أحمد أميري

في يوم الإعلان عن إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، والإعلان عن بدء العمل على مشروع لإرسال أول مسبار عربي وإسلامي لكوكب المريخ، كتبت تغريدة في «تويتر» قلت فيها إنني أتمنى أن نأخذ الإمارات، هكذا إلى عالم التقدم والإنجازات العلمية، بعيداً عن أمراض الشرق الأوسط.

فإذا كان قدر الإمارات أن تكون ضمن إقليم تتفشى فيه الأوبئة، إلا أنها وفّرت لشعبها والمقيمين على أرضها حياة آمنة وكريمة وخالية تقريباً من أمراض المجتمعات الأخرى، ومن حقها على أبنائها أن يحافظوا عليها ويحولوا دون انتقال تلك الأمراض إليها.

دول قليلة في المنطقة، من ضمنها الإمارات، لا تزال، والحمد لله، في عافية من أمراض الفرقة والشقاق والفتنة والكراهية والتطرف والطائفية والعنصرية. وفي المقابل، ثمة دول كثيرة أخرى في المنطقة لديها إمكانيات وقدرات الإمارات، لديها ثروات، ولديها كفاءات، ولكنها منهكة بالجدال والشقاق والتناحر.

ولست بصدد الحديث عن أسباب نزول هذا البلاء على دول قريبة منا، وإنما عن العمل على وقاية الإمارات من تلك الأمراض المزمنة وتجنيبها ذلك المصير غير السعيد، خصوصاً أننا لا نزال بفضل الله، وحكمة قادة الإمارات، ووعي أبنائها، «على البر» كما يقولون، أي ما نزال بعيدين عن ذلك البحر المضطرب من حولنا، ولسنا مضطرين أبداً للخوض فيه.

ومسؤولية المحافظة على وطن معافى لا تقع فقط على طرف واحد، فكل مواطن مسؤول من موقعه، وأخطر الأمراض تبدأ من أصغر الفيروسات، وربما يحرق مقال لكاتب مغمور بلداً بأكمله، وربما تكون تغريدة من 140 حرفاً لشخص لا أحد يأبه به نواة فتنة كبيرة، وربما تكون حلقة في برنامج شرارة حريق هائل، خصوصاً أن العيون محدّقة في الإمارات، والمتربصون كثر، والماكينات الإعلامية المضادة للإمارات تعمل، وعلى مدار الساعة.

فما لنا ومال الصراع الطائفي المشتعل في أكثر من بلد؟! أو المعارك بين من يسمون بـ«الصحويين» ومن يسمون بالتغريبيين؟! أو الليبراليين في مقابل «المطاوعة»؟! فكل هذه المعارك والصراعات لا أرضية لها في الإمارات ولا جذور، حتى مسألة «الإخوان» الذين تآمروا ضد الإمارات وشعبها، تظل مسألتهم طارئة وهامشية وغريبة على الإماراتيين.

وبطبيعة الحال، لا يمكن أن ينفصل الإنسان بمشاعره عن الفئة التي يشترك معها في هوية من هوياته المتعددة، الدينية والمذهبية والفئوية والمهنية وغيرها، ولا أحد يلوم المسلم العربي مثلاً حين يشاطر المسلم غير العربي همومه ويحزن لمصابه، ولكنه أيضاً ليس مضطراً لجلب مشكلاته إلى وطنه، والدخول في تكتلات وصراعات ضد أبناء وطنه لصالح قضايا لا تمت لهم بصلة، ليحرق بيته كما احترقت بيوت من حزن من أجلهم!

حين كتبت تلك التغريدة التي بدأت فيها هذا المقال، رد أحدهم بالحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأن «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»، فكان جوابي أن أهل الإمارات أيضاً مسلمون، والدعوة إلى تجنيب بلادهم الأوبئة التي تحيط بهم، تأتي في صميم الاهتمام بأمر المسلمين.
&