زينب غاصب

الصامتون عن مجازر «داعش» وانتصاراتها الدموية، المتعاطفون معها، الهامسون بها فرحاً في سرائرهم، هذه بضاعتكم ردت إليكم، لا تفرحوا، أنتم أول الرؤوس قطعاً متى ما تحقق مرادكم الذي لن يتحقق بإذن الله، ثم بيقظة قادة هذه البلاد ورجالها وشبابها المخلصين لوطنهم وأرضهم ومواطنيهم، أتعتقدون أنكم ستصبحون ولاة وحجاباً ووزراء لهؤلاء الذين لا دين لهم ولا ولاء ولا ضمير، ربما لا يعيد التاريخ نفسه بالأحوال والأزمنة، لكنه يكرر الأخطاء بالفكر نفسه والآلية ذاتها التي تقول: إن المنتصر يبدأ سياسته بالتخلص من المناصرين والأتباع والمحرضين، الذين تعلم منهم اللعبة، فهو يعرف أهدافهم وأمانيهم، تشرّب منهم الخيانة، وحفظ الدرس جيداً، والتطبيق يكون على قدر التعلم، والسحر دائماً يرتد على الساحر، فهؤلاء ليسوا غزاة كالتتار، وإن كانوا يتفوقون عليهم في الهمجية والدموية، فالتتار غزاة من خارج الدولة الإسلامية، وعندما اعتنقوا الإسلام هذبهم وأشعل فيهم أنفاس الحضارة والبناء، ويبقى «تاج محل» في الهند شاهداً لهم كيف أن الإسلام قتل فيهم الهمجية، وعلمهم التسامح، وحفزّهم للعمل والإنتاج.

&

أما الخوارج الذين خرجوا عن جسم الدولة الإسلامية، فهم أشباه «داعش» في الدموية والوحشية، لكن خوارج «داعش» يفوقونهم في الفراغ العقلي وبؤس الفكر والتحزب للضلال والخراب، والرسول صلى الله وسلم قال: «لو أدركتهم لقتلتهم قتل عاد»، لكن سياسة التمييع والتسامح والتدليل، التي تمتعوا بها من رؤسائهم من مدعي العلم والفضيلة، من دعاة ووعاظ وخطباء وقطيع من الأتباع الجهلاء، الذين سقوهم من سحر الهيمنة في غفلة عن تتبع الفكر ومحاربته، هم الذين حالوا بينهم وبين الحكومات التي كانت تراقبهم ولا تحفل بخطرهم، معتقدة بتهريجهم الذي بات يهدد الأوطان وأمنها ومواطنيها، فأخذتهم سكرة الزهد في أقوالهم حتى أصبحت فعلاً يهدد الوطن العربي، عكس الدول الإسلامية التي سارت على مناهج الحضارة والتسامح، وإن كانت أفغانستان التي كانت في يوم ما في سلطة محمود الغزنوي الذي هو من أصل مغولي في أوج حضارتها وقوتها، عبثت بها يد الاستعمار وأدخلت إليها أغبياء العرب من ذوي الجهل وشهوة التغيير الدموي، بحجة تحريرها من الاستعمار الروسي، إلا أنها وقعت تحت سلطة احتلال «القاعدة» التنظيم الإسلامي، فأقعد «طالبان» لتطمس حضارة قرون من الزمن لهذا البلد الذي كان منارة للعلم والسلام، ومن ثم تدفقت منه رايات الخراب على الوطن العربي، ما أوجد الفرص الذهبية للمتآمرين من الخارج، ليضربوا بيد من حديد على كل تنمية بشرية وثروات طبيعية، لم يمكنهم مخططهم الاستعماري من السيطرة عليها، فأسعفتهم نباهتهم إلى جهل العرب وانصياعهم لخدعة الدين، فبدأت تلعب عليه ليتمكنوا من الخراب الذي جاءهم بأيد العملاء المغترين بالأحزاب الدينية، والدعوات السياسية المغلفة بحلم الخلافة الإسلامية، فركض العملاء خلفهم في تحقيق أهدافهم لاستعباد الناس واستحلال دمائهم وأعراضهم. اتبعوا قول الرسول صلى الله عليهم وسلم: «لقتلتهم قتل عاد»، الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، لكن المدعين للدين هم الذين يسيرون مع الهوى، ليأتوا بدين جديد ليس الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.

&

ما الذي يمنع الحكومات الخليجية خصوصاً من اتباع قول الرسول والسير في طريق الإصلاح مع التفريق بين أعداء الوطن الحقيقيين وبين المصلحين، ولكل علاماته وسيماه وأهدافه، ينتشرون على مواقع التواصل الاجتماعي كالنمل، لكن وظيفة النمل في سعيه للعمل أنبل من وظيفتهم في التحريض على الوطن وإسقاطه، ومن ثم الصمت عن شهدائه، والتلميح بالغموض للتمويه.
&