معلومات عن محاولة «التحام» بين سلفيي شمال لبنان والبقاع


تفاوتت في بيروت اصداء القرار الحكومي الذي قضى بوقف العمل بـ «وثائق الاتصال» التي كانت تعتمدها مخابرات الجيش و«لوائح الاخضاع» المعتمدة من المديرية العامة للامن العام في عمليات التوقيف من دون العودة الى السلطات القضائية، فالبعض اعتبر الامر «انجازاً» كونه ينهي ملفاً من مخلفات ما يعرف بـ «عهد الوصاية السورية»، والبعض الآخر عبّر عن خشيته من الأضرار التي يلحقها هذا القرار بالاستقرار في البلاد نتيجة التنافس بين التيارات المتشددة كـ «داعش» و«النصرة» على التسلل الى لبنان والعمل على ضمه إما الى «دولة الخلافة» او اقتطاع أجزاء منه لإلحاقها بـ «الإمارة».

مصادر القوى التي لم تُبدِ ارتياحها لقرار الحكومة الاخير، توقعت عبر «الراي» إطلاق بعض الموقوفين الاسلاميين في القريب العاجل بعدما الغى قرار مجلس الوزراء صفة المخبر التي تمنح الأجهزة الأمنية سلطة توقيف المشتبه بهم وجعل هذه السلطة بيد النيابة العامة حصراً بحيث أصبحت الاجهزة الامنية ملزمة بالحصول على قرار قضائي للقيام بأي عملية تفتيش او حجز، وتالياً فان التعامل مع الملف على هذا النحو سيتيح إطلاق خليط من الاسلاميين من «داعش» و«النصرة».

وكشفت هذه المصادر عن ان «حسام صباغ (اوقف قبل نحو اسبوع في طرابلس) اطلق من زنازين القوى الامنية وتسلمته النيابة العامة، ومن غير المستبعد ايجاد مخرج له مع موقوفين آخرين لاطلاقهم»، مشيرة الى ان «صباغ قاتل في افغانستان ويملك، بحسب المعلومات الامنية، سلطة فعلية على اكثر من 300 مسلح منضبطين ومدربين يتبعون بميولهم الى جبهة النصرة اكثر من داعش»، لافتة الى ان «الواقع الجديد يرتب على مخابرات الجيش مضاعفة جهدها في البحث عن دلائل اكثر صلابة قبل القيام بأي عملية دهم او توقيف».

ورأت مصادر على صلة بملف الحركات المتشددة لـ «الراي» ان «هناك تيارين يتبعان لدول في المنطقة تتنافس على الساحتين اللبنانية والسورية عبر دعمها لأطراف محددة من المسلحين، وهو الامر الذي انعكس على الداخل اللبناني عبر إطلاق يد القوى الامنية ضد جبهة النصرة اكثر من غيرها»، موضحة ان «تهديد التيار السلفي المتشدد لا يقتصر على الشيعة فقط بل يطول السنّة، خصوصاً تيار المستقبل باعتباره حزباً علمانياً وليس اسلامياً، كما ان التهديد يطول المسيحيين ايضاً».

وتحدثت مصادر معنية بالمواجهة مع تلك التيارات المتشددة لـ «الراي» عن ان «الحراك السياسي الذي يأخذ هذه التهديدات في الحسبان في بيروت تُرجم عسكرياً على الحدود اللبنانية - السورية، وتحديداً من رأس بعلبك وجرود الهرمل الى القلمون»، مشيرة الى ان «قوات حزب الله ما زالت منشغلة في هذه المنطقة العسكرية الساخنة، والتحدي العسكري الذي يواجهه الحزب هناك نابع من مهمته في التصدي لمحاولة دخول المقاتلين السوريين ومعهم مقاتلون من جنسيات اخرى في لحمة مع سلفيي لبنان في مناطق بيت جن وقرية عزة وخربة روحا ومجدل عنجر في البقاع الغربي، وهي مناطق تعتبر بيئة حاضنة متناغمة مع المناخ السلفي الموجود في طرابلس وعكار».

وفي تقدير هذه المصادر ان «الخطة الامنية اثبتت عدم فاعليتها مما اعطى دفعاً اكبر للمسلحين الذين باتوا يتحركون في شكل اكثر علنية ويعملون على تحقيق اللحمة بين الشمال والبقاع الغربي، وتالياً فان أشخاصاً مثل حسام صباغ يُعتبرون ركناً اساسياً في هذا المخطط، مما اوجب تعاوناً على مستوى عال بين القوى الامنية و«حزب الله» من جهة وايضاً بين القوى الامنية اللبنانية واجهزة الاستخبارات الغربية، لا سيما الاميركية والالمانية والفرنسية والتي كان لها الدور الاساسي في القاء القبض على اشخاص اساسيين مثل نعيم عباس وماجد الماجد وانتحاريي الفنادق»، كاشفة عن ان «اجهزة الاستخبارات الاميركية كانت ابلغت الى مخابرات الجيش اللبناني وجود صيد ثمين في الطريق الجديدة، من دون تحديد هوية الشخص، فبدأ العمل على هذه المعلومة ليتبين انه نعيم عباس، وهو الامر الذي تم بين المخابرات الالمانية والامن العام في شأن اشخاص آخرين».

وعلمت «الراي» ان اجتماعات امنية عقدت بين قيادة الجيش وقيادة «حزب الله» لايجاد صيغة تعاون مشتركة في منطقة القلمون، خصوصاً في ضوء معلومات المصادر الامنية عن وجود نحو اربعة آلاف مقاتل في منطقة جرود عرسال اللبنانية يعملون على ضرب الاستقرار الامني في البلاد.

وقالت مصادر ميدانية على صلة بالمواجهات الدائرة في القلمون لـ «الراي» ان «الاشتباكات التي حصلت بين حزب الله والمسلحين ادت حتى اليوم الى سقوط 140 قتيلاً من هؤلاء المسلحين، دفن 60 منهم في ارض الكشك و 30 في قطنين وآخرون دفنوا في الاودية والجرود المجاورة»، مشيرة الى ان «المسلحين كانوا خطفوا ثلاث نساء من قلب عرسال متزوجات اتهمن بالزنى، وقاموا باعدامهن في اليوم عينه».

كيف يستطيع الجيش اللبناني التدخل في تلك المعارك وهو لا يملك القوى المناسبة لذلك، بحسب مصادر قريبة من قيادته؟

اوساط معنية بسير المعركة في القلمون وعلى الحدود اللبنانية - السورية، اوضحت لـ «الراي» ان «الجيش اللبناني لديه بنك أهداف وهو مزوّد بمعلومات دقيقة عن أمكنة وجود المسلحين ويملك دبابات ومدافع مناسبة ليدكّ معاقلهم من دون الالتحام المباشر معهم»، لافتة الى ان «نظرية الحاجة الى 3 مقابل 1 غير دقيقة، خصوصاً ان هؤلاء المقاتلين يملكون السلاح الخفيف وغير مزودين بسلاح الدبابات او المدرعات او المدافع الثقيلة، الا انه على ما يبدو فان فوبيا نهر البارد ما زالت حاضرة وان الغطاء السياسي لم يُؤمن بعد رغم رغبة الدول الغربية في ان يكون للجيش اللبناني دورا فعالا في ضرب هذه المجموعات، وذلك خوفاً على استقرار لبنان وانضمامه الى امارة الجولاني (النصرة) او دولة البغدادي (داعش)».

وفي الدلالات على هذا الاهتمام الدولي، كشفت مصادر مهتمة في بيروت لـ «الراي» عن ان «الاجهزة الامنية الغربية، وفي خطوة لافتة، شغلت اجهزة الاتصالات المتطورة ليس للتجسس على حزب الله ومراقبته، انما لتغطية النقص بالمعدات لدى الاجهزة الامنية اللبنانية»، لافتة الى ان «الاجهزة الغربية تزود، وفي شكل يومي، مخابرات الجيش اللبناني وجهاز الامن العام وفرع المعلومات وعلى نحو متوازٍ بالمعلومات التي تملكها، حتى ان الاجهزة الغربية نفسها تقدم لنظيراتها اللبنانية خيوطاً صغيرة نظراً الى حساسيتها فيبدأ العمل عليها لاكمال الصورة، وهو ما ادى الى نتائج بالغة الاهمية في اكثر من ملف امني على صلة بالشبكات الارهابية».

&

&


&

&



&