&محمد صالح المسفر

&(1)
تعرّض قطاع غزة الفلسطيني لأكبر جريمة حرب شنتها إسرائيل ضد الحياة بكل ما تعني كلمة الحياة من معنى على مدى شهر من الزمان. حرب اشتركت فيها قوات إسرائيلية برية وبحرية وجوية استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة بما في ذلك أسلحة جديدة محرمة دوليا سيكشف النقاب عنها قريبا.
لقد أذهلت المقاومة الفلسطينية بأدائها المتميز رغم الحصار الظالم مؤسسات ما يسمى "بالسلطة الفلسطينية"، وكذلك الحكومات العربية وإسرائيل، إذ أنها استطاعت أن تجبر الناس في كل ما يعرف "بإسرائيل" على البقاء في الملاجئ لساعات طويلة، وأغلقت مطارات إسرائيل وتعذر وصول السياح لأن شركات الطيران العالمية والمكاتب السياحية أغلقت لأن صواريخ المقاومة تصل في كل مكان.. كنا نتوقع من "السلطة الفلسطينية في رام الله" أن تهب لنصرة أهلهم في غزة بفتح جبهة المقاومة من الضفة الغربية وبنفس القوة الغزاوية.. أجزم بأن إسرائيل ستخضع لكل مطالب الشعب الفلسطيني ولكن مع الأسف الشديد راحت السلطة في اتجاه آخر غير مجدٍ.
(2)
المواطن العربي في كل أرجاء الوطن صدم بالأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء وأكدها رئيس وزراء إسرائيل في بيانه الأسبوعي الأخير بأن هناك بعض الدول العربية متحالفة مع إسرائيل في الحرب على غزة.. نحن نعرف أن "مصر الانقلاب" متحالفة حقيقة مع إسرائيل ضد غزة.. الدليل على ذلك مبادرتها التي قدمت لإيقاف الحرب على غزة والتي تصب في مصلحة إسرائيل جملة وتفصيلا واستمرارها في الحصار على غزة وإغلاق معبر رفح في وجه أي دعم للفلسطينيين، لم تسمح بدخول أطباء متطوعين إلى غزة لمساعدة إخوانهم الأطباء هناك، لم تسمح بدخول الدواء والغذاء واستثني من ذلك الهلال الأحمر الإماراتي دون غيره.
(3)
والحق أن أداء فصائل المقاومة الفلسطينية في الحرب الإسرائيلية على غزة أصاب الكثير من الأنظمة العربية بالحرج الشديد تجاه الشعوب العربية.. إذ كيف لمنظمة تعيش تحت الحصار الشامل لأكثر من عشر سنوات تتصدى لأقوى جيش في الشرق الأوسط استخدم قوات برية وبحرية وجوية وصاروخية لشهر كامل دون أن ترفع المقاومة الراية البيضاء.. دول عربية محتل جزء من أراضيها من قبل إسرائيل وإيران ولديها جيوش مسلحة بأحدث أنواع الأسلحة تكاليفها ببلايين الدولارات، ولم تستطع تلك الدول تحرير أراضيها من العدو، ومن هنا الحقد على المقاومة في غزة يتعاظم عند بعض الحكومات العربية.


(4)
السؤال، أين دولة قطر من هذا؟ منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة انشغلت القيادة السياسية بكل مستوياتها بالعمل على إيقاف الحرب على غزة وقام سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني باتصالات مع رؤساء الدول العربية والدولية وخاصة الدول الكبرى، يحضهم على العمل الجاد لإيقاف العدوان على غزة، وراح وزير الخارجية الدكتور خالد العطية تنفيذا لتعليمات وتوجيهات سمو أمير البلاد يتنقل بين عواصم الدول المؤثرة لتعمل تلك الدول على وقف الحرب.
قطر قيادة وشعبا وحكومة لم يكونوا بعيدين عن الشأن الفلسطيني منذ أن اشتد الخلاف بين بعض فصائل المقاومة في عام 2006.. ذهب إلى غزة رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني لتقريب وجهات النظر بين قيادات الفصائل، وسمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني قام بجهود لا تنكر لصالح الشعب الفلسطيني، مشاريع للقدس ومشاريع في الضفة الغربية ومشاريع في غزة، كل ذلك لصالح الشعب الفلسطيني.. لم تكن قطر متحزبة لفريق ضد آخر كما تفعل بعض الدول العربية، كان الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة الثاني أولا زعيما عربيا يزور قطاع غزة تأييدا ودعما لأهلها في مطالبهم المشروعة لاستعادة حقوقهم من قوى الاحتلال وتوحيد الصف الفلسطيني ورفع الحصار العربي عنهم ووضع سموه حجر الأساس لمشاريع متعددة تعود بالنفع لأهل غزة دون تمييز.
لقد راح البعض من الذين في قلوبهم مرض يقولون لماذا قطر تدعى للمؤتمر الوزاري الذي عقد في باريس ولم تدع له مصر وهي أكبر دولة عربية ومجاورة لقطاع غزة، وكذلك محمود عباس، والرأي عندي في هذا الشأن، أن جهود قطر الدبلوماسية جهود خيرة وليس لها أجندة خاصة تريد تحقيقها من وراء اتصالاتها سوى مصلحة الفلسطينيين وهي وسيط نزيه مقبول من طرف المقاومة.. أما مصر الانقلابية فهي أصبحت طرفا في هذه الحرب بطريقة أو أخرى، والسيد محمود عباس ليس بعيدا عن ذلك التوجه المصري ولكل أسبابه.. ألم يقل عباس إن صواريخ المقاومة عبارة عن ألعاب نارية وغير ذلك؟ أليس هو ضد المقاومة ومن الفاعلين على استمرار المفاوضات مع إسرائيل رغم أنه لم يحقق أي إنجاز في هذا المجال منذ عام 1993 وحتى اليوم فلماذا يدعى إلى باريس؟
لم تكن الجهات الرسمية في قطر هي العامل الوحيد الذي يساند حق الفلسطينيين في غزة، بل كل الجمعيات الخيرية.. واليوم الجمعة خصص هذا اليوم لأعمال جماهيرية ورسمية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وجمع التبرعات من أجل مساعدة كل المتضررين من أهل غزة من تلك الحرب الملعونة.
إن الدور الذي على أهل القلم في قطر أن يؤدوه هو مساندة الشعب الفلسطيني بتنوير الرأي العام بشرعية مقاومتهم للاحتلال وحقهم في رفع الحصار عنهم، ليعيشوا كما تعيش بقية الشعوب، وعلى أهل القلم في قطر أن يتصدوا للهجمة الإعلامية الظالمة التي يحاول البعض تشويه سمعة الشعب الفلسطيني أمام الأجيال القادمة.. وأن الله سينصرهم على كل من يريد بهم سوءًا..
&