شملان يوسف العيسى

تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا لإدراج أسماء ستة قياديين متطرفين على القائمة السوداء للائحة العقوبات الدولية الخاصة بتنظيم «القاعدة»، ومنهم أعضاء تنظيمي «داعش» و«النصرة» اللذين أدانهما القرار في كل من العراق وسوريا بسبب أيديولوجيتهما العنيفة المتطرفة وانتهاكاتهما الفاضحة لحقوق الإنسان وخرقهما للقوانين الإنسانية الدولية.

ما يهمنا في قرار مجلس الأمن هو شموله 4 أشخاص خليجيين من أصل 6، اثنان منهم من الكويت، واثنان من السعودية. والسؤال هو: هل تكتفي دول الخليج العربية بإصدار البيانات التي تدين الإرهاب والتعهد بأنها سوف تلتزم بقرار مجلس الأمن وبتنفيذ جميع بنوده التي تنص على حظر السفر وتجميد الأموال، أم أن دول الخليج ستراجع كل سياساتها السابقة التي اعتمدت على البعد الأمني في محاربة الإرهاب؟

&


لقد استمر انخراط الشباب الخليجي في العمل الجهادي، واستمر معه الدعم المعنوي والمالي من التنظمات الإسلامية العاملة في الخليج، رغم تأكيدات قادة دول المنطقة خلال القمم الخليجية على عزمهم مكافحة الإرهابيين وملاحقتهم.

هنالك أسباب كثيرة أدت إلى «تراخي» الدول الخليجية، وتحديداً الكويت والسعودية، في اقتلاع ظاهرة التطرف والإرهاب في أراضيها، ومن هذه الأسباب وجود بيئة دينية محافظة تحتضن الإرهابيين وتدعمهم. وسبب ذلك يعود للتنشئة الاجتماعية ومناهج التعليم واستغلال الدين لأغراض سياسية وميل الحكومات إلى مهادنة الجماعات الدينية متصورةً بأنها تستطيع احتواءها واستغلالها، للحد من نفوذ القوى الليبرالية والديمقراطية والمدنية في المجتمع.

الآن، وبعد اتخاذ مجلس الأمن قراره التاريخي وتضافر الجهود الدولية لمحاربة الإرهابيين في العراق، ودخول الولايات المتحدة بقوة جوية رادعة، وتعهد بريطانيا وفرنسا بدعم الجهود الدولية الإنسانية لمحاربة «داعش».. بعد كل ذلك بدأنا نشهد تغيراً واضحاً في موقف دول الخليج وعلى رأسها السعودية. فهذه الدول بدأت تعي بأن البعد الأمني، رغم أهميته، لا يمكن أن يحد من انتشار ظاهرة الإرهاب لوحده.

البيان الذي أصدره مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ بتأكيده أن الفكر المتطرف والأعمال الإرهابية التي ينفذها تنظيما «القاعدة» و«داعش» يجعلهما العدو الأول للإسلام.

وإلى ذلك فقد أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما على الاستمرار في استراتيجية طويلة المدى، واعتبر أن تنظيم «داعش» لا يشكل خطراً على العراق فقط، بل يهدد دول الجوار العراقي والأمن في كل أنحاء المعمورة.

رئيس الوزراء البريطاني، كامرون، أكد من جانبه أن بريطانيا سوف تشترك في المجهود الدولي ضد «داعش»؛ لأننا إذا لم نحارب الإرهابيين في مقراتهم في سوريا والعراق فسوف يلحقون الأذى والدمار بنا في لندن.

حتى إيران الإسلامية أبدت استعدادها للتعاون في المجهود الدولي في محاربة الإرهاب. لذلك فإن كل المؤشرات تشير إلى بدء الحرب على الإرهاب؛ فالقيادات السياسية في الخليج وفي أميركا وبريطانيا، والتصريحات التي أطلقها مشايخ الدين في الأزهر الشريف، ومفتي السعودية، كل ذلك يؤكد بدء استراتيجية جديدة لاقتلاع الإرهاب من منابعه وقطع تمويله ومنع الانخراط في صفوفه. اليوم إذن بدأ المجهود الدولي لاقتلاع الإرهابيين بعد فشل الأنظمة العربية في محاربتهم أو الحد من انتشارهم.
&