سميح صعب
&

&المشكلة الكبرى التي تواجه الدعوة الاميركية الى انشاء تحالف ضد الجهاديين في سوريا والعراق، تكمن في ان واشنطن تطلب من الدول "المعتدلة" التي كانت وراء دعم الجهاديين مدى السنوات الاربع الأخيرة، أن تنضوي تحت لواء هذا التحالف. ولئلا تغضب أميركا هذه الدول، فإنها تصر على اقصاء سوريا عن هذا التحالف ويكرر المسؤولون الاميركيون ليل نهار ان لا عودة بأي شكل من الاشكال الى التعامل مع الرئيس السوري بشار الاسد وان التحالف المزمع ستلقى على عاتقه مهمتان: قتال الجهاديين ولا سيما منهم تنظيم "داعش" وقتال الاسد.
مثل هذه الرؤية الاميركية للتحالف المناهض لـ"داعش" لا تستقيم لأن ايران لا يمكن ان تدخل في تحالف يراد منه ان يكون وسيلة لاسقاط النظام السوري بقدر ما هو مطلوب منه القضاء على الجهاديين. واذا استثنيت ايران من هذا التحالف سيبقى تحالفاً منقوصاً نظراً الى المكانة الاقليمية لطهران في الوقت الحاضر، في حين ان الدول الاقليمية الاخرى مثل دول الخليج العربية وتركيا غير مستعدة لدخول ائتلاف يقاتل الجهاديين وحدهم دون الاسد.
ثم ماذا عن الدور الروسي وكيف ستقبل واشنطن بدور روسي في التحالف ضد "داعش" بينما العلاقات الاميركية - الروسية في ادنى مستوياتها نتيجة الازمة الاوكرانية؟ ومعلوم ان طائرات "السوخوي" الروسية وصلت الى العراق قبل وصول اية مساعدات اميركية عقب سقوط الموصل في أيدي الجهاديين في 9 حزيران، وربما لولا تهديد "داعش" لاربيل عاصمة اقليم كردستان لكانت الولايات المتحدة لا تزال في مرحلة تقويم الوضع وممارسة أقصى درجات الابتزاز السياسي للطبقة الحاكمة في العراق قبل ان تباشر توجيه ضربات جوية الى مواقع الجهاديين.
وعلى غرار ايران، لا يمكن ان تسير روسيا بتحالف يساوي بين الاسد و"داعش" . وهي رفضت منذ بداية الازمة في سوريا محاولات قلب النظام ورفض المسؤولون الروس مراراً مقولة ان رحيل الاسد هو المفتاح لحل الازمة وأكدوا أيضاً ان المشكلة تكمن في الارهاب الذي نما في ظل تفتت مؤسسات الدولة السورية والفوضى الناجمة عن الحرب. وخلال انعقاد جولتي الحوار في جنيف بين ممثلي النظام والمعارضة، كانت وجهة النظر الروسية مطابقة لوجهة نظر وفد النظام من حيث ان الاولوية يجب ان تعطى لمكافحة الارهاب وليس لنقل السلطة.
مما لا شك فيه ان واشنطن غير مستعدة حتى الآن على رغم الخطر الاستثنائي الذي يشكله "داعش" وسائر التنظيمات الجهادية على سوريا والعراق والاقليم والعالم، ان تحدث استدارة في سياستها في المنطقة، الامر الذي يعوق عملياً مواجهة الجهاديين وينذر تالياً باستفحال خطرهم.

&