جاسر الجاسر

ما ميزة «الإخوان»؟

&

أنهم كثر، منتشرون في كل مكان، يملكون ماكينة إعلامية بارعة، يروجون لأنفسهم بالمظلومية وأنهم طلاب علم يريدون نصرة الإسلام، يريدون عودة الخلافة شرط أن تكون في قبضتهم، يوالون من يخدم أغراضهم، يركبون كل مطية، قادرون على الترويج، أعضاؤهم مؤدلجون، وحضورهم متعدد المستوى بدءاً من الشيخ وانتهاء بالمغني، يوظفون أدواتهم لتشويه الخصوم والمخالفين.

&

ما عيوب «الإخوان»؟

&

النزق السياسي، وتغويهم السلطة حتى إن كانت مخادعة، موالاتهم مرحلية، وتقلبهم قائم، يستعينون بالتقية وأن الخداع ضروري لإقامة الخلافة، لا وجود لفرد أو حكومة إن كانا غير عضوين عاملين، السلطة لا تكون إلا لمصري مهما تعددت الأفرع، العلاقة بالخليج في كل وقت وحين نفعية تخدم الهدف الأخير، يجيرون العلم لمصلحتهم عبر تحويل الأطباء والمهندسين إلى دعاة، زعماً أن هذا المسلك يجتذب البسطاء ويؤكد شمولية دعوتهم.

&

ما تقنية «الإخوان»؟

&

الاستعانة بالصغار لأنهم قادرون على تضخيمهم وإبرازهم استناداً إلى إمكاناتهم الإعلامية. أساتذة في إيهام الصغير أنه أصبح كبيراً وأن قامته تطاول الكبار، لذلك يبحثون دوماً عن الثانويين والمهمشين من خارج دائرتهم لاحتضان بذرتهم والاستتار خلفهم حتى لا يتورطوا، فإن نجحت اللعبة كان لهم الكسب، وإن خسرت كانوا في براءة الذئب من دم يوسف. لا يظهرون في الواجهة أبداً إلا حين التمكن، يستولون على القواعد والمنابر فتكون أية قرية يدخلونها هي صوتهم وهم مطلب أهاليها، ينافقون صاحب السلطة إلى أن يجعلوه بوقاً لهم، ويركزون جهدهم على الشباب والتعليم والمرأة، ويتناغمون ظاهرياً مع متطلبات الشعب ويعتنون بشواغله سعياً إلى تحويله أداة لهم باعتبارهم قادته الطبيعيين، ويصطنعون نماذج محلية لتكون هي الواجهة، فلا يظهر غريب أو أجنبي في المشهد حين يتصل الأمر بمطالبات إصلاحية، وينتهكون التعليم فيجعلونه موطناً لكتبهم وتعاليمهم.

&

أبرز إنجازاتهم كانت في الخليج حين استثمروا التشدد السلفي التقليدي وأحالوه إلى نقمة، وأعادوا تفسير النصوص لتكون منطلقاً للتمرد والثورة. صنعوا نجوماً مسرحيين قيمتهم في الخطابة والجماهيرية حتى أصبحت المساجد منصات مسرحية مدارها الجماهيرية والجاذبية، وأسقطوا معنى المواطنة مؤسسين لعولمة دينية مناطها أفكارهم وأطروحاتهم.

&

يدرك «الإخوان» أن حظوظهم في الدول الكبرى محدودة، خصوصاً بعد نكسة الثالث من يوليو، لأن لهذه الدول خططها واستراتيجيتها، فكان لا بد من أن يستثمروا حصيلتهم الهامشية في الصغار لأن لا مدى لهم ولا طموحاً تصنعه الجغرافيا والسياسة إن لم تكن الجماعة هي البوابة والمفتاح. أدركوا أن الصغار تجتذبهم الحلوى والتصفيق، ويغريهم الوقوف إلى جانب الكبار، فاصطنعوا لعبتهم الذكية ليكونوا الوصي على الصغير، والحريصين على حصانته، والحامين لحقوقه من الاستلاب، والمانحين له الحضور العابر والهيبة المصطنعة.

&

«الإخوان» يفتقرون إلى الشجاعة فلا يظهرون وجوههم أبداً، والدليل هو مصر، فرغم أنها بيتهم لنحو 80 عاماً ذابوا فيها كأنهم سحابات تلوث حين تصعقها الشمس، ولعل سجن قياداتهم كان عذراً للعودة إلى التباكي الذي كان ديدنهم منذ أول صدام لهم مع عبدالناصر. لو كان «الإخوان» شجعاناً ما تركوا نبيل العوضي حائراً بلا بلد مع أنه أحد نجومهم وأبرز فرسانهم الذين راهنوا عليهم لإحداث انقلاب في الخليج. لو كان «الإخوان» ثابتين على مبدأ لما اعترضوا على ادّعاء «داعش» الخلافة التي هي حلمهم، بينما لم يستنكروا أي فعل دموي آخر له.

&

«الإخوان» بارعون في صناعة الضحايا والتباكي عليها، وحين ارتد الخليج عليهم لم يجدوا حضناً إلا من ظن أنهم طريق عزه، وبوابة مجده، ووسيلة زيادة قامته.

&

تركيا تستخدم «الإخوان» وتتلاعب بهم كما فعل السادات قبلاً، لكن بعضهم يتوهم أن بريق ألعابهم النارية هي شمس النهار.

&

طوال 80 عاماً كان مآل أنصار «الإخوان» الخسران والسجن والعزل وسحب الجنسية، فهل تستطيع بلدة أن توكل أمرها إليهم ما لم تكن تريد تلة خراب تقف عليها فتظن قامتها طويلة، وأن بصرها امتد واتسع؟
&