأخ المسلم او حافلة الحكومة حيث لا يوجد حافلات مستقلة أو ديمقراطية او يسارية أوقومية وفي غالبية الأحوال لا يوجد حافلات نزيهة أصلا.
لذلك يقول الشيخ زكي بني إرشيد بأن الجسم الإخواني يتعامل بصورة جذرية مع قضايا الوحدة الوطنية ولا يستغرب عندما يفيد بجلسة سابقة مع «القدس العربي»: قد يكون ذلك من أسباب التوتر ضد الحركة الإسلامية.
ولذلك أيضا وعلى نطاق أوسع يمكن إعتبار مساحة لا يستهان بها من الصراع الدائر في بلد كالأردن تحت عنوان الإخوان المسلمين هو في اصله تعبيرعن صراع أعمق له علاقة بكل هوامش ملفات ثقيلة من نوع الإصلاح السياسي وعدالة التمثيل وتجاذبات الوحدة الوطنية وكل سيناريوهات «المكونات».
من هنا حصريا تبرز الخلافات داخل مكونات الإخوان حتى عندما يتعلق الأمر بمحور العلاقة التنظيمية والتحالفية والتمثيلية لحركة حماس حيث تحت وطأة الخلاف على هتاف من وزن «أردنة» الجماعة الإخوانية برزت وولدت كل التناقضات الأخيرة بما في ذلك حركة زمزم الشهيرة التي إنبثقت عن الجماعة وحاولت التأثير في مجريات الأمور.
كذلك مؤتمر الإصلاح المزعوم الذي دعا إليه الشيخ ذنيبات وكشف فيه عن مسألة التنظيم السري التي يمكن فهمها الآن على أساس تعبير مباشر عن أزمة أعمق قد يكون عنوانها الأقرب هو إقتراب سيناريو «الصدام» بأدوات السلطة والقانون مع الإخوان المسلمين.


هذا الإقتراب يدركه «أذكياء» المشروع الإخواني وهو يقرون ان جملة المناكفة التي صدرت بإسم التنظيم السري قابلة للتطور والنمو حتى تبدأ معركة في الإطار القانوني تمكن خصوم الإخوان في مؤسسة الحكم من الإمساك بخطأ فادح بالموجب القانوني.
تشكيل لجنة تحقيق بقرار ذاتي بملف التنظيم السري محاولة إستباقية للأحداث.
لكن الأجواء عموما لا تبدو مريحة مع السلطة التي يرى الشيخ مراد العضايلة أنها تعمل بنشاط ضد الإخوان وتستهدفهم فقط لإنهم «دعاة إصلاح حقيقي».
سيناريو الصدام مع إخوان الأردن يقترب كثيرا وما يمكن أن ينهيه أو يؤجله هو سرعة إنعكاس ما حصل في الإنتخابات الأخيرة لشورى جبهة العمل الإسلامي على مؤسسات المرجعية الإخوانية بحيث يتنحى الثنائي سعيد- إرشيد أو يبتعدا عن الأضواء ولو مؤقتا أو تسقط التركيبة الحالية للمكتب التنفيذي… هل يحصل ذلك؟


&