الياس الديري

حماية الاعتدال" هو العنوان الذي اختارته جمعية "بيت لبنان العالم" لوثيقة تُطلق اليوم في احتفال يُقام لمناسبة عيد الجيش التاسع والستين.


حماية الاعتدال تختصر كل ما يُقال عن حماية لبنان، وحماية الوحدة الوطنيَّة، وحماية ميثاق العيش المشترك، وحماية وحدة المصير والوجود.


ثمّة أمور وأحداث وتطوّرات تحتاج جميعها كلها إلى عناية الجيش واعتدال مؤسّسته، وخصوصاً في هذه المرحلة الحرجة التي تُتعتعها وتزعزعها سياسات خرقاء وصراعات شخصانية في سبيل المكاسب لا في سبيل تاج الوطن وسلامه واستقراره.


منذ الصغر ونحن نردِّد "الجيش سياج الوطن"، سواء في مناسبة عيده، أو أيّة مناسبة أخرى، أو عيد آخر. وقد برهن هذا الجيش الصامد والصامت أنه عند حُسن الظنّ به، حاضر ناضر عند المحن والتجارب القاسية التي واجهت هذا الوطن ولا تزال، ومن كل حدب وصوب.


والمؤسسة العسكرية التي تستحق منّا ومن كل اللبنانيّين الشكر والتشجيع والشدِّ على الأيدي، تحاول اليوم بكل ما أُوتيت من اعتدال وحكمة وتفانٍ النأي بلبنان عن الأعاصير العاتية التي تجتاح العالم العربي. وتؤكّد مرّة جديدة أن الجيش سيبقى الحامي والسياج. وبالفعل والعقل والاعتدال، لا بالقول وإلقاء الكلام على عواهنه.


ليس قليلاً بتاتاً مطلقاً أن يتمكَّن جيش بلد بحجم لبنان، وفي موقعه الجغرافي والسياسي والحربي، من التصدِّي ببسالة نادرة لكل محاولات التخريب وإشعال الفتن في الداخل وعلى الحدود، وبقليل من العتاد وكثير من الشهداء.


تقول الأمثال عند النازلة تعرف أخاك. فإما أن يكون خير ملبٍ ومُعين، وإما أن تكتمل النازلة بالخيبة. هكذا، واستناداً إلى الاختبارات والعديد من النازلات أدرك اللبنانيون باقتناع واطمئنان أن المؤسسة العسكرية هي خير أخ لك لم تلِده أمّك، وعند النازلة تجدها مع فرسانها في الصفوف الأماميَّة.


لقد نجح الجيش في تجنيب لبنان كل الفتن وأعمال التخريب والترهيب، سواء أكانت من داخل أم من خارج. وأعطى بعض المتعدّين على كار السياسة أكثر من مثال ونموذج للقدوة كيف تكون، وكيف تتقدّم مصلحة لبنان العليا كل ما عداها من اعتبارات وأعذار.


من هنا، وعلى أسس لا تفتقر إلى شهود ولا تحتاج إلى شهادات، يمكن القول براحة بال وضمير إن مؤسسة الجيش هي عنوان وحدة لبنان، ورمز متقدّم من رموز الوطن.


استطاعت هذه المؤسسة – المدرسة تجسيد مضمون المواثيق بما هو أعمق من الجذور، لتصبح المَثَل الأعلى في السلوك والانصهار، وضمن مفاهيم المواطنية الصالحة والواجبات تجاه لبنان الواحد، والوطن الرسالة.