&بعد تفجير قبر النبي يونس وأضرحة الصوفية والكنائس بالعراق ..

&

&مروة البشير

&

&

&

&


استنكر علماء الأزهر عمليات الهدم والتعدي علي أضرحة ومقامات الأنبياء وأولياء الله والمدارس والكليات الدينية في العراق،مؤكدين أن نبش مقابر الأنبياء والأولياء والموقوفة علي أصحابها شرعًا، وأهانتهم بحمل رفاتهم في أكياس القمامة، ودفنها في أماكن مجهولة، بحجَّة التوحيد المزعوم، والخوف من الشرك الموهوم، امر مستهجن وجريمة بشعة تُنافي الشرائع السماوية، والأعراف والمواثيق الدولية، والأخلاق السماوية.


ودعا علماء الأزهر الشعب العراقي الغيور علي دينه ومؤسساته أن يهبَّ لمنع التخريب الذي تقوم به هذه الفئة المنحرفة المسماة « داعش»، واصفين من قاموا بهذا العمل بخوارج العصر وكلاب النار.


وحذروا شباب الأمة وجموع المسلمين من الانسياق خلف هذا الفكر المنحرف لتنظيم «داعش» الإرهابي الذي دأب علي انتهاك حرمات الأنبياء والأولياء والصالحين وآل البيت ويتهم علماء الأمة وصالحيها وسوادها الأعظم وسلفها وخلفها بالشرك والكفر.

&

كما استنكروا قيامهم بتصرفات رعناء وتشدد لا طائل من ورائه، بالاعتداء علي مطرانية الكلدان والسريان الأرثوذكس في الموصل واتخاذ «داعش» مقرا لهم ورفعوا علمهم عليها بعد إزالة الصلبان، وكأنهم بذلك يطبقون شرع الله،والله ورسوله منهم براء.

&

ويقول الدكتور عبد الهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلي للطرق الصوفية، ان هدم المقابر والأضرحة والاعتداء علي الكنائس عمل إجرامي ومخالف للقيم الأخلاقية وللشرائع السماوية، وطالب العالم العربي والإسلامي والمنظمات الإسلامية الكبري بالتدخل، والتكاتف للتصدي لتلك الهمجية ولوقف تلك الاعتداءات علي ممثلي القيم والفضيلة،

&

وأكد القصبي أن تلك المحاولات لن تنال من الأولياء والصالحين لأن مقامهم في قلوب المسلمين لن يستطيع أحد النيل منهم مصداقا لقول الله تعالي: « أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّـهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَي فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ « .

&

وأشار رئيس المجلس الأعلي أن محاولات هدم الأضرحة تفجر مزيد من الحب لدي المسلمين ولن تتأثر بتلك المحاولات الخسيسة التي لا تعبر إلا عن أفكار همجية ليست لها علاقة بالإسلام أو التدين، كما وجه الدعوة للتمسك بالقيم المحمدية التي دعا إليها الصالحون والأولياء والالتزام بالوسطية والاعتدال. ودعا كل القوي والدول الداعمة للإرهاب إلي التوقف عن هذا النهج ودفع أموالهم في صالح الإسلام والمسلمين وخدمة الفقراء وليس خدمة الإرهابيين،و العودة إلي السلم والسلام والتسامح، لا لدعم الإرهاب ونشر الخراب في العالم واحترام الإنسانية والتي من أهم بنودها الحفاظ علي النفس البشرية والذي كرمها المولي عز وجل حية أو منتقلة.

&

ومن جانبه أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، إدانته لكل هذه الأعمال الإجرامية التي تنتهك حرمات القبور لأن هذه المقامات، هي قبور والميت له حرمته أيا كانت عقيدته أو انتماؤه الذي ينتمي إليه، ولا يجوز بحال الاعتداء علي هذه الأماكن احتراما لكرامة الآدمي.

&

وأضاف: إن هذه الأعمال لا تخدم قضية وإنما تزيد الخلاف والاضطراب والعنف، وكل ما يؤدي إلي العنف أو إثارة الأحقاد والضغائن والشقاق بين الناس، هو عمل محرم في الشرائع كلها، لا سيما في الشريعة الإسلامية، وهؤلاء الذين يقفون خلف هذه الأعمال يتسترون باسم الدين وهم لا يعرفون شيئا عن قواعده وأحكامه، ولو كانوا يفهمون الدين فهما صحيحا ما قاموا بهذه الأعمال البشعة، وندعو هؤلاء أن كانوا مسلمين حقا وحريصين علي الدين، أن يعودوا إلي مصادر التشريع الصحيحة ليفهموا الإسلام فهما صحيحا من خلال القرآن الكريم، ومن خلال سنة الرسول صلي الله عليه وسلم، وفعل الصحابة ومن جاء بعدهم من العلماء ولن يجدوا في كتاب الله ولا سنته ولا فعل أتباعه شيئا من الأفعال التي يقومون بها حتي تجاه المخالفين للمسلمين، ففي الدين لم يهدم النبي قبرا لمشرك فضلا عن قبرا لمسلم وكذلك لم يفعل أصحابه ولا من جاءوا من بعده في تاريخ الإسلام .

&

خوارج العصر وكلاب النار

&

ووصف الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية المعتدين علي قبر النبي يونس وضريح الرفاعي بالعراق، بأنهم خوارج العصر وكلاب النار، الذين يسعون في الأرض فسادا، وتهديمًا لبيوت الله ومقدسات المسلمين، وانتهاكًا لحُرُمَات أولياء الله، وتحريقًا للتراث الإسلامي ومخطوطاته، ومحاولة لإسقاط أهل العراق في الفتن الطائفية والحروب الأهلية.

&

واعتبر الدكتور علي جمعة، تلك الحادثة شبيهة بالممارسات الإجرامية الجاهلية، مطالبا كل مسلم بالتصدي لها قولا وفعلا، داعيا المسئولين العراقيين إلي تطبيق حد الحرابة عليهم، باعتبارهم دعاة للضلالة ولتكفير المسلمين، جعلوا من ألسنتهم وقودًا لتأجيج نار الفتن، والقيام بممارسات إجرامية جاهلية لا يرضي عنها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أحد من العالمين.

&

وحذر من هذا الانسياق وراء هذا الفكر المنحرف الذي لا يحفظ للمسلمين حرمة أحياءً وأمواتًا، ولا يترفع عن الانغماس في أوحال التكفير والتفسيق والتبديع لجمهور الأمة ومشاهير علمائها وصالحيها. مؤكدا أن هذه الأفعال الإجرامية هي أكبر ما يكشف للأمة الإسلامية بل وللعالم كله حقيقة هؤلاء المرجفين، لتظهر بذلك أمراضهم النفسية وعقدهم المترسبة في قلوبهم المريضة، ويكونوا بذلك تصديقا للنصوص والآثار الواردة فيهم وفي أمثالهم من الخوارج المفسدين.

&

الإسلام والتعددية

&

وفي سياق متصل يقول الدكتور عبدالمقصود باشا أستاذ ورئيس قسم التاريخ بجامعة الأزهر، إن الإسلام جاء بمنطق التعددية في كل شيء، قال تعالي:» ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين»، وأعترف بمبدأ الاختلاف، سواء في اللون، أو العقيدة، والتباين الجسمي والجنسي، قال تعالي : « ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين»، والمدينة المنورة علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم والرعيل الأول من المهاجرين والأنصار وقبلها كانت مكة قبل الإسلام وبعده تعج بالعديد من الأجناس والألوان والأديان، فكان هناك النصراني إلي جانب اليهودي والمسلم، واللاديني والبوذي عابد النار وغير ذلك، عاش الكل في سلام حتي أن من استشهد عمر بن الخطاب علي يديه كان عبدا مجوسيا،وراعي المسلمون سماحة التعايش السلمي، واستمر الأمر علي هذا المنوال سواء في العصر الأموي أو العباسي أو الخوارزمي أو الفاطمي أو غير ذلك من العصور، ولذلك شارك أهل هذه الأديان في الحضارة الإسلامية،ولهم في إرتقائها الباع الطويل، حتي أننا كمؤرخين مسلمين لا نقول إنها حضارة عربية بل نقول حضارة إسلامية، نظرا لمشاركة العديد من رجالات الأديان المختلفة وعلمائها في ارتقاء هذه الحضارة، فكان لابد أن تقوم المؤامرات لتفرقة هذا العالم وضرب بعضه ببعض،فقد وجد الاستعمار أن احتلال هذه البلاد بالقوة مصيره عاجلا أو آجلا إلي زوال، إذ هو يوحد الأمة في مواجهة العدوان الخارجي، وقد وجد ضالته في التفرقة الداخلية، فهذا شيعي زيدي، وهذا شيعي جعفري، وهذا سني شافعي أو حنبلي أو مالكي، فضرب المذاهب ببعضها، وأصبح الاقتتال بين الطوائف أكثر ضراوة وحدة في أيامنا هذه،ولا شك أن المال والخداع والفكر الضال المضل الذي يحمل لواءه رجال في زي العلماء، وما هم كذلك، وفي زي الفقهاء وما هم كذلك، وكأن حديث رسول الله يتحقق ما معناه تفترق أمتي علي إحدي وسبعين فرقه جميعهم في النار إلا واحدة، وما دري هؤلاء أن الصواب والأصلح في ترك الفتنة والتئام الشمل، وكأن عيني تنظران الآن إلي النيران التي شبت في العالم الإسلامي في عهد عثمان وعلي ومعاوية والحسن بن علي، فأستبيحت أضرحة الصالحين، وأحرق هؤلاء الضالون بعض المساجد والكنائس،مع أن أهل هذه المساجد والكنائس من بني بلدتنا يعيشون معا علي أرض واحدة.

&

ويتساءل الدكتور عبدالمقصود باشا: لماذا لم يتساءل أحد من وراء هذا الذي يدعي أنه خليفة المسلمين ودخل الموصل في موكب حافل بالمدرعات والسيارات المصفحة، والمزودة بالصواريخ، وأخذ البيعه لنفسه كخليفة للمسلمين، من أين هذه الأموال والمليارات التي تأتي بالأسلحة والجيوش والتدريبات،كل هذا وذاك خناجر تطعن في كبد الأمة، وفي أحشائها وقلبها فتسيل دماء الأمة أنهارا،ولا نقول إلا ما قال الله ألا لعنة الله علي الظالمين الذين لا يحكمون عقلا ولا منطقا وقبل كل ذلك لا يحكمون دين الله .

&

عصيان لأوامر الإسلام

&

وأدان علماء الأزهر الاعتداء الهمجي علي الكنائس العراقية واقتحامها، مؤكدين أنها سلوكيات تتنافي مع الإسلام ومحرمة شرعا، وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن مسألة اقتحام الكنائس والاعتداء عليها تعد ارتكاباً لإثم وذنب وعصياناً لأوامر الإسلام الذي أوصي أتباعه بعدم الاعتداء علي دور العبادة أو الإكراه علي الدين، فالله تعالي قال في كتابه العزيز: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم».

&

وأضاف، أن الرسول صلي الله عليه وسلم، حذر من ظلم أهل الكتاب وأهل الذمة قائلاً: «ألا من ظلم معاهداً أو انتقصه أو أخذ منه شيئاً دون طيب نفس أو كلفه ما لا يطيق فأنا حجيجه يوم القيامة». وشدد علي أن المسيحيين في كل بلاد المسلمين شركاء في الوطن، لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، والاعتداء علي الكنائس والأديرة وكل دور العبادة أمر مرفوض شرعًا ومجرم قانونًا، ويعد ارتكاباً لإثم وذنب وعصياناً لأوامر الإسلام الذي أوصي أتباعه بعدم الاعتداء علي دور العبادة
&