حسن عبدالله عباس

نبارك لأهل غزة على هذا الانتصار الكبير الذي تحقق بصمودهم وكفاحهم ضد العدو الصهيوني. اعلم انه يوجد من يريد ان يقلل من شأن هذا الانجاز بسبب الفاتورة الكبيرة التي دفعها الفلسطينيون نظير هذه النهاية، لكنني ولعدة أسباب أعيد واقول إنه نصر عظيم:

نصر عظيم لانه هدم ودمر العقيدة التي زرعها الصهاينة على مدار عقود من الزمن بأنهم جيش لا يُقهر، فالغزاويون أعادوا من جديد التجربة اللبنانية وبأنهم يملكون العزيمة الكافية ليرغموا الجيش الذي لا يُقهر ليجلس وليتفاوض مجبرا على طاولة الشروط.

نصر عظيم لان الغزاويين اثبتوا ان الارادة الحُرة والعزيمة والاصرار، مبادئ ضرورية لكي يتم اي انجاز، فلو أرادت الأمم ان تكسر حواجز الذل والاستسلام لتحقق لها ذلك، وهذا لا يخص الميدان العسكري فحسب، بل يشمل جميع الميادين الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجية وغيرها.

فالتقدم الكبير الذي يحققه الغرب والشرق في حقيقته ليس فخرا للاجانب ولا هي عقلية جبارة بقدر ما هو نقص وتقاعس وكسل وفشل وخيانة لدى القيادات التي تمتلك زمام المبادرات والمشاريع لكنها تعمل على هدم المعنويات وتحطيم الآمال.

نصر عظيم برغم الفاتورة الكبيرة بالنظر للدمار والشهداء، فهذا النصر فضح وحشية النظام الصهيوني. فعقيدة الجيش الذي لا يُقهر تبخرت كون العالم علِم أن رجولته لا تبلُغ الا رؤوس الاطفال والنساء والمدنيين العزل (2200 شهيد معظمهم من الابرياء واصابة اكثر من 11 الفا مقابل 64 اسرائيليا). فمع ذلك أُرغم هذا الجيش ان يقبل بشروط لم يقبل بها قبل الحرب كفتح المعابر وتوسعة مساحة الصيد البحري واعادة الاعمار، وهي كلها تراجعات ذليلة عن تفاهمات 2012.

نصر لانه احرج الاسرائيليين كونهم عجزوا عن تحقيق تدمير القدرة العسكرية للفلسطينيين مقابل حرب استنزاف لم يعهدها الاسرائيليون من قبل، فللمرة الأولى تستمر الحرب كل هذه المدة مع استعداد الغزاويين لإطالة امدها اكثر.

وبسبب هذا الصمود تكبد الصهاينة خسائر كبيرة كاصطياد قوات النخبة الاسرائيلية وتدمير المدرعات وعمليات انزال من خلف خطوط العدو بفضل تقنية الانفاق، فكلها عوامل جعلت الصهاينة يذهلون لما قد ينتظرهم ان اطالوا من عمر العدوان، لذلك وبحسب القناة الثانية الإسرائيلية فــ80 في المئة من الشعب مستاء ومعارض لشروط الهدنة فضلا عن انقسام المجلس الامني الوزاري المصغر (8 اعضاء) حول ما جرى!

نصر عظيم لأنه كشف عمن وقف لجانب المقاومة ومن كان ضدها، من منع عبور السلاح والمساعدات إلى الشعب الغزاوي ومن فتح مطاراته واراضيه لإمداد الإسرائيليين بالسلاح الأميركي، من أعان التكفيريين كي ينتشروا ويعيثوا بالارض الفساد وليقتلوا المسلمين في حين امتنع عن مساعدة المقاومين ضد الاحتلال!
&