عقل العقل

في البدء لا يمكن أن يزايد على البعض منا ومن عبّر عن عدم انسجامه، ومعارضته للحرب التي اندلعت بين «حماس» وإسرائيل، يا سادة، القلوب يغشاها الحزن والألم على مقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين في هذه الحرب، التي أتمنى أن تغير موازين القوى، وللمرة الأولى لمصلحة الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه الشرعية، ولكن الحقيقة كما أراها أن هذه الحرب والمواجهة، وعلى رغم الصراخ والألم هدفها اليأس الذي أصاب حركة حماس والجهاد الإسلامي، بعد تغير موازين القوى في محيطها العربي بعد سقوط جماعات الإسلام السياسي الإخواني في مصر، والعبث السياسي الذي تمارسه تلك القوى في ليبيا، التي على وشك طلب تدخل دولي من الفوضى التي تقوم بها هذه الجماعات.

&

يجب التأكيد على معارضة مثل هذه الجماعات الراديكالية التي تمتطي الدين في محاربة خصومها من القوى الوطنية الأخرى، فإذا أنت عارضت حركة حماس وما تقوم به من عبث سياسي يدفع ثمنه أبناء الشعب الفلسطيني فأنت خائن ومتصهين، كما عبّر عنه بعض رموز هذا التيار في مشهدنا المحلي، ولم يتوانوا بإشهار قوائم العار والتصهين، والغريب أن هؤلاء يذرفون الدموع على إقصائهم بعد تجريم واعتبار هذه الحركة حركة إرهابية، هؤلاء المدّعون وجدوا أن مذبحة أبناء الشعب الفلسطيني فرصة لهم لتصفية حسابات حزبية وفكرية، فمن يدعي وينادي بالتعددية والديموقراطية يجب عليه أن يناقش فكر الآخر، لا أن يخون ويصدر قوائم العار، فكيف بالإقصاء وهي حركة، فتخيلوا لو أن هذا الفكر نجح في مصر وامتد في عالمنا العربي، هذا النهج يذكرنا بمسيرة الثورة الإيرانية التي انضمت إليها أطياف القوى الوطنية الإيرانية من شيوعية وقومية، ولكن رجال الدين بتعاون مع «البازار» هم من سيطر على الثورة، وأقام المشانق للقوى الوطنية الأخرى، بحجة أنهم أعداء الثورة، في عالمنا العربي وكلنا يعرف أن حركة الإخوان المسلمين مرتبطة بنظام الملالي بإيران، والذي لم يمل ويكل بأن قضيته الأولى هي تحرير فلسطين وعاصمتها القدس، وهذه النغمة ترددها القوى المرتبطة بها في عالمنا العربي ومنها حركة حماس، حتى ولو على أشلاء الأطفال والنساء والمدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني، فإيران الأب الروحي لحركتي الجهاد وحماس ماذا قدّمت لفلسطين على أرض الواقع؟ والتي تهدد بإزالة إسرائيل من خريطة الشرق الأوسط صباح مساء، وهي التي تسمي أميركا «الشيطان الأكبر» والتي هي الآن منغمسة بمحادثات مباشرة معه حول ملفها النووي، هل إطلاق اسم شارع بطهران على قاتل الرئيس المصري الراحل أنور السادات، أو إحلال سفارة فلسطين مكان السفارة الإسرائيلية في إيران هو الوقوف الحقيقي والصادق مع الشعب الفلسطيني بقضيته العادلة، هذه الادعاءات الكاذبة من الطرفين تنطلي للأسف على الرأي العام العربي الذي يمرّ بأصعب أزماته، ولكن كما هو الحال دائماً، فإن الفلسطينيين هم من يدفع الثمن بأيدي بعض حركاته، مثل حركة حماس.

&

من يرفعون شعار «حماس» هم من رفعوا شعار «رابعة»، في دلالة سياسية وفكرية أن من يحرك «حماس» وعبثها السياسي هي قوى إقليمية وعلى رأسها تركيا التي تتهم مصر بالموقف المتخاذل من المذابح التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني، ولكن ماذا قدّمت تركيا في هذه الأزمة على أرض الواقع، علينا ألا تخدعنا الشعارات البراقة في هذه المذبحة التي ترتكب ضد أصحاب حق مشروع، ولكن شعوبنا العربية هي من يدفع الثمن في فلسطين المحتلة وسورية الثائرة، أما حزب الله وقائد مقاومته المزيفة فهو كما صرّح يراقب الوضع في غزة عن قرب، عجبي من الرخص السياسي!

&


&