&إعداد: عمر عدس وصباح كنعان


بات تعبير "الإرهاب" جزءاً لا يتجزأ من الروايات "الإسرائيلية" والأمريكية لما يحدث في غزة . ولكن الصحفي والكاتب الأمريكي غلين غرينوالد، الذي اشتهر خصوصاً لنشره وثائق كاشف الأسرار إدوارد سنودين، يرى أن تعبير "الإرهاب" فارغ عملياً من أي مدلول واضح ويستخدم لأغراض دعائية، وقد كتب مقالاً حول الموضوع في موقع مجلة "ذا انترسبت" قال فيه:


كما كتبت مرات عدة في السابق، تعبير "الإرهاب" استحدث منذ البداية ليكون مفرغاً كلياً تقريباً من أي مدلول يمكن إدراكه . إنه شعار يثير الخوف، ويفتقد لأي تطبيق مترابط، ويقصد منه وقف النقاش العقلاني وتبرير أي سلوك يمارسه أولئك الذين يستخدمون هذا التعبير، ولكن إذا كان له أي معنى يتجاوز ذلك، فهو يشير بوجه الإجمال إلى قتل المدنيين كوسيلة لدعم أهداف سياسية وعسكرية .


وفيما يلي جدولان يظهران أعداد القتلى من مدنيين وجنود و"مقاتلين" في كل من غزة و"إسرائيل"، منذ 8 يوليو/تموز حين بدأ الهجوم "الإسرائيلي" (وحتى 29 يوليو/تموز)، والإحصائيات التي يتضمنها الجدولان سخية من دون وجه حق لمصلحة "إسرائيل"، حيث تحسب ضمن "المقاتلين" في غزة أشخاصاً ليسوا سوى سكان حملوا السلاح لكي يدافعوا عن بيوتهم ضد جيش غاز ومحتل، وحتى مع هذا التخريج السخي، فإن هذه الأرقام بحد ذاتها تكشف عن رواية بليغة . الجدول (1)


(يغطي الفترة من 1 إلى 29 يوليو/تموز
أ - "مقاتلون" فلسطينيون قتلوا: 275
ب - مدنيون فلسطينيون قتلوا: 826
الجدول (2)
(يغطي الفترة من 1 إلى 29 يوليو/تموز
أ - جنود "إسرائيليون" قتلوا: 53
ب - مدنيون "إسرائيليون" قتلوا: 3


لو هبط على الأرض شخص من كوكب آخر، وهو لا يعلم شيئاً سوى الاستخدام الأكثر شيوعاً لتعبير "إرهاب"، فإلى أي جانب ستعتقدون أنه سيشير إليه على أنه "الإرهابي"؟ على سبيل المثال، في خان يونس، قتل خمسة أشخاص من عائلة نجار، التي كانت قد فقدت 21 من أفرادها في غارة جوية سابقة . وفي مخيم البريج بوسط قطاع غزة، أدت غارة شنتها مقاتلة "اف - 16" إلى مقتل المختار أنيس أبو شمالة وأربعة أشخاص آخرين في منزله، بعضهم كان قد لجأ إلى هذا المنزل هرباً من قصف مدفعي في الجوار .
وفي الوقت ذاته، سارعت ماكينة الدعاية الحكومية "الإسرائيلية" إلى تحويل التركيز من إطلاق الصواريخ في غزة، الذي كان يسبب أضراراً طفيفة نسبياً، إلى ما اسمته "أنفاق الإرهاب"، وحذت حذوها وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية، حيث قام موفد شبكة "سي ان ان" (والموظف السابق لدى اللوبي "الإسرائيلي" آيباك) وولف بليتزر بجولة عبر "أنفاق الإرهاب" نظمها له الجيش "الإسرائيلي"، في حين تحدثت رئيسة مكتب صحيفة "نيويورك تايمز" في القدس جودي رودورين عن جولة مماثلة عبر "انفاق تؤدي مباشرة إلى قلب ارتياع "الإسرائيليين"، وذلك استناداً إلى "مسؤولين عسكريين إسرائيليين" و"خبراء إسرائيليين" . ولكن مقالاً منفصلاً للصحيفة ذاتها أبرز كيف تعمل "أنفاق الإرهاب" هذه في الواقع:


"الضربات الجوية خلال عيد الفطر عند المسلمين جاءت في أعقاب آخر هدنة إنسانية تخللتها هجمات من كلا الجانبين، وبلغت ذروتها في الهجوم الأكثر فتكاً الذي شنه حتى الآن مقاتلون فلسطينيون عبر نفق تحت الأرض من غزة إلى "إسرائيل" . وقال متحدث عسكري "إسرائيلي" إن ما بين أربعة وثمانية مسلحين خرجوا بغتة من نفق قرب برج مراقبة عسكري "إسرائيلي" وقتلوا خمسة جنود في مبنى ملاصق مستخدمين قذائف مضادة للإرهاب" .
الخلاصة: في خطاب وسائل الإعلام الأمريكية، عندما يقتل الفلسطينيون أشخاصاً أغلبيتهم العظمى جنود (95% من مجمل القتلى "الإسرائيليين") هم جزء من جيش يحاصر ويحتل ويغزو ويقصف عشوائياً أطفالاً بالمئات، يسمى ذلك "إرهاباً" . أما عندما يستخدم "الإسرائيليون" قوة كاسحة ووحشية ضد سكان مدنيين محاصرين، ويقتلون أشخاصاً أغلبيتهم العظمى رجال ونساء وأطفال أبرياء (75% على الأقل من مجموع القتلى الفلسطينيين)، فهذا يسمى "دفاعاً عن النفس" . وهذا يثبت انحراف الخطاب الأمريكي إلى جانب "إسرائيل"، كما يثبت الطبيعة الدعائية والمضللة لتعبير "الإرهاب" .