ابراهيم حيدر

قيل الكثير في ملفي سلسلة الرتب والرواتب، والجامعة اللبنانية، من الحقوق الى الإيرادات، ومصير التلامذة والشهادة، الى توزيع الحصص الطائفية والسياسية في التفرغ والعمداء. البعض اعتبر ان هيئة التنسيق النقابية تأخذ التلامذة واهاليهم رهائن لتحقيق مطالبها، والبعض الآخر جاهر علناً بموقفه رافضاً إعطاء الأساتذة والموظفين أي حقوق، فيما ناقشت لجان منبثقة عن مجلس النواب مشروع السلسلة ووضعت جداول متناقضة، لينتهي الأمر برفضها كلها وتعطيل إقرار السلسلة أو على الاقل بعض الحقوق للمطالبين بها. أما في قضية الجامعة، فلا تبدو الأمور أفضل من السلسلة، خصوصاً في قضية تفرغ المتعاقدين الذين يلزمهم أيضاً زيادة موازنة الجامعة، فكيف بقضية العمداء الذين دخلت قضيتهم في تجاذب مسيحي اسلامي ومسيحي مسيحي، من دون أن يبت مجلس الوزراء قضيتهم.

والكلام الذي نسمعه يومياً، ونقرأ مقاربات عن السلسلة والجامعة، رغم اختلاف ملفيهما، لا يحدد المسؤولية الحقيقية عما آلت اليه الأمور. ولا مجال هنا للكلام في الإنشاء الذي يخاطب الناس عاطفياً، لتغييب القضايا المحقة وجرّها الى مكان آخر، إذ أن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الطبقة السياسية، وعلى 8 و14 آذار معاً، وعلى التحالفات السياسية والطائفية والاصطفاف في مواجهة الحقوق وغيرها من القضايا التي تهم الناس، وهذه الطبقة والقوى السياسية التي تمثلها تدير الدفة كيفما تريد، وتلعب بالقضايا بما يخدم مصالحها وتوجهاتها، حتى في مسائل تهم جمهورها، كي لا نقول قضايا ترتبط بمصالح اللبنانيين عموماً.
وانطلاقاً من تحديد المسؤوليات، نسأل عن الصمت الذي يطبق على سلسلة الرواتب، وتعطل المؤسسات، وما عدنا نسمع أي كلام عن قضايا الناس، ولا لجان أو تشريع، ولا مناقشات تتعلق بالموضوع، فيما ينتظر أكثر من 100 ألف تلميذ إعلان نتائج الامتحانات ليعرفوا مصيرهم. فكيف نقرأ الصخب الذي لف مجلس النواب قبل اسابيع نقاشاً في سلسلة الرتب والرواتب؟ ليصمت الجميع في شكل مفاجئ، وكأن المسؤولية تقع على عاتق الناس وعليهم أن يحلوا مشكلاتهم بأنفسهم وتدبير أمورهم في غياب الدولة الراعية والمؤسسات التي تنظم شؤونهم، فيما المسؤولون لا ينطقون بكلمة عن موضوع شائك لتقرير مصير المعنيين به.
ولأن أزمة السلسلة وقضية الجامعة دخلتا منعطفاً حاسماً هذا الأسبوع، لا يمكن ان يبقى التعطيل السياسي ومعه الطائفي مستمراً، خصوصاً وأنه لقضايا تهم الناس ومرتبطة بالاستقرار الاجتماعي في البلد. فهل يدعى مجلس النواب الى التصدي لأزمة السلسلة ومعها كل ما يتعلق باستقامة أمور المؤسسات؟ وهل يقر مجلس الوزراء ملفي الجامعة؟ هنا تحدد المسؤولية بدقة، فلا هيئة التنسيق النقابية في إمكانها أن تحسم القضايا وهي بين مقلبي ضغط، ولا غيرها، الا من يستطيع ان يقر حقوقاً ولو جزئية لربط نزاع لاحق!
&