بدأ لبنان أسبوعاً من «الاستراحة» السياسية التي ستحمل في طيّاتها مظاهر اضافية من تداعيات الشغور في سدة رئاسة الجمهورية الذي بدأ في 25 مايو الماضي، وسط ترقّب لدينامية جديدة ستنطق بعد عطلة عيد الفطر استناداً الى مجموعة مواقف وتحركات داخلية تسعى الى توفير أرضيّة لكسر حال المرواحة ضمن المأزق الذي تعيشه البلاد والتي بدأ ينذر بالمزيد من التعقيدات في ضوء ارتسام معادلة «لا انتخابات رئاسية = لا انتخابات نيابية» ما يعني تمديداً جديداً للبرلمان (تنتهي ولايته الممددة في 20 نوفمبر) باتت «حيثياته»... «على النار».

وفي حين حلّ العيد على وقع اعتذار المسؤولين عن عدم تقبُّل التهاني ووسط إجراءات استثنائية اتخذتها الجيش وقوى الامن الداخلي لتفادي اي «مفاجآت ارهابية» ربطاً باستمرار خطر توجيه مجموعات متشددة ضربات لها في لبنان على خلفية ارتدادت الحدَثيْن السوري والعراقي، انشغلت دوائر السياسييْن بتطورين طبعا نهاية الاسبوع وينُتظر ان يشكلا محور التحركات في مرحلة ما بعد عطلة الفطر التي ستطبعها سابقة عدم حصول احتفال بعيد الجيش في الاول من اغسطس نظراً الى خلو منصب رئيس الجمهورية والى الظروف الامنية. والتطوران هما:

* اللقاء الاول من نوعه منذ يناير 2011 بين الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله والنائب وليد جنبلاط الذي عُقد يوم الاحد. واذا كان الهمّ الاقليمي شكّل محور الاجتماع الذي لم يصطحب معه اليه جنبلاط احداً على غير عادته والذي عُقد بحضور مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، الا ان الملف الرئاسي حضر ايضاً رغم افتراق الفريقين في مقاربته اذ يرفع الزعيم الدرزي شعار «لا للعماد ميشال عون ولا لسمير جعجع» في حين لا يزال «حزب الله» يقف وراء عون الذي يرفض البحث في اي مخرج رئاسي يقوم على انتخاب غيره.

وفي حين أثار لقاء نصر الله - جنبلاط لدى بعض الدوائر السياسية في بيروت علامات استفهام حول اذا كان يمكن ان يشكل مؤشراً الى تبدُّل في موقف جنبلاط من رفضه السير بعون وتمسكه بمرشح كتلته النائب هنري حلو، فان اوساطاً مراقبة اعتبرت ان مثل هذا الامر غير مطروح، لافتة الى ان «حزب الله» ليس في وارد ممارسة اي ضغوط على اي طرف سياسي داخلي لفرض العماد عون رئيساً وان الحزب في هذه المرحلة متيقن من ضرورة تحصين الوضع الداخلي حيال المخاطر الامنية ومن هنا جاء في البيان الذي صدر عن مضمون اللقاء انه تطرق الى «العمل الحكومي وأهمية تفعيله وتنشيطه، مع التشديد على ضرورة الاسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لإنهاء حال الشغور القائمة، كما تم التوافق على ضرورة المحافظة على التماسك الداخلي وتعزيز الإجراءات المتخذة من أجل تمتين حالة الاستقرار التي تعيشها البلاد من خلال رفع مستويات التنسيق بين الاجهزة الامنية».

وبحسب هذه الاوساط فان «حزب الله» لم يقل كلمته بعد في الاستحقاق الرئاسي والتي تنطوي على «اسماء مستورة»، وهو كان اكتفى في المرحلة الماضية (ومعه فريق 8 آذار والنائب جنبلاط) برمي الكرة في ملعب زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري عبر إحالة زعيم «التيار الوطني الحر» العماد عون عليه، بعدما أبلغ الحزب عون انه لا يملك لوحده القدرة «الرقمية» على تأمين انتخابه وان «القفل والمفتاح» في ذلك يبقى الحريري الذي تلقّف «الهدية المفخخة» ورفض ان يقوم بـ «المهمة» التي لا يريد 8 آذار ان تصدر عنه، اي «حرْق ورقة» عون، وربَط الموافقة على السير به مرشحاً توافقياً بالحصول على «رضا» مسيحيي 14 آذار وهو ما لم يحصل.

وفي حين ترى الأوساط نفسها ان موقف «حزب الله» من الملف الرئاسي لم يتغيّر وانه لا يزال في «وضعية انتظار» ربطاً بالاوضاع الاقليمية وما يمكن ان ترسو عليه بعض القضايا الساخنة الى جانب الملف «النووي» الإيراني وان اي تغيير في هذا الموقف يبقى رهناً بتبدُّل مقاربته وطهران للواقع اللبناني وموقعه على «رقعة الشطرنج» في المنطقة انطلاقاً من الصراع على النفوذ في لبنان مع السعودية، فان البارز كان «النقزة» التي أثارها لقاء جنبلاط - نصر الله لدى فريق عون وهو ما عبّرت عنه قناة O.T.V الناطقة بلسان التيار الوطني الحر اذ لاحظت «أن الحركة الجنبلاطية سواء باتجاه الرئيس الحريري أو السيد نصر الله، أو اللواء المتقاعد جميل السيّد، لها هدف واحد هو فك الارتباط بين الحريري والعماد عون، ومنعه بأي ثمن من الوصول الى قصر بعبدا».

* اما التطور الثاني فهو الموقف غير المسبوق من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الاستحقاق الرئاسي ودعوته الى انتخاب رئيس للجمهورية من غير القادة الموارنة الاربعة: الرئيس أمين الجميّل، العماد عون، النائب سليمان فرنجية والدكتور جعجع، ومن غير المرشحين من فريقي 8 و14 آذار.

واكتسب موقف الراعي دلالاته لأنه لاقى «خريطة الطريق» التي كان رسمها الحريري قبل نحو اسبوعين وطوى عبرها ضمنياً صفحة عون ناقلاً النقاش في الملف الرئاسي من المستوى المسيحي الى الوطني، كما تقاطع وإن من احدى زواياه مع موقف جنبلاط، وسط ترقب لمفاعيل كلام الراعي لدى القيادات المارونية واذا كان ذلك سيسرّع في المساعي لطرح اسماء جديدة في السباق الرئاسي.

وفي حين عكست مواقف عدد من نواب عون التي هاجمت بحدّة الراعي الذي كان انتقد ايضاً بعنف النواب الذين يقاطعون جلسات الانتخاب الرئاسية، لم ير جعجع وقعاً سياسياً للقاء الذي جمع نصرالله وجنبلاط، معتبراً أنه يصب في سياق التأكيد على العلاقات القائمة بينهما، وبالأحرى تظهير الإيجابيات فيها، موضحاً انه «في الأسبوعين الماضيين برز تفكير في قوى 14 آذار في جدوى محاولة اقتراح أسماء، ولكن ثبت لنا أن الباب موصد والفريق الآخر غير جاهز للحديث عن الموضوع».

وكان جنبلاط اوضح انه خلص من لقائه مع الامين العام لـ «حزب الله» الى «استنتاج مشترك يفيد بأنّ حركة «حماس» وغزّة سيكونان منتصرين»، لافتاً الى انه «عندما نرى تهجير المسيحيين من الموصل، بالإضافة الى احراق الأضرحة، نتذكر هجوم المغول واحراقهم لبغداد، و«داعش» هي خطر على الجميع ويجب التنبّه اليها في لبنان».


هذا ما أهداه جنبلاط إلى نصر الله


| بيروت - «الراي» |

أهدى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط اﻷمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال اجتماعهما يوم الاحد كتاب جيمس بار باللغة اﻻنكليزية A Line in the Sand.

وأشار موقع «الأنباء» الالكتروني التابع للحزب «التقدمي» ان هذا الكتاب يتحدث عن حقبة صناعة اتفاقية سايكس بيكو.

&