رندة تقي الدين

هدية رئيس مجلس الأعمال السعودي الفرنسي محمد بن لادن لولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز خلال ترؤسه جلسة العمل الفرنسية السعودية حملت معنى كبيراً للعلاقة بين فرنسا والسعودية. فقد قدم بن لادن للأمير سلمان نسخة قديمة عن الصفحة الأولى لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية في سنة ١٩٧٠ عندما استقبل الرئيس الفرنسي الراحل جورج بومبيدو العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز الذي اطلق مع الجنرال ديغول علاقة تاريخية ومتينة عندما زار فرنسا عام ١٩٦٧. وشكر الرئيس فرنسوا هولاند الأمير سلمان في العشاء الذي أقامه على شرفه، على ثقة السعودية بخبرة فرنسا في القطاع الدفاعي ودعوتها للتضامن لمساعدة لبنان. ولكن هولاند قال: «لقد اتفقنا مع السعودية وفرنسا على مساعدة لبنان شرط أن يساعد نفسه لأمنه الذاتي». وكان أمل باريس خلال هذه الزيارة أن يتم توقيع العقد النهائي مع وزير المال السعودي إبراهيم العساف لشراء معدات عسكرية فرنسية بمبلغ ٣ بلايين دولار. إلا أن توقيع العقد لم يكن ممكناً بسبب غياب وزير المالية السعودي لأسباب صحية. إلا أن كل الأمور جاهزة لتوقيع العقد بين السعودية وفرنسا وتنتظر فقط التوقيع السعودي. وباريس جاهزة الآن للتجاوب مع كل ما يطلبه الجيش اللبناني. والمعروف أن الولايات المتحدة هي المزود الأول للجيش اللبناني بالسلاح، وكان العماد جان قهوجي لجأ إلى تغيير في لائحة المعدات العسكرية التي سيطلبها من فرنسا من أجل التكامل بين المعدات المختلفة للجيش اللبناني.

&

وقال هولاند خلال العشاء الذي أقامه على شرف الأمير سلمان: «فرنسا والسعودية تريدان مساعدة لبنان شرط أن يساعد نفسه»، وهو يؤكد إدراك فرنسا ضرورة الإسراع في تنفيذ الاتفاقية مع لبنان. والجانب السعودي يدرك ضرورة الإسراع في تنفيذه من أجل لبنان الذي هو بحاجة ماسة إلى المساعدة ليس فقط لدعم الجيش والقوى الأمنية بل أيضاً لتحمل عبء اللاجئين والمشاكل المعيشية اليومية إضافة إلى مواجهة عمليات خطف أفراد الجيش على يد مجموعات متطرفة تريد مقايضة أبرياء لا دخل لهم بسياسة «حزب الله» وحربه الى جانب النظام السوري.

&

إن مشهد أمهات الجنود اللبنانيين المخطوفين وأشقائهم مؤلم، ووضع الجيش وجنوده يستحق المساعدة السريعة. إن السخاء السعودي الذي تمثل بهبة بقيمة ٣ بلايين دولار ثم بليون دولار إضافية لدعم الجيش والقوى الأمنية ينبغي أن ينفذ بسرعة، فلبنان بلد صغير، والفراغ السياسي فيه قد يطول. وقد أكدت محادثات ولي العهد السعودي مع هولاند أن الجانبين متفقان على ضرورة الإسراع في تقديم الدعم السعودي للجيش اللبناني كما أن الدولتين مهتمتان بألا يستمر الفراغ الرئاسي في لبنان. إن زيارة الأمير سلمان إلى فرنسا كانت في مستوى اهتمام فرنسا بالسعودية. وتميزت ببريق زيارات الدولة الفرنسية مع تأكيد الجانب الفرنسي على أهمية دور السعودية في منطقة الشرق الأوسط والتشاور معها حول الصراعات الدائرة في المنطقة وكيفية مكافحة تقدم تنظيم «داعش» في العراق وسورية، وخصوصاً مع استعداد فرنسا لتنظيم المؤتمر الدولي لمكافحة «داعش» عندما يتم تشكيل الحكومة العراقية. فالزيارة كرست علاقة قديمة بين فرنسا والسعودية وشراكة سياسية عاد هولاند لإطلاقها مع المملكة بعدما تعثرت في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
&